ـ[محمد الطاسان]ــــــــ[01 Sep 2007, 05:31 ص]ـ
التنبيه الثالث:
أن مما لا يعرفه كثير ممن قلد ابن حزم في تضعيفه للأحاديث الواردة في تحريم الغناء أنه يجريها على أصله في هذا الباب وهو عدم القول بتقوية الأحاديث بالشواهد والمتابعات، فقد نقل الزركشي في النكت على ابن الصلاح: (1/ 322) عنه ما يلي: (ولو بلغت طرق الضعيف ألفاً لا يقوى، ولا يزيد انضمام الضعيف إلى الضعيف إلا ضعفاً) أ. هـ، وتطبيقاته العملية في مؤلفاته خير شاهد، وينظر كتاب " الحديث الحسن لذاته ولغيره ": (5/ 2356 - 2360) للشيخ الدكتور / خالد الدريس. ().
فهل من يقلده ويقول بقوله في هذا الباب يطرده في بقية أبواب العلم؟!!
التنبيه الرابع:إن في معرفة أقسام الغناء، وما قد يصحب هذا الأنواع من ملابسات وأحوال، تساعد في فهم كلام العلماء الكثير حول هذا الموضوع ()، و وضع كلامهم في موضعه، وحمله على محمله الذي ورد فيه، إذ جاء عن بعضهم مثلاً حكاية الإجماع على تحريم قسم من هذه الأقسام، فيظن أن كلامه غير صحيح لأن في المسألة خلافاً، وبضده جاء من أبطل هذا الإجماع ()، أو تجد أحدهم يبيح قسماً من هذه الأقسام وهو صحيح، ويظهر لمن لم يعرف أنواع الغناء وأقسامه أنه يبيح الغناء بجميع صوره وأمثال ذلك.
وفي هذا يقول ابن الجوزي – ’ -: " وقبل أن نتكلم في إباحته، أو تحريمه، أو كراهته، نقول: ينبغي للعاقل أن ينصح لنفسه وإخوانه، ويحذر تلبيس إبليس في إجراء هذا الغناء مجرى الأقسام المتقدمة التي يطلق عليها اسم الغناء، فلا يحمل الكل محملاً واحداً فيقول: قد أباحه فلان وكرهه فلان " ()
لذا فإن للغناء أقسام عديدة، واعتبارات متنوعة، ويمكن حصرها فيما يلي:
أولاً: بالنظر إلى ما يشتمل عليه الغناء من كلام، يكون كالتالي:
لا يخلو الغناء من أن يكون بكلامٍ مباح، بل ربما كان فيه إعانة على فعل الخير والجهاد ().
أو يكون بكلام فيه فحش وتشبب، ودعوة إلى الرذيلة، وما شابه ذلك.
فهذان قسمان من أقسام الغناء من حيث النظر إلى ما يشتمل عليه الكلام المغنى.
ثانياً: من ناحية النظر إلى ما يكون مع الغناء من الآلات والمعازف، فهو لا يخلو من أن يكون معه شيء منها، أولا يكون معه شيء منها، فهذان قسمان وإن كان معه شئٌ منها فلا يخلو من ثلاث حالات:
الأولى: أن يكون غناء معه الدف فقط.
الثانية: أن يكون معه الدف وغيره من آلات المعازف.
الثالثة: أن يكون بآلات المعازف والطرب من غير غناء.
ثالثاً: بالنظر إلى الدافع للغناء وآلات الطرب فهو لا يخلو من ثلاث حالات:
الأولى: أن يكون الدافع للغناء وآلات الطرب، طلب اللهو والترفيه.
الثانية: أن يكون الدافع للغناء وآلات الطرب، قصد القربة لله تعالى، والتدين بذلك.
الثالثة: أن يكون الدافع للغناء وآلات الطرب طلب الاستشفاء والعلاج.
رابعاً: بالنظر إلى جنس المغني من ذكر أو أنثى، وكونه مستمعاً، أو سامعاً فهو أربعة أقسام.
خامساً: وبالنظر إلى ما يترتب عليه من آثار فهو لا يخلو من ثلاثة أحوال:
الأول: أن يترتب عليه ترك طاعة واجبة، أو فعل معصية محرمة.
الثاني: أن يترتب عليه ترك مستحب، أو فعل مكروه.
الثالث: أن لا يترتب عليه شيءٌ من ذلك.
وعدة هذه التقسيمات أحد عشر قسماً على وجه الإجمال، وأكثر من ذلك على وجه التفصيل.
وهذه الأقسام منها ما هو مباح بإجماع، ومنها ما هو محرمٌ بإجماع، ومنها ما قد اختلف فيه.
فأما الغناء المباح بإجماع فهو الغناء بكلامٍ مباح خالٍ من المعازف، وآلات اللهو.
وكذلك من الغناء المباح بإجماع الغناء بكلامٍ مباح مع الدف فقط في الأعراس والأعياد.
وأما المحرم بإجماع فهو الغناء بكلامٍ فيه فحش وتشبب، ودعوة إلى الرذيلة، وما شابه ذلك، سواء أكان ذلك مصحوباً بآلات اللهو والمعازف، أم من دونها.
وكذلك من الغناء المحرم بإجماع ما ترتب عليه فعل معصية أو ترك واجب.
ومن الغناء المحرم بإجماع غناء المرأة الأجنبية عند الرجل الأجنبي عنها، سواء أكان غناؤها مصحوباً بآلات اللهو والمعازف، أم من دونها، وسواء أكان غناؤها عند الأجنبي بكلام مباح، أو بكلام محرم.
قال أبو بكر الطرطوشي: " وأما سماعه من المرأة فكلٌ مجمع على تحريمه " ().
التنبيه الخامس:
¥