والطريقة السهلة في التوقف عن التدخين، تدعونا لنسأل أنفسنا ما الذي نتخلى عنه؟ والجواب، لا شيء. غير أن الذي يجعل الأمر صعبا هو الخوف من حرماننا من عاداتنا ومتعنا والخوف من مواجهة ضغوطات الحياة اليومية من دونها.
والإعلام يوهمنا بأننا أضعف ولا نملك المقدرة على مقاومتها، وبأن السيجارة قد ولدت نفسها داخلنا وسنفتقد أنفسنا بفقدانها.
وهنا علينا أن نتذكر بأن السيجارة لا تعوض الشعور بالحاجة أو الفقدان بل تخلقه فينا.
وعلينا بالمقابل تذكير أنفسنا بالفوائد الكبرى التي يحظى بها المدخنون لدى تحررهم من تلك العادة والمتمثلة فيما يلي:
1) اكتساب الثقة بالنفس والشجاعة
2) التحرر من العبودية
3) عدم المعاناة من الظلال الداكنة لسلبيات التدخين الكامنة في عقلنا الباطن. ويشبه المؤلف حالة إدمان التدخين بالمثال التالي، شاب يستيقظ في الصباح ليفاجأ بوجود حبة حمراء على خده. يسرع إلى الصيدلي الذي يعطيه المرهم، وما إن يدهن الحبة حتى تختفي. يشعر بالسعادة وتمضي الأيام وبعد أسبوعين تظهر الحبة مجددا ولكن بحجم أكبر، يسارع الشاب بدهنها بالمرهم فتختفي ويتنفس الصعداء. وما إن ينتهي الأسبوع حتى تعاود الحبة الظهور مغطية مساحة أكبر من الوجه، فيسارع لشراء الكريم ودهنها، ثم يبدأ ظهور عدد أكبر من الحبات وفي أماكن متفرقة ويجد الشاب نفسه مضطرا لشراء كميات كبيرة من المرهم والاحتفاظ به على الدوام معه وخلال رحلات سفره.
وحين اقترح أحدهم عليه زيارة طبيب يحكى الكثير عن مهارته، ذهب الشاب وهو منهك معنويا وماليا. وحينما أشار إليه الطبيب بالتوقف عن استخدام المرهم اعترض الشاب بشدة، وأخبره بأن ذلك يعني انتشار الحبوب في كافة مساحات جسده، غير أن الطبيب نجح في إقناعه بالمحاولة. واكتشف الشاب بعد مضي بضعة أيام بأن الحبوب تلاشت وتبين له بأن المرهم كان يخفيها عن السطح فقط من دون معالجتها مما ساعد في تكاثرها المستمر.
ويشبه المؤلف هنا النيكوتين بالمرهم وبخوفنا من العوارض التي تكون وهمية وغير فعالة على نقيض تأثيرها الخارجي مثل خوف الشاب من عدم استخدام المرهم.
الطرق التقليدية المتبعة للتوقف عن التدخين، ومنها قوة الإرادة، تخضع لبعض السلبيات. إذ أن مفهوم قوة الإرادة يحمل الوجه الآخر له في التضحية بما هو ثمين وغال على النفس. وبالتالي فإن القرار المعتمد على قوة الإرادة يبدأ مع شعور بالأسى والفقدان والتوتر، مما يساعد المارد الداخلي المرافق للوهم الإعلامي بغزو العقل ليبدأ بتقديم أعذار منطقية لمعاودة التدخين مثل:
1) الحياة قصيرة ويمكن أن أموت في أية لحظة
2) اخترت وقتا غير مناسبا، فظرفي الحالي لا يسمح، على الانتظار حتى تهدأ الأمور.
3) لا أستطيع التركيز وأنا في النهاية مدخن ولن أكون سعيدا بدون سيجارة.
وما حدث أن المدمن قد غير رأيه من دون مقاومة، ولحسن الحظ بأن منطق المارد غير صحيح، وعلى العكس فإن حياة غير المدخن أكثر سعادة، غير أن الوهم وحده دفع المدخن إلى الاستمرار في التدخين.
ونظرا لأن جميع محاولات التوقف عن التدخين تبدأ بصورة مؤلمة. وكل من نجح في الصمود لبضعة أيام أو أشهر أو سنوات، يبقى في داخله الشعور بالحرمان من تدخين سيجارة واحدة على الأقل، ويحسد المدخنين على سعادتهم. وهذا الشعور بالمعاناة أو الحاجة للسيجارة يبقيه ضمن فئة المدخنين المتوقفين مرحليا، لأنهم عاجلا أم آجلا سيعودون إلى عادتهم.
ومعاناة المدخن تكمن في صراع العقل حيث تصبح فكرة التدخين هاجسا لا يفارقه، وتهيمن المخاوف والتساؤلات التالية على فكره مما يدفعه إلى الشعور بالاكتئاب:
1) كم ستسمر حالة الرغبة في التدخين؟
2) هل سأكون سعيدا مجددا؟
3) هل سأستمتع بتناول وجبات طعامي بعد الآن؟
4) كيف سأتحمل التوتر في المستقبل؟
5) هل سأجد متعة في الحياة الاجتماعية لاحقا؟
وبينما يعيش المتوقف عن التدخين على أمل أن تتحسن الأمور ويتجاوزها، فإن السيجارة تصبح أكثر قيمة وأهمية.
التقليل من التدخين
لا فرق بين من يدخن خمس سجائر في اليوم أو عشرين، فالقليل يوقعنا في نفس الشرك ويغذي المارد الكامن في داخلنا. ومحاولة تقليل عدد السجائر في اليوم الواحد أكثر ألما وضررا علينا من التوقف قطعيا، وذلك لأن ساعات اليوم نمضيها ونحن بانتظار السيجارة التالية مما يجعلنا نستمتع بكل سيجارة ندخنها لتصبح محور حياتنا وتفكيرنا.
كما يحذر الكاتب من القول الذي يتفاخر به غير المدخنين حينما يطلبون تدخين سيجارة واحدة، ويؤكد بأن هذه المقولة وهما يجب التحرر منه، فبداية الانزلاق إلى الهاوية تبدأ بالسيجارة الأولى وهي كفيلة لإيقاعنا بشرك الإدمان. ويوصي الكاتب بأن نكون حازمين في فكرنا بشأن السيجارة الأولى. كما أن على المدخنين قبل توقفهم أن يذكروا أنفسهم بما يلي:
1) ليس هناك ما أتخلى عنه، بل الكثير لأكسبه
2) عدم النظر إلى السيجارة كوجود، بل إلى حياة ملوثة بالمرض.
3) لست مختلفا عن الآخرين، فأي مدخن يستطيع التحرر من التدخين بسهولة.
وعلينا أن ندرك بأن المراهقين والمدخنين بكافة فئاتهم، لم يختر أي منهم في البداية أن يكون مدخنا أو مدمنا في بعض الأحيان. لذا فإن جميع المدخنين يشعرون بتورطهم، أي أنهم يكذبون على أنفسهم وعلى الآخرين لتبرير تورطهم.
اختيار الوقت المناسب
وبغض النظر عن الأسباب التي تدفعنا للتوقف عن التدخين، فإن عامل الوقت يبقى مهما جدا. ويستحسن في البداية اختيار الظرف المناسب خلال الأسابيع الثلاثة المقبلة والتي لا نتعرض خلالها إلى ضغوط نفسية وحالات توتر شديدة، أما ما عدا ذلك فإن القرار يبدأ بالقناعة.