تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وعلينا أن نثق بقدرة لغتنا ولا نتهمها بالقصور , فالأمم هي التي تبيد لغتها أو ترفع من شأنها. وأما الذين يفكرون بالحداثة وتطور مفهومها , فما هم إلا أتباع لغيرهم من الغربيين , لأن أبسط مفهوم للحداثة لا يبتعد عن كونها شر واستغلال وعوامل سيئة هابطة مضرة للبشرية , فسلطوا ألسنتهم ضد لغتنا الفصيحة ونسوا غيرها , وكأن لغتنا العربية عاجزة عن تحقيق ما نصبوا إليه من تطور حضاري أو بناء مستقبل.

ولقد حاول مارون النقاش كتابة مسرحيته (البخيل) المترجمة عن (موليير) بلغة حوارية استعمل فيها الفصيحة والعامية , ثم تبعه آخرون لينتهجوا النهج نفسه , لكنهم شعروا بخطورة هذا العمل المسرحي , وأصروا على لزوم لغة حوار مسرحي موحدة , يفهمها كافة الناس , ولغة أخرى بالفصيحة لكتابة القصص والأعمال الأدبية الأخرى , لكنهم ظلوا في حيرة من التوافق بين العامية والفصيحة , وبخاصة عندما دخل لغتنا العربية آلاف المفردات الأجنبية التي يتداولها الناس في لغة الحوار , وحين اكتسبت لغتنا مئات المفردات من لغات الشعوب الأخرى والتي لا نترك مجالاً لتركها.

وليتنا نتناول في حديثنا لغة واحدة موحدة لينضح الناس ما عندهم من ابتكار ومعرفة , لغة موحدة تضم نحونا وصرفنا وتضم مفرداتنا المستحدثة ضمن نطاق اللغة العربية الواحدة , والتي يتحدث بها أكثر من 450 مليون عربي وأجنبي , لأنها لغة مقدسة , فهي لغة القرآن ((("إنا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون))) (الزخرف: 3) وهي لغة الكتب السماوية في بعض الكنائس , إلى أن أصبحت اللغة العربية هويتنا, وهوية ديننا الحنيف , وهي الوعاء الذي به يتم تفاهمنا به , ويتم حوارنا بموجبه.

لقد دخلت اللغة العربية أنظمة الكمبيوتر بفصيح الكلام , وهذا للمحافظة على جوهر لغتنا من التشتت والضياع.

والمبهج حقاً أن المتحدثين باللغة الفصيحة من غير العرب كالصينيين وغيرهم يتقنون التحدث بلغتنا بمهارة تكاد تفوق مهارتنا , وهذا مؤشر واضح على بقاء لغتنا نقية صالحة من الشوائب.

نحن نستطيع التحدث بالعربية الفصيحة فيما بيننا , كلغة تخاطب وتفاهم ولغة حوار نافع , ولكن ستلحقنا سخرية الآخرين من العرب أنفسهم , وكأن المتحدث بالفصحى أمر عجيب , أوكأن لغتنا تولد الرعب والخوف والرهبة , خشية من وقوع الأخطاء اللغوية أمام فلاسفة اللغة بنحوهم وصرفهم , فلا يجرؤ أحد التحدث معهم أو أمامهم.

ولذلك فإنني أنصح الكتاب أن يكتبوا ويكتبوا حتى وإن سخر منهم الآخرون حين يقعون في خطأ نحوي أو إملائي , المهم الممارسة على الكتابة , ليعبر الشخص عن مكنون إبداعه , وعليه أن لا يخشى من أحد , بل عليه بالصمود والثبات والاستمرار في الكتابة بلغة فصيحة بقدر استطاعته , فالذي يسير ميلاً يستطيع أن يصل في النهاية بعد أن يقطع ألف ميل. وأثناء كتابتك لا تفكر في الأخطاء النحوية أو الصرفية , لأنك لو كنت تخشى ذلك فلن تكتب موضوعاً واحداً قط , بل اكتب ثم اكتب ثم اكتب , وبعد الكتابة اقرأ ثم اقرأ ثم اقرأ , وبعدها سيستقيم لسانك وتتحسن كتابتك , واستكثر من كتابتك , وكلما كتبت أكثر كلما زادت أخطاؤك أكثر , ولكن زيادة الأخطاء ليست أهم من الإنتاج المعرفي والإبداعي لبلوغ هدفك وأمنية نفسك , فلا تجعل كلماتك عاجزة عن كشف حقيقتك حتى ولو كانت بالعامية (وضعها بين قوسين).واسخر من الآخرين قبل أن يسخروا منك.

ـ[صَاحِبَةُ الْصَّمْتِ]ــــــــ[17 - 10 - 2010, 10:28 ص]ـ

مقال رائع يُريح الفؤاد ويزيل العثرات والحواجز التي تقف

في طريقنا حينما نود أن نكتب شيئًا!

شكرًا لكم أخي الكريم شكرًا

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير