ـ[أبو سهيل]ــــــــ[26 - 03 - 2010, 02:43 ص]ـ
"أصل القدر سر الله في خلقه، لم يطلع على ذلك ملك مقرب ولا نبي مرسل. والتعمق والنظر في ذلك ذريعة للخذلان وسلم للحرمان ودرج الطغيان. فالحذر كل الحذر من ذلك نظرا وفكرا ووسوسة. فإن الله تعالى طوى علم القدر عن أنامه ونهاهم عن مرامه كما قال تعالى في كتابه: ((لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ))، فمن سأل: لم فعل؟ فقد رد حكم الكتاب، ومن رد حكم الكتاب كان من الكافرين. فهذه جملة ما يحتاج إليه من هو منور قلبه من أولياء الله تعالى، وهي درجة الراسخين في العلم، لأن العلم علمان: علم في الخلق موجود، وعلم في الخلق مفقود. فإنكار العلم الموجود كفر، وادعاء العلم المفقود كفر. ولا يثبت الإيمان إلا بقبول العلم الموجود وترك طلب العلم المفقود.
ونؤمن باللوح والقلم، وبجميع ما فيه قد رقم. فلو اجتمع الخلق كلهم على شيء قد كتبه الله تعالى فيه أنه كائن ليجعلوه غير كائن لم يقدروا عليه، ولو اجتمعوا كلهم على شيء لم يكتبه الله تعالى فيه ليجعلوه كائنا لم يقدروا عليه. جف القلم بما هو كائن إلى يوم القيامة، وما أخطأ العبد لم يكن ليصيبه وما أصابه لم يكن ليخطئه.
وعلى العبد أن يعلم أن الله قد سبق علمه في كل كائن من خلقه، فقدر ذالك تقديرا محكما مبرما ليس فيه ناقض ولا معقب، ولا مزيل ولا مغير. ولا ناقص ولا زائد من خلقه في سماواته وأرضه، وذالك من عقد الإيمان وأصول المعرفه والاعتراف بتوحيد الله تعالى وبربوبيته، كما قال تعالى في كتابه: ((وخلق كل شيْء فقدره تقديرا))، وقال تعالى: ((وكان أمر الله قدرا مقدورا)).
فويل لمن صار لله تعالى في القدر خصيما، وأحضر للنظر فيه قلبا سقيما، لقد التمس بوهمه في فحص الغيب سرا كتيما. وعاد بما قال فيه أفاكا أثيما."اهـ العقيدة الطحاوية
ـ[بنت عبد الله]ــــــــ[26 - 03 - 2010, 01:19 م]ـ
جزاكم الله خيرا وبارك فيكم
ـ[نبض المدينة]ــــــــ[28 - 03 - 2010, 12:29 ص]ـ
مسألة الاحتجاج بالقدر
عقيدة الإيمان بالقدر لقيت كثيرًا من الاعتراضات، و أثيرت حولها كثير من الشبهات، ومن المعلوم أن كثيرًا من الكافرين والمشركين الضالين والمقصرين في عبادة الله والمنحرفين عن منهج الله، قد وجدوا في القدر مجالاً للاحتجاج به على كفرهم وفسادهم وتقصيرهم. ولذلك أوردنا الجواب على مسألة الاحتجاج بالقدر بأربع قواعد:
(القاعدة الأولى): أن علم الله الأزلي محيط بكل شيء مما كان ومما سيكون ومما لم يكن لو كان كيف يكون. والأمور تقع على مقتضى علمه الكامل، لا يخرج شيء عنه.
(القاعدة الثانية): غنى الله الكامل عن العباد؛ حيث لا تنفعه طاعة المطيع كما لا تضره معصية العاصي. وغناه تعالى شامل ومطلق، وهو يفيد في طمأنينة القلب عند المؤمن في هذا الباب، وأن الله تعالى ليس بحاجة إلى العباد حتى يجبرهم أو يعذبهم بغير ذنب يستحقون العقاب عليه.
(القاعدة الثالثة): وهي مبنية على القاعدة السابقة، وهي أن الله تعالى لا يظلم، وقد حرم على نفسه الظلم، ونفاه في كتابه، قال تعالى:] إن الله لا يظلم الناس شيئاً [
[يونس: 44]، وفي معنى هذه الآية آيات كثيرة تنفي عن الله تعالى ظلم العباد لا في عقوباتهم في الدنيا ولا في جزائهم يوم القيامة.
وهذه قاعدة مهمة في باب الاحتجاج بالقدر، فإذا توهم العبد أو وسوس له الشيطان فليتذكر أن الله تعالى لا يظلمه مثقال ذرة، حتى يطمئن قلبه.
(القاعدة الرابعة): قيام الحجة على العباد، وهذه مسألة ينبغي أن يدركها كل مسلم، ومقتضاها أن حجة الله قد قامت على عباده.
وقيام الحجة على العباد بأمور:
1. أن لا يكلف إلا البالغ العاقل؛ فالصغير والمجنون قد رفع عنه القلم.
2. وجود الإرادة للعبد؛ ففاقد الإرادة المكره لا يكلف، وحصول هذه الإرادة للعبد مما لا ينكره أي عاقل، وبهذه الإرادة يختار بين الطاعة والمعصية.
3. القدرة؛ فالعاجز عن فعل الشيء المطلوب لا يكلف ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها، والله لم يكلف الناس ما لا يطيقون.
4. قيام الحجة الرسالية، بإرسال الرسل وإنزال الكتب.
وبهذه الأمور نعلم أن الحجة قد قامت على العباد، ولا تعارض بينها وبين القدر.
¥