[التفكير بالعيش والفكر الأساسي]
ـ[أمين نايف ذياب]ــــــــ[16 - 10 - 2005, 04:27 م]ـ
التفكير بالعيش والفكر الاساسي
التفكير بالعيش تفكير ضروري، وليس تفكيرا اساسيا، معنى أنه ضروري أي أنه لازم، وهو وضع لا يمكن الانفكاك عنه لاستمرار الحياة، فلا حياة بلا طعام يشبع جوع المعدة، ولا حياة بلا لباس يستر السوءة، ويغطي العورة، ويقي الجسم شدة الحر وبرد القر، ولا حياة بلا سكن يأوي من الضواري ويحفظ به نفسه واسرته ورزقه، وملابسه وفراشه ومتاعه ….
من لوازم التفكير بالعيش التفكير في الصحة،لان المرض يهدد الحياة،اذ يحدث الالم في الجسم، وتعطيله عن مباشرة الاعمال الضرورية للعيش،والتفكير بالأمن مهم لحياة الانسان،لاحتياجه لحياة آمنة على نفسه وماله.
إن التفكير بالعيش تفكير فردي،يرتفع للتفكير في أسرته من زوج وولد،وقد يرتفع الى من لهم صلة رحم به من أصول وفروع وقرابة،ومثل هذا التفكير الذي ارتفع قليلا عن الذات،سببه العيش الجماعي أو ما يعبر عنه بعيش القطيع.
إن التفكير بالعيش ضروري وخطير في آن واحد،ضرورة التفكير بالعيش من الوضوح بحيث لا حاجة لشرح،فالعيش هو الحفاظ على الحياة،وصيانتها واستمرارها، إن التفكير بالعيش مع غياب التفكير الأساسي يؤدي إلى الصراع على الرغيف،آكله أنا، أم أنت!؟
والرغيف كما يعبر عن حاجة الضرورة فإنه يعبر أيضا عن صورة بشعة هي حياة الترف.
من شأن جعل ترف الحياة مطلبا،هو عودة بالإنسانية إلى مجتمع الوحوش الضارية،بل إلى ما هو أكثر ضراوة،فالوحوش ليس لها حاجة للمتاع واللباس والفراش والزينة والتفاخر بالأموال والأولاد،وليس لديها مفاهيم الحياة المدنية الراقية المتعددة المطالب،ولا تعرف مفاهيم الاختزان والادخار والكنز والتكاثر والاحتكار والغش والتدليس،ولا تتحالف جماعتان أو أكثر ضد جماعة أخرى،فمجتمع الوحوش لا يمكنه الاتفاق على حلف مثلا بين اسود غابتين ضد اسود غابة ثالثة،أو في مواجهة النمور ضد الثعابين.
من المعلوم أن المجتمعات الإنسانية في محل القدرة على عقد التحالفات ضد مجموعة إنسانية أخرى، وهذا يظهر خطر الاقتصار على التفكير بالعيش، وما الاندفاع الهمجي لمن يمتلك القوة لقتل البشر وسوق النساء والأطفال عبيدا ومعاملة الجماعة الإنسانية المهزومة بصورة وحشية وتدمير منجزات تلك الأمة التراثية الفكرية والعمرانية،إلا مظهرا من مظاهر جعل التفكير بالعيش هو التفكير الأساسي،وبذلك تظهر خطورته واضحة جلية.
وما الاستعمار الكوليونالي ( Colonialism) فالاستعمار الامبريالي ( Imberialism) ثم عصبة الأمم ثم هيئة الأمم ( UN) وكل من تلك الجماعتين الدوليتين قامتا باقتراح الولايات المتحدة لتمكين دول أوروبا الغربية والولايات المتحدة من إحكام السيطرة على العالم طلبا للمنافع الاقتصادية،أما النظام العالمي القديم الجديد فهو نظام هيمنة وسيطرة محكمة للمجموعة الأمريكية،الولايات المتحد وكندا مع الشركاء الغربيين وهي مجموعة استعلائية رومانية ضد العالم النامي كل ذلك لتحكم فكر العيش في تلك المجموعة المهيمنة على العالم.
إن الفكر السياسي أي فكر الرعاية للإنسانية بعد تحديد الفكر الأساسي هو الذي يجب أن يقود الحياة ومنها تنظيم العيش وتوزيع الثروة،ومن المؤسف والمؤلم والمضحك والمبكي معا إن العالم الثالث انخدع في مقولات وتحركات العالم الغربي فانصب تفكيره على العيش،فوقع صريعا تحاصره أزمة المديونية وتخنق أنفاسه،وتحول قراره السياسي إلى قرار تابع للهيمنة الأمريكية وما تغير نظرة الناس ((أكثر الناس)) في العالم العربي والإسلامي نحو إسرائيل بمقدار180 إلا صورة توضح التغير،فبعد أن كانت إسرائيل كيانا خطرا له طبيعة سياسية،وانه جسر الاستعمار الغربي ورأس حربته،تحولت النظرة إلى إسرائيل بأنها دولة مشروعة،والتعاون معها في مشاريع الزراعة والسياحة والتجارة من شأنه تحسين الوضع الاقتصادي، أي العيش ومعالجة البطالة والفقر والموازنة أي معالجة عجزها وتعديل الميزان التجاري وميزان المدفوعات ولن تكون تلك الأماني إلا سرابا وبرقا خلبا.
كبرت المأساة وتعظمت لان فكر العيش تحول إلى فكر سياسي فقاد فكر العيش السياسة فوقعت السياسة من عل مهيضة الجناح كسيرة القدمين.
¥