تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

لقد تعلمت من لسع البعوض في تلك القرى دروساً في الصبر .. وتعلمت من شح الماء دروساً في اليقين و تعلمت من انقطاع الكهرباء أياماً دروساً في الطمأنينة ..

يا دكتور لقد منحتني شهادة عليا في هذه الرحلة لم تستطع جامعات الدنيا أن تمنحني إياها .. لقد حصلت على الدكتوراه في احتقار النفس أمام العظماء .. وتجاوزت الماجستير في العمل الحقيقي الذي كنا نعتقد أنفسنا من رواده وبكالوريوس بامتياز في معرفة رجال الأمة الحقيقيين الذين يستحقون شهادات التقدير وجوائز الشكر .. لكنهم مع ذلك يقولون كما كنت تقول لي: يا أخي نحن لا ننتظر شهادات من أحد .. نحن عملنا في الميدان .. وننتظر من الله فقط أن يتقبل منا؟

لا زلت يا دكتور أتذكر تلك القرية التي أعلن أهلها إسلامهم وكيف كانت فرحتك العارمة .. كأننا خرجنا بأموال الدنيا. كنا نحن ننتظر مشاهد التصوير ونحسب إنجازنا بعدد ساعات التصوير كانت هذه ساحة سعينا .. وميدان بصرنا .. بينما كنت تسبح هناك .. وتنظر هناك ..

وتتأمل هناك .. الآخرة .. !

فلله درك أيها العظيم.

كنت أتعجب منك وأنت تحاسب من يعمل معك بكل دقة و تقف بنفسك حتى على طعام الأيتام .. وأقول في نفسي هو جهد زائد ينبغي أن يدفعه لغيره .. لكني فهمت متأخراً عندما قلت لي: أموال الناس التي دفعوها لعمل الخير لا يمكن أن أفرط في ريال واحد منها.

أتدري يا دكتور أن هذا البرنامج كتب سيناريو حلقاته وصمم فكرته وأخرج أطرافه عملكم المتوقد وسعيكم الدائب .. أتدري أني قرأت كل ما كتبته في مجلتكم (الكوثر) قبل أن أصل إليك لأجد ما كتبته عن جهود العمل (غيض من فيض) وعندها تذكرت قول الحبيب صلى الله عليه وسلم:

(ليس راء كمن سمع) وأكدت لنفسي (من شاهد الحقائق ضمن الوثائق) كنت أتنقل معك بصحبة فريق البرنامج بين القرى و القبائل لنجد منكم شخصاً ملماً بحياتهم وعاداتهم وتقاليدهم .. وهذا درس من دروس، فالداعية الحق هو الذي يعرف طبيعة من يدعوهم، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل لما أرسله لليمن (إنك تأتي قوماً أهل كتاب) إنها معلومة مهمة يراد من ورائها رسم منهج للدعوة .. فليس كل داعية يصلح للدعوة في كل مكان .. بل لابد من مواصفات معينة يسبقها العلم التام بطبيعة المدعوين وأحوالهم.

دكتور: أسعد الله مساءك بكل خير أينما كنت .. تذكرت ذلك المساء الحالم .. عندما أرخى علينا الليل سدوله بعد أن صلينا المغرب وانكمش المنعمون مثلنا من آثار البرد .. فوقفت على تلك الحلقة المستديرة التي تجمع فيها أبناؤكم الأيتام يقرأون القرآن .. وأنت تنتقل من حلقة إلى أخرى .. تطمئن على حفظهم للقرآن الكريم .. وتبتسم في وجوهم كل لحظة .. تذكرت خروجك بعد العشاء لتطمئن عليهم هل ناموا؟ هل استقروا جميعاً في مهاجعهم؟

تذكرت سائقك الخاص وأنت تعامله بلطف ومحبة حتى أعلن إسلامه .. تذكرت أولئك الدعاة وهم يجيبون على سؤالي في كل لقاء .. من أي مدرسة تخرجتم في الدعوة؟ فقالوا: من مدرسة

عبد الرحمن السميط الدعوية!

تذكرت تلك الليلة الشاتية عندما عمدنا إلى جذوع الشجر لنوقد النار للتدفئة فجلست وقد أحطنا بك من كل ناحية .. تحكي لنا حكايات رائعة .. ليست عن حب وغزل .. ولا عن شعر وزجل .. بل عن دعوة وإغاثة .. عن إسلام وراحة .. عن أقوام كانوا في ضلال فأنقذهم الله بالإسلام (أومن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نوراً يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها) (الأنعام: 142) أيها الفاضل / اسمح لي أن أزجي سرا ً .. هذه الصور المذكورة من الجهد المتواصل ليست حكراً عليك فقط .. بل هي ديدن أسرتكم الكريمة من زوجة وأبناء حفظكم الله بحفظه.

لا أريد أن أحرق البرنامج على مشاهدينا الكرام .. فهو برنامج أسبوعي في قناة المجد بعنوان

(القارة المنسية) فيه الغرائب والعجائب والأفراح والأتراح .. والفقر و الغنى ..

فيه صور ة إسلام منسية .. وكتاب مقدس عند أهله اسمه (السواربي) ومقابر لا يتم الدخول إليها إلا بدعاء يتضمن سورة الفاتحة .. برنامج أظن أن غرائبه وعجائبه ستحمله إلى المشاهدين فلن أتحدث عنه مكتوباً.

شكر الله لك أيها الدكتور الفاضل .. ورفع قدرك .. وجزاك عنا خير الجزاء وكثر الله في الأمة من أمثالك إنه جواد كريم .. وإلى اللقاء على طريق الخير والمحبة ...

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ابنكم

فهد بن عبد العزيز السنيدي

مذيع إذاعة القرآن الكريم

وقناة المجد الفضائية

المشرف العام على موقع المجلة الإسلامية


من البريد دون تدخل!

ـ[وضحاء .. ]ــــــــ[26 - 10 - 2005, 12:17 ص]ـ
كلنا يجب علينا الوقوف إكبارا لهذه الشخصية التي باعت هي وعائلتها الدنيا من أجل الآخرة ..

إنه فريد قلّ مثله ..

اللهم في هذه الليلة المباركة وفّق د. السميط، وأعنه، وسدّد خطاه على طريق الدعوة.
¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير