ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[25 Mar 2008, 02:00 ص]ـ
أشعر بالحرج لأنني بين أمرين:
- فإما أن أستمر في هذا الحوار، ولي من النفس الطويل ما والرغبة في الحديث فيه ما قد يشعر معه القارئ بحصول مراء في الأمر، وأنا أنزه نفسي وإخواني عن الوقوع في المراء، ولو كان أحدنا محقا.
- أو لا أتكلم فيظن أنني حرت جوابا.
لذا فاسمحوا لي أن أعلق على بعض الأمور، متجاوزا عن البعض الآخر.
وقد استوقفني تعليق أخوي: يسري والمجلسي. أما ما نقله أبو بنان عن كلام الكاتب المغمور، فلا يستحق الرد، لسببين: أولهما عدم معرفة كاتبه، وثانيهما البعد عن أدب الإسلام في الحديث عن الشيخ القرني، واتهامه بعدم الجدية في كل ما يقول.
[ QUOTE= يسري خضر;53160]
] لقد ذكرني مقال الشيخ الجليل عائض القرني وما كتب عنه من تعليقات خاصة ما كتبه الدكتور الفاضل / محمد موسى الشريف حفظهما الله [/ size] برأي الشيخ البهي الخولى رحمه الله في هذا الموضوع فأحببت أن أقدمه بين يدي القراء الكرام ... [ QUOTE/]
أخي د. يسري،
قبل معايشتي للغرب، كنت متأثرا نسبيا بمثل هذه المقولات التي ملأت كتابات المسلمين عن الغرب في القرن العشرين.
أما الآن فأزعم أنني أصبحت وقافا عند مثل هذه المقولات في تقييم عيوب الغرب، وإبراز مزايا مجتمعاتنا المسلمة (وأنا أميز هنا بين الإسلام وبين مجتمعاتنا الإسلامية).
أخي الكريم، ليس من رأى كمن سمع. ومن أقبح الأمور إلى نفسي أن أظلم أحدا بقول أو (حتى شعور قلبي) فضلا عن أن أظلمه بفعل. والغرب له عيوبه الكثيرة، وله انحرافاته الشديدة. غير أن هذا لا يمنع من أن نتحدث عن فضائله، وهي ليست شكلية كما يدعي بعض علمائنا، بل هي جوهرية بنسب متفاوتة من بلد غربي لآخر (إذ من الظلم الشديد اعتبار الغرب: جسما أو كيانا واحدا يمكن اختزال الأحكام لتنطبق على جميع مكوناته).
ومن أراد القول بشكلية فضائل الغرب، يتوجب عليه الاعتراف، في المقابل، بشكلية تجسد قيم الإسلام في مجتمعاتنا المسلمة.
وعجيب أن يغفل بعضنا عن أن (الحلم بالتحلم) وأن ما يتكلفه الإنسان من سلوكيات طيبة، تصبح بمرور الوقت خلقا من الأخلاق.
هناك في الغرب، ولا شك، منافقون ومعادون للإسلام والمسلمين. ولكن ليس جميع الغرب كذلك، حتى المعادون منهم ليسوا سواء.
ألا يمكن أن نتفق على ذلك؟ أليس هذا من منهج القرآن في الحديث عن الآخرين؟
إن كان هناك من أناس في الغرب يمكن اتهامهم بالنفاق والخداع، فيمكن أن نقول إنهم ينتمون:
- إلى الطبقة السياسية
- وإلى الطبقة الاقتصادية المتغولة
- وقطاع الإعلام الخاضع لهاتين الطبقتين
- ونخبة قليلة من علماء الاجتماع والاقتصاد (والعلوم الإنسانية بصفة عامة) ذات المصالح المشتركة مع أهل السياسة والاقتصاد
غير أن المجتمع الغربي ليس كله طبقة سياسية أو طبقة اقتصادية متغولة!!
كل هؤلاء -مجموعين- قد لا يتجاوز عددهم 20% من مكونات المجتمع الغربي.
