تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

حَتَّى كَانَ مِنْ آخِرِهَا وأنْفَعِهَا وأوْسَعِهَا: المَشْرُوْعُ القَيِّمِ، الجَامِعُ لعَلُوْمِ وكُتُبِ ابنِ القَيِّمِ، وذَلِكَ بإخْرَاجِ تُرَاثِ مَعْلَمَةِ ابنِ القَيِّمِ العِلْمِيِّةِ، وتَقْرِيْبُهَا لعَامَّةِ المُسْلِمِيْنَ؛ حَيْثُ قَامَ رَحِمَهُ الله بفِكْرَةِ إخْرَاجِ المَعْلَمَةِ القَيِّمَةِ لمَجَامِيْعِ عُلُوْمِ ابنِ القَيِّمِ وآثَارِهِ العِلْمِيَّةِ، وذَلِكَ تَحْتَ إشْرَافِهِ، فعِنْدَهَا خَرَجَتْ طَلائِعُ كُتُبِ ابنِ القَيِّمِ في مَجْمُوْعَاتٍ مُتَتَابِعَةٍ، بَعْدَ تَنْضِيْدِهَا ومُرَاجَعَتِهَا، وإخْرَاجِهَا بتَحْقِيْقَاتٍ عِلْمِيَّةٍ، وطَبَعَاتٍ قِيَّمِةٍ، وبأسْعَارٍ زَهِيْدَةٍ. وقَدْ خَرَجَ مِنْهَا حَتَّى سَاعَتِي هَذِهِ مَجْمُوْعَتَانِ في ثَمانِيَةَ عَشَرَ مُجلَّدًا، فَجَزَاهُ الله عَنْ ابنِ القَيِّمِ والمُسْلِمِيْنَ خَيْرَ الجَزَاءِ!

? وهَكَذَا اعْتَنَى شَيْخُنَا رَحِمَهُ الله بعُلُوْمَ ابنِ قَيِّمِ الجَوْزِيَّةِ رَحِمَهُ الله، عِنَايَةً فَائِقَةً لَيْسَ لهَا نَظِيْرُ فِيْمَا سَبَقَ، بَلْ إخَالُكَ تَجْزِمُ قَطْعًا أنَّ أحَدًا لم يَخْدِمْ كُتُبَ وعُلُوْمَ ابنِ القَيِّمِ مِثْلَما خَدَمَهَا وقَرَّبَها شَيْخُنَا بَكْرٌ رِحِمَهُ الله!

بَلْ إذَا قِيْلَ: إنَّ ابنَ القَيِّمِ رَحِمَهُ الله كَانَ مِنْ أبَرِّ طُلابِ شَيْخِ الإسْلامِ ابنِ تَيْمِيَّة في عُلُوْمِهِ، فَلا جَرَمَ أنَّ أبرَّ النَّاسِ بابنِ القَيِّمِ بَعْدَ مَوْتِهِ مَا كَانَ مِنْ شَيْخِنَا بَكْرٍ أبو زَيْدٍ، فعِنْدَهَا كَانَ حَقًّا أنْ يُلَقَّبَ شَيْخُنَا رَحِمَهُ الله: بابنِ القَيِّمِ الصَّغِيْرِ!

ومِنَ الإدْلالِ هُنَا؛ إذَا قِيْلَ: إنَّ أحَدًا لَيْسَ لَهُ حَسَنَةٌ على الإمَامِ الشَّافِعِي رَحِمَهُ الله، إلاَّ مَا كَانَ منْ البَيْهَقِيِّ، فَكَذَا القَوْلُ هُنَا: لَيْسَ لأحَدٍ حَسَنَةٌ على الإمامِ ابنِ القَيِّمِ، إلاَّ مَا كَانَ مِنْ شَيْخِنَا رَحِمَهُ الله تَعَالى.

* * *

ثُمَّ اعْلَمْ أنَّ النَّسَبَ ثَلاثَةٌ: نِسْبَةُ طِيْنٍ، ونِسْبَةُ دِيْنٍ، ونِسْبَةُ عِلْمٍ، فَأمَّا الطِّيْنِيَّةُ فَلِلأبَوَيْنِ، وأمَّا الدِّيْنِيَّةُ فللمُؤمِنِيْنَ، وأمَّا العِلْمِيَّةِ فلأهْلِ العِلْمِ، فَكَانَ والحَالَةُ هَذِهِ أنْ حَازَ شَيْخُنَا مِنْ شَيْخِهِ ابنِ القَيِّمِ نِسْبَتَيْنِ: نِسْببَةً دِيْنِيَّةً وعِلْمِيَّةً، فَلْيَهْنَأكَ النِّسْبَةَ أبَا عَبْدِ الله، وجمَعَكَ بشَيْخِكَ في عِلِّيْيِنَ، مَعَ العُلَماءِ الرَّبَّانِيِّينَ!

* * *

? وأمَّا كُتُبُ ابنِ القَيِّمِ الصَّغِيْرِ، فكَثِيرَةٌ جِدًّا، قَدَ مَضَى بَعْضُهَا، وبَقِيَ بَعْضٌ، فمِنْهَا (لا كُلُّهَا):

? كِتَابُ «تَصْنِيْفِ النَّاسِ بَيْنَ الظَّنِّ واليَقِيْنِ»، وقَدْ مَرَّ مَعَنَا.

? وكَذَا كِتَابُ «المَدْخَلِ المُفَصَّلِ إلى مَذْهَبِ الإمَامِ أحمَدَ بنِ حَنْبَلٍ» في مُجَلَّدَيْنِ كَبِيْريْنِ، ويُعَدُّ هَذَا الكِتَابُ مِنْ أنْفَعِ كُتُبِ شَيْخِنَا رَحِمَهُ الله؛ حَيْثُ جَمَعَ شَتَاتَ مُتَفَرِّقَاتِ كُتُبِ المَذْهَبِ الحَنْبَليِّ وأعْلامِهِ في حُسْنِ تَألِيْفٍ وتِقْسِيْمٍ، وجَوْدَةِ تَرْكِيْبٍ وتَرْقِيْمٍ، وكَذَا تَحْرِيْرٍ وتَقْوِيْمٍ، وسَبْكٍ لم يُسْبَقْ إلَيْهِ، وجَمْعٍ مَا سُبِقَ عَلَيْهِ.

فَهُو عُمْدَةُ الحَنَابِلَةِ في هَذَا العَصْرِ، وبِهِ جَمُلَ المَذْهَبُ وزَانَ، وتمَهَّدَ طَرِيْقُهُ ولاَنَ، وكُلُّ مْنَ ألَّفَ في هَذَا الفَنِّ فَهُمْ عِيَالٌ عَلَيْهِ، ومَعَ هَذَا ففِيْهُ بَعْضُ فَوَائِتٌ مُسْتَدْرَكَةٌ!

? ولَهُ أيْضًا كِتَابُ «مُعْجَمِ المَنَاهِي اللَّفْظِيَّةِ» في مُجْلَدٍ كَبِيْرٍ، وهُوَ كِتَابٌ بَدِيْعٌ نَافِعٌ، ومُحرَّرٌ جَامِعٌ، ولَهُ فِيْهِ تَرْتِيْبٌ وتَبْوِيْبٌ، على طَرِيْقَةِ المَعَاجِمِ اللُّغَوِيَّةِ، وفِيْهَ تَقْيِدَاتٌ وانْتِقَاءَاتٌ قَوِيَّةٌ، لم يَسْبِقْهُ إلَيْهِ أحَدٌ فِيْما أعْلَمُ؛ حَيْثُ جَمَعَ فِيْهِ وأوْعَى، وأفَادَ فِيْهِ وأشْفَى، وفَاتَهُ شَيء كَثِيرٌ، وقَدْ رَأيْتُ مَنِ اسْتَدْرَكَهُ مُؤخَّرًا في مُجَلَّدٍ مُتَوَسِّطٍ قِيِّمٍ!

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير