فهذه الآيات نظيرة الآيات المتعرضة للتوفي كقوله تعالى: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ ... } (42) سورة الزمر، الدالة على الحصر، وقوله: {قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ} (11) سورة السجدة، وقوله: {حَتَّىَ إِذَا جَاء أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا ... } (61) سورة الأنعام، فاتوفي منسوب إليه تعالى على نحو الأصالة وإلى الملائكة على نحو التبعية؛لكونهم أسباباً متوسطة مسخرة له تعالى.
===========
قال أبو عبدالله الرازي:"واعلم أنه لابد من القطع بأنه ليس المراد من هذه الآية (27/الجن) أنه لا يطلع أحداً على شيء من المغيبات إلا الرسل (ع) والذي يدل عليه وجوه:
أحدها: أنه ثبت بالأخبار القريبة من التواتر أن (شقاً وسطيحاً) كانا كاهنين يخبران بظهور محمد (ص) قبل زمان ظهوره، وكانا في العرب مشهورين بهذا النوع من العلم، حتى رجع إليهما كسرى في تعرف أخبار رسولنا (ص).
ثانيهما: إطباق الأمم على صحة علم التعبير، فيختبر المعبر عن ما يأتي في المستقبل، ويكون صادقاً.
ثالثهما: أن الكاهنة البغدادية التي نقلها السلطان (سنجر بن ملكشاه)، من بغداد إلى خراسان، سألها عن أشياء في المستقبل، فأخبرت بها ووقعت على وفق كلامها، فقد رأيت -والكلام للرازي- أناساً محققين في علوم الكلام والحكمة حكوا عنه: أنها أخبرت عن الأشياء الغائبة على سبيل التفصيل، وجاءت كذلك" ثم يواصل الرازي كلامه فيقول:"وبالغ أبو البركات صاحب" المعتبر"في شرح حالها في كتاب التعبير، وقال: فحصت عن حالها منذ ثلاثين سنة، حتى تيقنت أنها كانت تخبر عن المغيبات أخباراً مطابقة موافقة. ثم يتم الرازي قوله بالاستدلال الرابع:
رابعها: أنا نشاهد أصحاب الإلهامات الصادقة،ليس هذا مختصاً بالأولياء، فقد يوجد في السحرة وفي الأحكام النجومية ما يوافق الصدق، وإن كان الكذب يقع منهم كثيراً"
راجع في ذلك "تفسير البحر المحيط"لأبي حيان (8/ 348،349)
بعد كل هذه الاستلالات، فإذا أدركت أعماق هذه العلوم القرآنية،ووعيت سبر أغوار الآيات الحكيمة، انتقل بفكرك وتأملك البعيد عن العصبية الجهلاء إلى التالي:
قال تعالى: {فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةُ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ} (61) سورة آل عمران.
وراجع أقوال علمائك قبل أن تراجع كتبنا المعتبرة والتي تنقل كثيرا مما روته كتبكم في حق أهل البيت (ع)؛ لتتعرف جلياً من يكون أهل البيت (ع) من النبي الأكرم (ص)
ينقل القرطبي في (الجامع 4/ 67): [أبناءنا] دليل على أن أبناء البنات يسمون أبناء؛ وذلك أن النبي (ص) جاء بالحسن والحسين وفاطمة تمشي خلفه وعليٌّ خلفهما ... "
إن النبي (ص) أشار إلى الأبناء بالحسن والحسين، وإلى النساء بفاطمة، وإلى علي (ع) بأنه نفس الرسول (ص)
بعد ذلك علك تدرك عمق التعبير القرآني، وتتمكن من فهم مراميه العالية وسموه الرفيع.
وتستطيع أن تراجع عزيزي الكريم كثيرا من الآيات الكريمة التي نزلت في حق أهل البيت (ع) وتدرك كل تلك المعاني التي تخفى على الكثير من الناس.
راجع ما تريد من التفاسير في معرض الآيات التالية:
1 - {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} (33) سورة الأحزاب
2 - {قُلْ كَفَى بِاللّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ} (43) سورة الرعد
3 - {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ} (55) سورة المائدة
4 - {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} (67) سورة المائدة
5 - {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} (1) سورة الكوثر، ولا تنسَ مراجعة الأقوال في أسباب نزول هذه السورة الكريمة.
إلى غيرها من الآيات الكريمة التي أشبعت بحثاً وتنقيباً من قبل علماء المسلمين، ومفسريهم.
وأتمنى لك الموفقية في بحثك، وأن تصل إلى ما تصبو إليه.
رعاكم الله.
ـ[د. خالد الشبل]ــــــــ[26 - 06 - 2003, 05:58 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الإخوة الكرام: الخلاف مع الشيعة قديم، وليس كله في الفروع، وإنما فيه ما هو في الأصول، ولهذا أرى أن الحوار بين الشيعة والسنة ربما وقف في خندق مغلق، ولهذا فالوحدة التي يُتحدث بها كثيراً ليست إلا تخديراً للمشاعر، فكيف تتم الوحدة على خلاف الحكمة، فأهم مصدر بعد القرآن هو السنة، والشيعة لا يقبلون السنة النبوية، إلا ما وافق هواهم، وإنما نقلهم عن الأئمة، وعن علمائهم، وهم بذلك أشد احتفاءً من أحاديث الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ومن أراد مزيد بيان عن ذلك فعليه بكتاب منهاج السنة النبوية، وفيه رد الشيخ رحمه الله على منهاج الكرامة، لابن المطهر. وهو مطبوع.
وإذا أضفنا إلى هذا أن منتديات الفصيح خاصة بعلوم اللغة العربية، والمنتدى العام لبعض لبعض الموضوعات من هنا وهناك، فإنه يوقف النقاش عن الرافضة، وما في كثير من المنتديات يكفي.
ولمن أراد المزيد يمكن أن يرجع للمواقع التي تتحدث عن الموضوع
http://www.ansar.org/
فأرجو ألا يعاد النقاش فيه، جزاكم الله خيراً.
اخوكم خالد