وحتى هؤلاء لا يجوز بأي حال اتهامهم جميعا بالنفاق والأخلاق الشكلية. ومن يدعي ذلك فهو ظالم، والله لا يحب الظالمين.
صحيح أن كثيرا من شرائح المجتمع الغربي تحكم بمعيارين مختلفين: معيار داخلي (متفق عليه) يسعى لأن يكون عادلا ونزيها، ومعيار خارجي (غير متفق عليه) قائم على تحديد المصلحة القومية. غير أن الواقع الاجتماعي ومخالطة القوم يكشفان بصدق عن وجود شريحة اجتماعية واسعة (بعضها صامت وبعضها متكلم) نزيهة وعادلة مع قضايا الشعوب الأخرى، وتكره الظلم، وتمارس سلوكيات فاضلة ولها مبادئ أخلاقية لا تختلف عما يدعو إليه الإسلام. وهي لا تنافق في ذلك، ولا تتجمل، بل تفعله عن اقتناع تام. ومنهم أناس ينتمون إلى اليسار الرافض (أو المعادي) للتغول الرأسمالي، ومنهم أناس ينتمون إلى بعض الكنائس المسيحية، وبعضهم لادينيون. وقد أتيحت لي فرص كثيرة للتعامل مع هذه الأطياف في سياقات مختلفة، وأزعم أنهم نزهاء وموضوعيون في التعامل مع المسلمين وقضاياهم. ولا يسمح الوقت ولا المجال لاستعراض التفاصيل.
من ناحية أخرى: لقد طرحت في تعليقاتي السابقة نقاطا منهجية لم يعلق عليها أحد. وقدمت لكلامي بآيات وأحاديث عن العدل حتى مع الأعداء، ووالله إن مثلي ليعجب لمن يقرأ هذه الآيات ثم لا يقف عندها قبل الحيدث في ما نحن بصدده.
============
أما كلام أخي المجلسي، ففيه جانبان:
1 - جانب أول شعرت فيه بأنه يعرّض بتهذيب إخوانه ويعتبره نوعا من الانهزامية والوقوع تحت ضغط الواقع. وتحسس لي بعض المداخلات السابقة وأقوالي فيها. ووددت لو لم يزل قلمه في أمر كهذا ... ولكن: صبر جميل.
2 - وأما عن الواقع وضغطه: ففيه تفصيل قد لا أجد متسعا من الوقت لتحريره، غير أنني أقول بعجالة:
1 - الواقع عامل من العوامل التي يجب أخذها بعين الاعتبار عند الحديث. ولا أظن أخي جاهلا بهذا الأمر.
2 - أما الحديث عن ضغط الواقع لقول ما لا يقال، أو لعدم قول ما يجب قوله، فأزعم أن حيز الحرية الموجودة في الغرب أكبر من حيز الحرية في بلداننا العربية. ولا أود الإطالة في هذا الموضوع، رغم كثرة الأمثلة التي تزدحم في خاطري، وليس مجالها في هذا المنتدى.
ولكن، أكتفي بالقول: من رغب في فهم أعمق لمفهوم الحرية ومدى أهميتها في تحقيق الموضوعية في التفكير والتعبير، وهل علماء المسلمين في بلاد العرب بمعزل عن الإكراه أو ضغط الواقع، أم لا ... فله أن يقرأ كتاب الدكتور عبد المجيد النجار: (دور حرية الرأي في الوحدة الفكرية بين المسلمين)، وفيه كلام نفيس عن النقاط التالية:
- حرية الرأي وشمول النظر
- حرية الرأي ومنهجية التوحيد
- حرية الرأي والواقعية
- حرية الرأي والمنهج النقدي
- حرية الرأي والموضوعية
ولعل من يقرأ هذه الفصول من الكتاب، سيفهم حقا أي الموقفين متأثر بضغط الواقع.
3 - وأما الحديث عن مخالطة الكفار والحياة في بلادهم الكفر، فهذا موضوع طرحه قبلك أحد الإخوة في هذا المنتدى، ولم أرغب في الحديث عنه. ولم أغير موقفي.
¥