تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ومنه دعاء الإمام بمن معه: «اللهم أحينا ما كانت الحياة خيراً لنا، وتوفنا إذا كانت الوفاة خيراً لنا».

لما ثبت في الصحيحين من حديث أنس ــ t ــ قال: قال النبي r: « لا يتمنين أحدكم الموت من ضر أصابه، فإن كان لابد فاعلاً، فليقل: «اللهم احيني ... » الحديث.

وعليه ترجم النووي ــ رحمه الله تعالى ــ في «الأذكار» بقوله: «باب كراهية تمني الموت لضر نزل بالإنسان وجوزاه إذا خاف فتنة في دينه».

وما ورد بنحوه مطلقاً، محمول على هذا المقيد.

* التنبيه العاشر: ليس من حق الإمام أن يُرَاغِمَ المأمومين، ولا أن يُضَارَّهم بوقوف طويل يشق عليهم، ويُؤمَّنُوْنَ معه على دعاء مخترع لم يرد عن النبي r أو يكونوا في شك من مشروعيته، وبينما هو في حال التغريد والانبساط فهم في غاية التحرج والانزعاج.

خير الأمور الوسط الوسيط وشرها الإفراطُ والتفريط

ولو سمع بعض الأئمة ما يكون من بعض المأمومين بعد السلام من تألم، وشكوى من التطويل، وأدعية يؤمن عليها ولا يعرفها، وتستنكرها القلوب؛ لرجع إلى السنة من فوره.

فيجب على من وفقه الله وأمَّ الناس في الصلاة، أن يتقيد بالسنة، وأن لا يُوَظَّفَ مزاجه،

واجتهاداته، مع قصور أهليته، وأن يستحضر رهبة الموقف من أنه بين يدي الله ــ تعالى ــ وفي

مناجاته، وأنه في مقام القُدْوةِ، وَتَلَقُّن المسلمين للقنوت المشروع، ونشره، وتوارثهم له.

وكان دأب العلماء الاقتصاد في الدعاء (1)، ويرون الإسهاب فيه من جملة الاعتداء، ويشهد

لذلك آخر سورة البقرة: {رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} الآية، فإن الله سبحانه

لم يخبر في موضع من أدعية عبادة بأكثر من ذلك، كما تقدم بيانه في: «التنبيه السادس».

ومن استحضر هذه المعاني في قلبه، لم يقع في شيء من ذلك، نسأل الله ــ سبحانه ــ البصيرة في دينه، وأن لا يجعله ملتبساً علينا فَنَضِل.

كما يجب على المأموم إحسان الظن بإمامه في الصلاة، وأن يتحلى بالتحمل، وأن لا يبادر إلى الاستنكار إلا بعد التأكد من أهل العلم الهداة، ومن ثم يكون تبادل النصيحة بالرفق واللين، والبعد كل البعد عن التشنيع، وإلحاق الأذى به، ومن فعل فقد احتمل إثماً.

وقد لوحظ أن بعض المأمومين لا يتابع الإمام برفع اليدين للدعاء والتأمين، وهذه مشاقة وحرمان.

* التنبيه الحادي عشر: لا يُعْرَفُ في سُنَّة القنوت استفتاحه بغير ما ذكر في «المطلب الأول» من «المبحث الأول» من تعليم النبي r ــ لسبطه الحسن ــ t ــ: «اللهم اهدنا ... » وما ثبت عن أمير المؤمنين عمر ــ t ــ: «اللهم إنا نستعينك ... ».

والصلاة كلها حمد وثناء على الله تبارك وتعالى، ودعاء القنوت بعد الرفع من الركوع بعد الحمد في قول المصلي: «اللهم ربنا ولك الحمد ... ». لهذا فلم أر في المأثور، ولم أسمع فيما جرى عليه العمل، أن المصلي يجلب أنواعاً من المحامد يستفتح بها دعاء القنوت في صلاة الوتر، ولم أُحِسُّ لهذا بأثر ولا أثارة إلا من بعض الأئمة بعد عام 1400، والاستدلال له بحديث فضالة بن عبيد ــ t ــ وهو من إقامة الدليل على غير موضعه، فلا يستدل به هنا، كما هو ظاهر.

والله أعلم.

ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[13 Oct 2007, 01:41 م]ـ

الاعتداء في الدعاء

5ـ قول بعضهم (اللهم عليك باليهود ومن هاودهم). [/ color]

قال الفيروز آبادي في القاموس المحيط ص420:المهاودة: الموادعة والمصالحة والممايلة، والهوادة: اللين وما يرجى به الصلاح والرخصة.ا, هـ.

قلت: وهذه من عظيم الرزايا أن يدعو بعضهم بمثل هذا الدعاء ولا يعلم معناه لا من جهة اللغة ولا حكمه وما يترتب عليه من جهة الشرع، وهذه مصيبة البعض أن يردد أدعية لا يفقه معناها.

* وقد سئل العلامة الفوزان: ما حكم قول بعض خطباء المساجد في نهاية الخطبة: (اللهم عليك باليهود ومن هاودهم). ألا يدخل في ذلك النبي صلى الله عليه وسلم؟ لأنه قد هاود اليهود ووادعهم، فهل هذا اعتداء في الدعاء؟

ج: نعم، (هاودهم) هذه الكلمة معناها المصالحة، هاود معناه المصالحة، واليهود يجوز الصلح معهم، إذا كان فيه مصلحة للمسلمين، يجوز الصلح معهم كما صالحهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة، وكما صالح قريشاً في الحديبية، الصلح إذا كان من مصلحة المسلمين فإن الكفار يُصالَحون لأجل مصلحة المسلمين، هذا هو الحقّ، أما كلمة (هادوهم) معناه أنّ الرسول يدخل في هذا، وسبق أني نبهت واحداً على هذه اللفظة، لكنه لم يتجنّبها هداه الله. (شريط (4) وجه (ب) من شرح الحموية 4/ 11/1424هـ).

قلت: بل ويشمل هذا الدعاء كل حُكام المسلمين الذين صالحوا اليهود قديما وحديثا، فتأمل أيها اللبيب.

[ color=#0000FF]

هذا الكلام المذكور فيه نظر:

وجهه:

أنه حمل "ال" في كلمة "يهود" على الجنس؛ فجعلها للعموم.

والصواب هنا: أنها للعهد لا للجنس فلا تفيد العموم؛ وليت الأخ رجع لكلام الأصوليين في باب العام ونظر في معاني "ال" ومتى تفيد العموم وشرط ذلك.

ومما هو بين ظاهر: أن الداعي لا يريد إلا دولة يهود هذه، ولم يخطر في باله اليهود قبل مائة عام فضلا عن حيي بن أخطب وبيني قومه في وقته.

وحمل كلام المتكلم على مراده: متعين.

ثم من معاني المهاودة المنقول في الكلام السابق: الممايلة وغيرها، ويهود الآن في حال حرب مع المسلمين فالداعي يريد من يعينهم على المسلمين كأمريكا ومن وقف في صفها وأعان يهود على إخواننا، هذا المتبادر، ومراد الداعي ينبغي أن يعرف منه لا أن يحمل كلامه على معنى من المعاني لم يخطر بباله ثم يحاكم عليه!

كما فعل الشيخ وفقه الله حين جعل المعنى "المصالحة" ثم جعل اللام "للجنس" ثم تغليط الداعي.

ثم أتى هذا الأخ وجهّل الداعي وجعلها من الرزايا في حين أنه هو الذي لم يفهم معاناها ومدلوها لا من دعى بها!

ولا يحسن تغليط الناس في مثل هذه الأدعية المنتشرة بمثل هذا العجالات من النقول من غير تأمل ونظر في معاني الكلام ومدلولاته.

والله أعلم.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير