تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[آراء القراء (الدعوة بين القلم والقدم)]

ـ[نائل سيد أحمد]ــــــــ[08 - 01 - 2006, 12:22 م]ـ

الفرق بين

الدعوة والتبليغ والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

د. محمد عصمت بكر


الفرق بين الدعوة والأمر بالمعروف
الحكم الشرعي للدعوة الإسلامية

الأدلة النقلية على وجوب الدعوة
الفرق بين الدعوة والتبليغ

حكم التبليغ
نوع الوجوب

في العدد الفائت من مجلة «النبأ» ذكرت معنى الدعوة في القرآن الكريم، وفي هذا العدد أذكر إن شاء الله معنى التبليغ والفرق بين كل من الدعوة والتبليغ في المعنى، وفي المجال العملي وإحلال كل من اللفظين في معنى الآخر.

معنى التبليغ

البلوغ، والإبلاغ، والتبليغ بمعنى: الانتهاء، والوصول، والإيصال، والتوصيل إلى غاية مقصودة أو حدٍ مراد، سواء كان هذا الحد أو تلك الغاية مكاناً أو زماناً أو أمراً من الأمور المقدرة معنوياً (1).

ومن هذا المعنى أخذ معنى المبالغة في البيان التي هي الوصول باللفظ إلى أبعد من الحد للمعنى الواقعي.

وما ورد في القرآن الكريم من لفظ «بلغ» ومشتقاته يعود في أصله لهذا المعنى. نحو قوله تعالى: (ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محلّه) (2). أي حتى يصل الهدي المكان المخصص له، والغاية أو الهدف هنا مكاني.

ونحو قوله تعالى: (حتى إذا بلغ أشده، وبلغ أربعين سنة قال رب أوزعني أن أشكر نعمتك .. ) (3).

بمعنى حتى إذا وصل إلى الزمن الذي يكون فيه متكاملاً عقلاً وجسداً وهو الزمن الذي يكون قد مضى من عمره أربعون سنة. والغاية كما هو واضح زمانية.

ونحو قوله تعالى: (قال إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذراً) (4).

أي أنني قد وصلت إلى الحد الذي لا يقبل عنده عذري. وهو أمر معنوي.

ومن ثم فإن معنى التبليغ المراد بيانه هو إيصال شيء إلى شيء آخر، وغالباً ما يستعمل معنى التبليغ في الأمور المعنوية ويقل في الأمور المحسوسة نحو قولنا: أبلَغت أو بلّغت زيداً رسالة، أو فلاناً إنذاراً.

قال تبارك وتعالى: (أبلغكم رسالات ربي وأنصح لكم) (5).

بمعنى أنني مكلف بأن أوصل لكم رسالات الله وهي تعاليمه وإرشاداته وقد ورد مشتقات لفظ (بلغ) في القرآن الكريم لمقاصد منها:

قوة التوكيد:

(قل فلله الحجة البالغة فلو شاء لهداكم أجمعين) (6).

والحجة البالغة هنا بمعنى الحجة الواصلة إلى الحد النهائي وهذا التعبير يفيد قوة توكيد الحجة.

ومنها الكفاية:

(إن في هذا لبلاغ لقومٍ عابدين) (7).

بمعنى إن في هذا الإنذار والبلاغ ما يكفي من القوة للردع أو الإرشاد.

ومنها قصد الإنذار:

(هذا بلاغ للناس لينذروا به) (8).

بمعنى هذا إنذار للناس، ونفس هذا المعنى جاء في قوله تعالى أيضاً (بلاغ أفهل يهلك إلا القوم الفاسقون) (9).

بمعنى هذا بلاغ. حذف المبتدأ لتوجيه الاهتمام على الخبر. بمعنى هذا إنذار.

ومما تقدم نصل إلى المعنى المراد من تبليغ الإسلام وهو:

إيصال التعاليم والإرشادات الإسلامية إلى الناس.

(يا أيها الرسول بلّغ ما أنزل إليك من ربك، وإن لم تفعل فما بلّغت رسالته واله يعصمك من الناس) (10).

ويمكن أن نستنبط من هذا المعنى العام للتبليغ معنى اصطلاحي، بأن التبليغ الإسلامي هو العرض والتقديم للتعاليم والإرشادات السماوية الإسلامية للناس ...

وقبل الدخول في الفرق بين الدعوة والتبليغ يجدر بنا أن نذر الحكم الشرعي منهما على ضوء العقل والنقل.

الحكم الشرعي للدعوة الإسلامية

من طبيعة الإنسان ـ كل إنسان- إنه إذا اعتقد عقيدة معينة وصل إليها بعقله أو تذوقها وأدركها بوجدانه من طبيعته أن يدعو إلى هذه العقيدة فيبني محاسنها ويدرأ عنها ما يعيبها. وهذه طبيعة جُبل عليها الإنسان.

وينطبق هذا على الجماعات. فكل جماعة بنهج حياتي اختارته لنفسها سواء عن طريق الثورات أو عن طريق الإهتداء الذاتي، فإنها تقوم بالدعوة إلى نهجها وعقيدتها فيه فغريزة حب البقاء ليست محصورة في البقاء الجسدي أو المادي، بل تتعداه إلى البقاء المعنوي الذي يتمثل في العقيدة والفكر.

والمنشأ النفس للدعوة يعود إلى النفور والخوف من الوحدة والانعزال، وانفطار الإنسان على غريزة حب الانتماء، لأن الإنسان كما هو معروف خلق بطبعه مدنياً أي أنه خلق اجتماعياً.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير