تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

بما أن الغناء له أنواع عديدة منها الجائز ومنها المحرم، وبما أنه جاء في موضوع الغناء العديد من الأحاديث والآثار والتي جاء في بعضها الإباحة والرخصة فيه في أوقات مخصوصة، وجاء في مقابلها المنع والتحذير منه فعليه فإنه ينبغي وضع كل حديث أو أثر موضعه اللائق به.

وبعدم مراعاة هذه القاعدة حصل كثير من الخلط والتناقض مما نتج عنه ما يلي:

1) القول بإباحة الغناء بإطلاق.

2) نسبة أقوال للأئمة والعلماء لم تكن مرادة لهم ألبته.

التنبيه السادس:

وهو عدم التفريق بين السماع والاستماع عند الكثير، و التفريق بين السماع والاستماع من الأمور المهمة جداً، وفهمه واستحضاره يعين على فهم كثيرٍ من النصوص، والوقائع العينية ().

والفرق بين السماع والاستماع جليٌ للغاية، فالسماع يكون من غير قصد للإنسان، والثاني بقصد من المستمع وإصغاء ().

يقول ابن قدامة في رده على ابن الحنبلي: " أخطأتم النظر وجهلتم الفرق بين فعل النبي وفعلكم فإن المنقول عن النبي السماع له، وأنتم تفعلون الاستماع والسماع غير الاستماع "

ثم قال: " وأعجب مما عجب منه إمام مدرس مفت لا يفرق بين السماع والاستماع ولا بين الغناء والحداء، ولا بين حكم الصغير والكبير " ().

ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في إيضاح الفرق بين السماع، والاستماع وبأيهما يتعلق الحكم الشرعي: " والأمر والنهي إنما يتعلق بالاستماع، لا بمجرد السماع كما في الرؤية فإنه إنما يتعلق بقصد الرؤية، لا بما يحصل منها بغير الاختيار.

وكذلك في اشتمام الطيب إنما ينهى المحرم عن قصد الشم، فأما إذا لم يقصده فإنه لا شيء عليه، وكذلك في مباشرة المحرمات كالحواس الخمس من السمع، والبصر، والشم، والذوق، واللمس إنما يتعلق الأمر والنهي من ذلك بما للعبد فيه قصد وعمل، وأما ما يحصل بغير اختياره فلا أمر فيه ولا نهي " أ. هـ ().

إذاً ما حصل للمسلم من سماع للأغاني والموسيقى من غير قصد فإنه لا يؤاخذ عليه، ولكن ينبغي له محاولة دفعه ما استطاع، أو أن يكون بمنأىً عنه لكي لا يعلق بقلبه شيءٌ من اللهو والباطل فيعسر عليه دفعه بعد وقوعه في قلبه، والوقاية خير من العلاج.

التنبيه السابع:

حول ما ذكره الشيخ عبد الله الجديع في كتابه: " الموسيقى والغناء في ميزان الإسلام " ص 10 حيث قال: (قضية (الغناء والموسيقى) – موضوع هذا البحث – قضية خلافية، يجب على المتكلم فيها أن يراعي أدب الخلاف، والبحث العلمي يثبت أن الخلاف في مثلها معقول مقبول، لا يوجب حكماً لمخالف على مخالفه، بل كل مختلفين في مثله في حاجة إلى أن يعذر أحدهما الآخر، إذ هي من باب: (رأيي صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب)، وغاية الحسن من المجتهد في هذا المقام أن يكون قد سعى لإصابة الحق بأسبابه، فإن وفق للصواب في علم الله أو لم يوفق، فقد أتى بالممكن له، و لا يكلف الله نفساً إلا وسعها) أ. هـ.

أحب أن أقول أولاً: إن المسائل التي اختلف فيها أهل العلم وتجد لهم فيها أكثر من قول، لا تخلو من أن تكون مسائل خلافية، أو مسائل اجتهادية ولكلٍ منهما أحكام.

و الشيخ عبد الله الجديع قد خلط هنا بين أحكامهما، ولا أدري لماذا؟

ولبيان الفرق بينهما أقول:

إن المسائل الاجتهادية هي المسائل التي ليس فيه نص من الكتاب، أو السنة، أو إجماع، أو فيها نصٌ ولكن متردد بين احتمالين أو أكثر مثال ذلك حينما قال النبي – صلى الله عليه وسلم – للصحابة لا يصلي أحدكم العصر إلا في بني قريضة، حيث اختلف الصحابة حين دخل وقت العصر، فقال بعضهم إنما أراد النبي – صلى الله عليه وسلم – منا الاستعجال في المسير إلى بني قريضة، لا عدم الصلاة إذا دخل وقتها، فصلوا.

وأخذ آخرون بظاهر اللفظ فقالوا: إن النبي – صلى الله عليه وسلم – أمرنا أن لا نصلي العصر إلا في بني قريضة وإن تأخر وقتها فلم يصلوا حتى وصلوا بني قريضة فلما بلغ النبي – صلى الله عليه وسلم –لم ينكر على أحد من الفريقين صنيعه.

ومثله الخلاف في معنى القرء في قوله تعالى: (والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء) أهو الحيض، أم الطهر.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير