تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وتندر، فكلنا محل قابل للابتلاء، فليس للمبتلى بمرض أو تشوه، بقدر الرب جل وعلا الكوني النافذ ذنب يلام عليه، فما جرى عليه مصيبة قدرية لا معيبة شرعية توجب هجره وتوبيخه، فذلك مما يزيد معاناته، ويجعل للوساوس عليه سلطانا، ولو نظر أحدنا إلى جثمانٍ بعد دفنه بأيام ورأى من فساده وتغيرهما ما رأى، أو نظر حتى إلى وجهه بعد استيقاظه من النوم وقد علاه ما علاه من آثار رقدة ساعات لهان عليه الأمر، فإن الأجساد إلى تغير مهما سلمت من الآفات.

والشاهد أن لقاء فرنسا مع جنوب المتوسط على أرضها أيام الفتح المجيد وإيابا أيام الاحتلال البغيض يظهر بوضوح من أصحاب الحضارة الحقيقية: الشرق المسلم أو الغرب النصراني الذي فتن بمدنية أصولها إسلامية، بل وكثير من العقول التي تساهم في تطويرها في زماننا: عقول من الشرق المسلم الذي يعاني تخلفا مدنيا جعله فتنة لنفسه وفتنة لغيره في زمن معيار النجاح الأوحد فيه: التقدم التكنولوجي وإن صاحبه ترد في الأديان والأخلاق كما هو حال الحضارة الغربية المعاصرة.

وقد فشلت فرنسا إنسانيا في الجزائر، فلم تنجح 130 سنة من الاحتلال في طمس الهوية الإسلامية الجزائرية، وإن نال البلاد حظ من التغريب لم تسلم منه أي دولة تعرضت للاحتلال، فنسبة الإسلام فيها تقارب 99,99 % فلا وجود لأقلية مؤثرة إلا أقلية نصرانية حادثة لا أصل لها، وإنما هي وليدة الظرف الإنساني الحرج الذي تعاني منه دول المنطقة في الآونة الأخيرة، فتحت ضغط الفقر وإغراء المادة وضعف الوازع الديني تنشأ تلك الأقليات فليس عند النصارى أي تصور فكري راق يغري ذوي العقول بانتحال مقالتهم التي تمجها العقول السليمة والفطر السوية، والبلاد، كما حدثني بعض الفضلاء من جيراننا ممن أتيحت لهم فرصة زيارة الجزائر في الآونة الأخيرة تشهد صحوة إسلامية مباركة من جنس الصحوة التي توجد في مصر، بل قال لي بأنها تفوق ما هي عليه في مصر، مع كون مصر باعتبار عدد السكان الكبير وإقبال أهلها على التدين فطرة من أبرز الأقطار في هذا الشأن. وفي المقابل يغزو الإسلام فرنسا على نحو جعل اليهود فيها يتوجسون خيفة من المد الإسلامي المتنامي ومعظم مادته من الجزائر باعتبار الجالية الجزائرية أكبر مكونات الجالية الإسلامية في فرنسا، فابتاع بعضهم مساكن في دول مجاورة تحسبا ليوم تصير فيه فرنسا دولة مسلمة!، مع كونها معقل رئيسا من معاقل الكاثوليكية في أوروبا، وهذا هو الفارق بين الإسلام الذي يقدم تصورا فكريا راقيا مستنده الوحي، والنصرانية المحرفة التي تقدم تصورا فكريا باليا مصدره الكنيسة.

فالاحتلال كان حريصا على نشر الشبهات والشهوات في بلادنا، فإفساد أديان وأبدان الناس هدف رئيس من أهدافه، ومعايير نجاحه: ذهاب الأولاد والبنات إلى المدارس معا في بلاد الأفغان كما تقول هيلاري كلينتون!، فضلا عن انتشار زراعة المخدرات بشكل غير مسبوق في عهد الاحتلال وهو أمر لم يكن له وجود تقريبا في عهد إمارة الطالبان الإسلامية، بشهادة الأمم المتحدة، وفتح دور السينما، وافتتاح الإذاعة بأغنية صبيحة استيلائهم على كابول بعد انحياز قوات الإمارة الإسلامية، وانتشار تجارة الأفلام الإباحية على أرصفة بغداد بعد الفتح المجيد! ......... إلخ من الإنجازات التي لا تخرج عن حد قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آَمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)، بينما الإسلام يضع هداية الناس إلى طريق الحق، وحفظ حقوقهم الآدمية ولو كانوا على غير طريقته هدفا رئيسا له، وشتان بين الهدفين.

والله أعلى وأعلم.

ـ[بنت عبد الله]ــــــــ[19 - 03 - 2010, 08:52 م]ـ

جزاكم الله خيرا وبارك لكم فيما رزقكم

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير