قَوله تَعَالَى (وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى)
ـ[باوزير]ــــــــ[15 - 07 - 2005, 09:50 م]ـ
:::
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم.
فإنه لكثرة اختلاف الناس في القرآن وفي غيره من أمور الدين والشرع أحببت أن أذكر الإخوة بهذه الآية الكريمة وبعض فوائدها لعله يكون سببا لنفع المسلمين.
ولا أدري هل المكان هنا لائق بذلك أم لا وللمشرفين حق التصرف.
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا}
إن تفسير هذه الآية واضح لكل أحد.
وما أحببت الإشارة إليه بعض النكت والفوائد:
1) الفائدة الأولى: من هم المؤمنون في هذه الآية:
أولا: إذا تذكرنا ما يعلمه كل مسلم ضرورة أن القرآن نزل على النبي:= وما كان في عهده مخاطَب إلا صحابته الكرام علم يقينا بأنهم المراد بقوله (سبيل المؤمنين).
وثانيا: قد شهد الله لأصحاب نبيه صلى الله عليه وسلم ومن تبعهم بإحسان بالإيمان فقال تعالى: {والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم} فرضي عمن اتبع السابقين إلى يوم القيامة فدل على أن مُتابِعَهم عاملٌ بما يرضى الله والله لا يرضى إلا بالحق لا بالباطل. وقال تعالى: {لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا}.
فعلم قطعا أن المراد بالآية الكريمة صحابة رسول:=.
فحيث تقرر أن من اتبع غير سبيلهم ولاه الله ما تولى وأصلاه جهنم.
وبهذا فسره علماء السلف الصالح رضي الله عنهم أذكر دليلا على ذلك ما يلي:
كان عمر بن عبد العزيز يقول كلمات كان مالك يأثرها عنه كثيرا قال: سَن رسول الله:= وولاةُ الأمر من بعده سننا، الأخذُ بها تصديقٌ لكتاب الله، واستعمالٌ لطاعة الله، ومعونةٌ على دين الله، ليس لأحد تغييرها ولا النظر في رأيِ مَن خالفها، فمن خالفها واتبع غير سبيل المؤمنين ولاه الله تعالى ما تولى وأصلاه جهنم وساءت مصيرا.
يتبع >>
ـ[باوزير]ــــــــ[15 - 07 - 2005, 09:55 م]ـ
2) الفائدة الثانية: عطف اتباع غير سبيل المؤمنين على مشاقة الرسول:=.
عطف الشيء على الشيء في القرآن وسائر الكلام يقتضي مغايرة بين المعطوف والمعطوف عليه مع اشتراك المعطوف والمعطوف عليه في الحكم الذي ذكر لهما.
والمغايرة على مراتب منها أن يكون بينهما لزوم كما هنا في قوله {ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين} فالمعطوف عليه لازم فإنه من يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى فقد اتبع غير سبيل المؤمنين.
ـ[باوزير]ــــــــ[15 - 07 - 2005, 10:00 م]ـ
3) الفائدة الثالثة: الآية دليل على الإجماع:
الشافعي رحمه الله تعالى لما جرد الكلام في أصول الفقه احتج بهذه الآية على الإجماع كما كان هو وغيره ومالك ذكر عن عمر بن عبد العزيز.
لازم ذلك ـ إذا استصحبنا المراد بالمؤمنين في الآية ـ أن الإجماع المنضبط هو ما كان عليه الصحابة رضي الله عنهم ومن تبعهم من القرون المفضلة، وما بعد ذلك يعسر ضبطه جدا جدا، ويصدق عليه قول الإمام أحمد (من ادعى الإجماع فقد كذب وما يدريه لعل الناس اختلفوا).
ـ[باوزير]ــــــــ[15 - 07 - 2005, 10:06 م]ـ
3) الفائدة الرابعة: اختلاف الناس في هذه الآية:
هنا للناس ثلاثة أقوال:
1) قيل: اتباع غير سبيل المؤمنين هو بمجرد مخالفة الرسول صلى الله عليه وسلم المذكورة في الآية.
2) وقيل: بل مخالفة الرسول مستقلة بالذم فكذلك اتباع غير سبيلهم مستقل بالذم.
3) وقيل: بل اتباع غير سبيل المؤمنين يوجب الذم كما دلت عليه الآية لكن هذا لا يقتضي مفارقة الأول بل قد يكون مستلزما له، فكل متابع غير سبيل المؤمنين هو في نفس الأمر مشاق للرسول كما سبق وكذلك مشاق الرسول متبع غير سبيل المؤمنين وهذا كما في طاعة الله والرسول فإن طاعة الله واجبة وطاعة الرسول واجبة وكل واحد من معصية الله ومعصية الرسول موجب للذم وهما متلازمان فإنه من يطع الرسول فقد أطاع الله وله نظائر.
ـ[باوزير]ــــــــ[15 - 07 - 2005, 10:09 م]ـ
وختاما:
دلت الآية بما لا يدع مجالا للشك أن طريقة الصحابة ومن تبعهم من القرون المفضلة هي الوحيدة الموصلة إلى رضا الله تعالى وجنته، وهي طريقة رسول الله صلى الله عليه وسلم الموحى بها من عند الله تعالى، فمن خالف سبيلهم اعتقادا وسلوكا ونهجا وغير ذلك فهو المتوعد في هذه الآية الكريمة.
نسأل الله تعالى الثبات على الحق وعلى سبيل المؤمنين.
والحمد لله رب العالمين.