آفته أنه " دقة قديمة " فهو دقيق جادّ تراثي، لا يزال يحب الخط الكلاسيكي، ويهتم بلوحات الثلث " العفيّة " التي يكتبها حامد الآمدي وحسن جلبي وغيرهما .. ولا يعرف جلا جلا .. ولا يخرج من قبعته أرانب، لذلك فإن قضيته خافتة، حتى عن المعنيين بعلوم القرآن ودراساته!!
إنه يا سادتي - أساتذة علوم القرآن قد امتلك - فعلاً - ما لا تملكون، وأكمل نقصًا أنتم في حاجة إليه .. أعانته على ذلك معرفته باللغات الأوروبية، ثم العشق المستبد لهذه القضية.
لقد قامت دول بطبع القرآن الكريم - وبعض الترجمات - تبركًا أو استعراضًا أو إثبات حالة، وبعضها - كالمملكة العربية السعودية - أقامت مشروعًا ضخمًا كمجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، الذي يصفه الدكتور المعايرجي بأنه أعظم مشروع دعوي في القرن العشرين (طبع منه نحو مائتي مليون نسخة من المصحف حتى الآن بحسب تقديراتي) ..
فهل تعجز دولة إسلامية أن تتبنى المشروع الذي عاش المعايرجي عمره من أجله؟
ثم أليس أولى الناس بذلك قطر التي أعطاها من عمره إحدى وأربعين سنة، منذ دخلها شابًا نحو سنة 1956م - وهو في مقتبل شبابه - حتى بارك الله في حياته فجاوز السبعين؟!
إنها دعوة لوزارة الأوقاف ألا تُفلت من يدها مشروع الهيئة العالمية للقرآن الكريم، وألا تفلت مكتبة المعايرجي النادرة.
ودعوة للمتخصصين في القرآن الكريم وعلومه أن ينتبهوا قليلاً لهذا الجهد الذي دام ثلاثة عقود، غير مسبوق ولا مشكور.
ودعوة للأمة العربية أن تقدر أعلامها - الجادين - وتكرمهم، وترعى جهدهم، خصوصًا أولئك الذين عملوا في هدوء، وحرصوا على أن يفعلوا أكثر مما يقولون، ويعطوا أكثر مما يأخذون، ويصمتوا أكثر مما يضجون.
يا عميد كلية الشريعة .. يا وزارة الأوقاف .. يأيها المعنيون بالعلم الشرعي .. يا مجمع الملك فهد، يا فنار: ترحموا عليه ولا تهملوا مكتبته فإنكم أحوج ما تكونون إليها.
ألا هل بلغت؟ اللهم فاشهد.
ـ[عبدالعزيز الداخل]ــــــــ[16 Feb 2008, 11:47 م]ـ
هذا الموضوع ينبغي أن يطرق كثيراً حتى تصل الرسالة المرادة منه
وأحب أن أذكر من يعنيه الأمر ببعض النقاط كتبتها على عجالة، وهي خلاصة عصارة الذهن من تجربة دامت قريباً أو أكثر من عشر سنوات في العمل العلمي المؤسسي، ووراء كل جملة ما وراءها.
1: استشعار شباب الأمة لأهمية العمل المؤسسي مؤشر إيجابي كنا نفتقده من زمن.
2: العمل المؤسسي الجماعي مهم جداً، وحاجة الأمة له ماسة فالأعمال الفردية لم تعد وافية باحتياجات الأمة.
3: الأعمال المؤسسية التي تحتاجها الأمة كثيرة ومتنوعة.
4: من المشكلات التي يواجهها من يضطلع بالعمل المؤسسي أنه يجد التشجيع والإعجاب والثناء بادئ الأمر وكذلك الوعد بالمؤازرة والمناصرة مما يزيد من قناعته بمشروعه فيحمِّلُ نفسه ما لا تطيق، ثم يخذله أصحاب تلك الوعود، فيبقى يكافح سنوات عدة حتى يستعيد توازنه أو ربما يصيبه ما أصاب أخونا رحمه الله وكتب له أجر ما نوى وزاده من فضله وبركاته.
ومنهم: من يجد التثبيط والتحطيم والاحتقار حسداً وبغياً ممن حوله حتى يشككونه في مشروعه ويوحون له بقلة نفعه وجدواه، فإنْ تأثر بما يقولون انقطع وسقط في أول اختبار، وإن بدأ على قناعة تامة، ولم يجد من يعينه لم يتمكن من تنفيذ مشروعه.
وأذكر أبياتاً لي قديمة أول ما بدأت العمل المؤسسي قلت فيها:
أرقت وحُقَّ لمثلي الأرَقْ = وهل يطعم النومَ جفن خفقْ
وهل طائب عيش ذي همة = يظل يكابد فيها الحُرَقْ
يرى كل يوم له مسلكاً = إذا حثَّ فيه المطايا افترقْ
وفي كل فنٍّ له مطلبٌ = حقيقٌ بأن يُشترى بالعُلَقْ
ودون الذي يرتجي لُجَّةٌ = يخاف إذا ما أتاها الغرقْ
فأعيا وحارَ لها قلبُه = كما حارَ في الجفنِ ماءُ الحَدَقْ
ومن رام أمراً بلا بلغةٍ = تفتَّقَ من أمرِهِ ما رَتَقْ
ولكن رجائي بفضل إلهي = عظيم يفلق هامَ الفَرَقْ
ومن كان ربي معيناً له = كفاه وأغناه عمَّّن خَلَقْ
وبوَّأهُ صِدْقَ موعودِه = كذلك يعطى المنى من صدق
5: فلذلك فإني أوصي من أحب أن يضطلع بعمل مؤسسي أن يبدأ بما يستطيع وينظم عمله وأن يستشير من يثق بهم من أهل الود والنصح والخبرة حتى لا يؤتى من قِبَل عدم نضج الفكرة، وليقسم عمله على مراحل، ولا يبدأنَّ بمرحلة وهو غير مستعد لها استعداداً تاماً.
¥