تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[تأملات في الخلاف.]

ـ[نائل سيد أحمد]ــــــــ[28 - 12 - 2005, 12:44 م]ـ

للمراسلة يمكن إرسال رسائلك على العنوان البريدي التالي: [email protected]

بسم الله الرحمن الرحيم

تأ ملات في الخلاف

إعداد: نائل سيد أحمد / القدس

سبق وأن دب الخلاف في مسائل فقهية أحدثت أثراً في حياة الناس الواقعية فيتنافرون ولا يتفقون، ويتفرقون ولا يتحدون، وقد يحمل بعضهم على بعض، وقد وصل الخلاف الى حد قراءة الفاتحة في الصلاة، أهي فرض أم غير فرض؟ أتقرأ خلف الامام أم لا تقرأ؟ أيسد غيرها من القرآن مكانها أم لا؟ بل وصل الخلاف إلى أمور تتصل بأمر الآخرة كما في حديث دنو الشمس من الخلائق قدر ميل يوم القيامة. أهو ميل القياس المعروف أم هو الميل الذي ..... ؟ ومثل ذلك أمور عديدة تحتاج الى حسم ولربما لو لم تظهر هذه الخلافات، التي انعكست على حياة الامة الواقعية لكانت بين المسلمين و حدة فكرية شعورية تجعلهم متحدين أقوياء.

و من المعلوم أن في الدين أصولا يجتمع الناس عليها، لأنها مطلوبة من كل مسلم كالإيمان بالله و ملائكتة و كتبه و رسله و اليوم الآخر و القدر خيره وشره، التي هي أركان الإيمان، و مثلها في و جوب الأخذ بها أركان الإسلام، و كذلك كل ما جاء به الدين في مسائل الشريعة و القوانين التي تيسر حياة الناس و تسهل التعامل بينهم، و أعني بهذا الجانب الأخير كل ما ورد في القرآن الكريم و السنة الصحيحة.

وإلى جانب هذه الأصول الثابتة المقررة تجد فروعا يختلف حولها المجتهدون لعديد من الأسباب ليس هنا مجال ذكرها إلا أنها كلها لا تخرج عن محور الأصول الدينية الثابتة و لنقرب هذه المسألة بمثل من الحياة:

إن جميع العقلاء يتفقون على أنّ الإنسان ينبغي ألاّ يخرج على الناس بغير ثياب في اي مكان، و معنى ذلك وجوب لبس الثياب على الإنسان، و مع هذا الأصل الذي يتمسك به الناس أجمعون بغير خلاف تجدهم يختلفون أعظم الاختلاف في نوعية الثياب التي يلبسونها ما بين صوف أو حرير أو كتان أو قطن، و غير ذلك من انواع الملبوسات، و يختلفون كذلك في ألوانها ما بين أحمر و أبيض، و أسود، و غير ذلك ممالا يحصى من الألوان و يختلفون كذلك في طول الثياب أو قصرها و طريقة تفصيلها وحياكتها، و طريقة لبسها و الظهور بها، وكل ذلك مما تألفه الأنظار و تقبله العقول،و لا يخطر على بالها نكيرإلا إذا رأت إنسانا قد تجرد من ثيابه، لماذا لأنه تخلى عن أصل لا يمكن التخلي عنه.

فلماذا لا تأخذ هذا المثل الواقعي العملي مجالا نطبقه في أمور الدين، فما دام الإنسان متمسكا بالأصول، سالكا في الفروع و هي ظل هذه الأصول وراجعا إليها فلماذا نلومه أو نعيبه أو نقول إنه يفرق بين المسلمين؟

وإن أمر الخلا ف أو الاختلاف سوف يبقى تصديقا لقول الله تعالى:

{ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم وتمت كلمة ربك لأملأن جهنم من الجِنّة والناس أجمعين} سورة هود:118.

قدّر الله سبحانه أ لا يكون الناس جميعاً متفقين على ديانة واحدة وشريعة واحدة وملة واحدة، وهذا الخلاف هو في طلب العقيدة وطريقة العبادة وفي كل ما يختلف فيه دين عن دين.

شاء الله الاّ يكون الناس أ مة واحدة، فكان من مقتضى هذا أن يكونوا مختلفين وأن يبلغ هذا الاختلاف أن يكون في أصول العقيدة ـ إلا الذين أدركتهم رحمة الله ـ الذين أهتدوا إلى الحق ـ والحق لا يتعدد ـ فاتفقوا عليه، و هذا لا ينفي أنهم مختلفون مع أهل الضلال. في ظلال القرآن ج 4 ص 1933. ط، ك دار الشروق.

والخلاف مع أهل الضلال و مخالفتهم في مناهجهم و تصوراتهم و قيمهم و عاداتهم وتقاليدهم أ مر محبوب و مطلوب من المسلمين، يزدادون به ثقة في الدين، و يزدادون به عزة حين يعلون منهج رب العالمين، على أن هذا الخلاف مع هؤلاء الضالين ينبغي أن يكون تحت مظلة الدين لايتجاوزها، فطريقة البعد عن المجادلة إلا بالتي هي أحسن،و دعوتهم إلى الشرع و الدين بالحكمة و الموعظة الحسنة، هو ما ينبغي أن يكون ومع اعتقادنا بفساد مناهجهم و تصوراتهم لمهمة الإنسان و علاقته بالله والكون و الحياه، فإننالا نجعل دعوتنا إياهم لديننا منصبّة على فساد تلك التصورات و بيان ما بها من اباطيل وأضاليل، إذ قد يكون ذلك ـ في بداية الأمرـ حاجزا لهؤلاء عن

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير