تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

* التنبيه الرابع: وَيُجْتَنَبُ قَصْدُ السجع في الدعاء، والبحث عن غرائب الأدعية المسجوعة على حرف واحد. وقد ثبت في «صحيح البخاري» ــ رحمه الله تعالى ــ عن عكرمة عن ابن عباس

ــ رضي الله عنهما ــ أنه قال له: «فانظر السجع في الدعاء، فاجتنبه، فإني عهدت رسول الله

r وأصحابه، لا يفعلون إلا ذلك الاجتناب».

ومن الأدعية المخترعة المسجوعة: «اللهم ارحمنا فوق الأرض، وارحمنا تحت الأرض، وارحمنا يوم العرض». ولا يرد على ذلك ما جاء في بعض الأدعية النبوية من ألفاظ مُتَوَاليَة، فهي غير مقصودة، ولا متكلفة؛ ولهذا فهي في غاية الانسجام.

* التنبيه الخامس: ويُجْتَنَبُ اختراع أدعية، فيها تفصيل أو تشقيق في العبارة؛ لما تُحْدِثُهُ من تحريك العواطف، وإزعاج الأعضاء، والبكاء، والشهيق، والضجيج، والصَّعَق، إلى غير ذلك مما يُحْدُثُ لبعض الناس حَسَبَ أحوالهم، وقُدُرَاتِهِم، وطاقاتهم، قُوَّةٌ، وَضَعْفاً.

ومنه: تضمين الاستعاذة بالله من عذاب القبر، ومن أهوال يوم القيامة، أوصافاً وتفصيلات، ورص كلمات مترادفات، يُخْرجُ عن مقصود الاستعاذة، والدعاء، إلى الوعظ، والتخويف، والترهيب.

وكل هذا خروج عن حد المشروع، واعتداء على الدعاء المشروع، وهجر له، واستدراك عليه، وأخشى أن تكون ظاهرة ملل، وربما كان له حكم الكلام المتعمد غير المشروع في الصلاة فيُبْطِلُها.

* التنبيه السادس: ويُجْتَنَبُ التطويل بما يشق على المأمومين، ويزيد أضعافاً على الدعاء الوارد، فيحصل من

المشقة، واستنكار القلوب، وفتور المأمومين، مما يؤدي إلى خطر عظيم، يُخْشى على الإمام أن

يلحقه منه إثم.

وقد اختلفت الرواية عن الإمام أحمد ــ رحمه الله تعالى ــ في مقدار القنوت في الوتر على ثلاث روايات:

1ــ بقدر سورة: (إذا السماء انشقت).

2ــ بقد دعاء عمر ــ t ــ ويأتي.

3ــ كيف شاء.

لكن إذا كان القانت إماماً فلا يختلفون في منع التطويل الذي يشق بالمأمومين.

وإذا كان النبي r قال لمعاذ ــ t ــ لما أطال في صلاة الفريضة: «أفتان أنت يامعاذ؟» فكيف في هذه الحال؟!

ولهذا جاء في تفسير قول الله تعالى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [الأعراف:55]. أي المتجاوزين ما أمروا به في الدعاء وغيره، ومنه: الإسهاب فيه؛ ولهذا كان بعض العلماء لا يزيد على كلمات معدودات في الدعاء، يدعو بها بلسان الذلة والافتقار لا بلسان الفصاحة والانطلاق، وأن الإسهاب من جملة الاعتداء، يشهد لذلك آخر سورة البقرة: {رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} الآية، فإن الله ــ سبحانه ــ

لم يخبر في موضع من أدعية عباده بأكثر من ذلك وقد جمعت صيغتي الإيجاب والنفي، واستوعبت جميع ما يحتاج إليه العبد في دنياه وآخرته (1).

* التنبيه السابع:

ويُجْتَنَبُ إيراد أدعية تُخْرُجُ مَخْرَجَ الدعاء، لكن فيها إدْلاَلٌ على الله ــ تعالى ــ حتى إنك

لتسمع بعضهم في أول ليلة من رمضان يدعو قائلاً: «اللهم تقبل منا صيامنا وقيامنا» وقد يدعو بذلك في آخر رمضان، ولا يقرنه بقوله: «وتجاوز اللهم عن تقصيرنا، وتفريطنا».

* التنبيه الثامن: وَيُتْرَكُ زيادة ألفاظ لا حاجة إليها، في مثل قول الداعي: «اللهم انصر المجاهدين في سبيلك» فيزيد: «في كل مكان» أو يزيد: «فوق كل أرض وتحت كل سماء» ونحو ذلك من زيادة ألفاظٍ لا محل لها، بل بعضها قد يحتمل معنى مرفوضاً شرعاً.

ومن الألفاظ المولَّدة لفظة: «الشَّعْب» في الدعاء المخترع: «واجعلهم رحمة لشعوبهم ... ».

وهو من إطلاقات اليهود من أنهم: «شعب الله المختار».

ولا يلتبس عليك هذا بلفظ: «الشعب» في باب النسب، فلكل منهما مقام معلوم.

ومن الدعاء بأساليب الصحافة والإعلام، قول بعض الداعين للأمة الإسلامية: «وهي تَرْفُلُ في ثوب الصحة والعافية» فمادة: «رَفَلَ» مدارها على التبختر، والخيلاء، فانظر كيف يحصل الدعاء بأن تقابل النعمة بالمعصية؟

وهكذا يفعل تجاوز السُّنن، وهجر التفتيش بكتب لسان العرب.

* التنبيه التاسع: ولا يأتي الإمام بأدعية لها صفة العموم، بل تكون خاصة بحال ضُرًّ، أو نُصْرَةٍ، ونحو ذلك.

ومنه الدعاء بدعاء نبي الله موسى ــ عليه السلام ــ في سورة طه/25ــ35 إلى قوله: {وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي} إلى آخر الآيات.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير