تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

لم يستطع (موريس) أن ينام، وطلب أن يأتوا له بالتوراة، فأخذ يقرأ في (سفر الخروج) من التوراة ــ وسفر الخروج هو سفر من خمسة أسفار تنسب إلى سيدنا موسى وتسمى بالتوراة وهي جزءٌ من العهد القديم الذي هو جزء الكتاب المقدس عند النصارى ــ من قوله ((فرجع الماء وغطى مركبات وفرسان جميع جيش فِرْعَوْنَ الذي دخل وراءهم في البحر لم يبق منهم ولا واحد)) .. وبقى موريس بوكاي حائراً، فحتى التوراة لم يتحدث عن نجاة هذه الجُثة وبقائها سليمة!

بعد أن تمت معالجة جثمان فِرْعَوْنَ وترميمها، أعادت فرنسا لمصر المومياء بتابوت زجاجي فاخر يليق بمقام فِرعَوْنَ! ولكن (موريس) لم يهنأ له قرار ولم يهدأ له بال، مُنذ أن هزه الخبر الذي يتناقله المسلمون عن سلامة هذه الجُثة! فحِزم أمتعته وقرر أن يسافر إلى المملكة السعودية لحضور مؤتمر طبي يتواجد فيه جمعٌ من علماء التشريح المسلمين .. وهناك كان أول حديث تحدثه معهم عما أكتشفه من نجاة جُثة فِرْعَوْنَ بعد الغرق .. فقام أحدهم وفتح له المُصحف وأخذ يقرأ له قوله تعالى (فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُون) لقد كان وقع الآية عليه شديداً .. ورجت له نفسه رجة جعلته يقف أمام الحضور ويصرخ بأعلى صوته (لقد دخلت الإسلام وآمنت بهذا القرآن) .. !

رجع (موريس موكاي) إلى فرنسا بغير الوجه الذي ذهب فيه .. وهناك مكث عشر سنوات ليس لديه شغل يشغله سوى دراسة مدى تطابق الحقائق العِلمية والمكتشفة حديثاً مع القرآن الكريم، والبحث عن تناقض علمي واحد مما يتحدث به القرآن ليخرج بعدها بنتيجة قوله تعالى (لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) كان من ثمرة هذه السنوات التي قضاها الفرنسي موريس أن خرج بتأليف كتاب عن (الْقُرْآنُ الْكَرِيمِ) هز بِه الدول الغربية قاطبة ورج علمائها رجاً، لقد كان عنوان الكتاب (القرآن والتوراة والإنجيل والعِلم .. دِراسة الكُتب المقدسة في ضوء المعارف الحديثة) .. فماذا فعل هذا الكِتاب؟

من أول طبعة له نفذ من جميع المكتبات! ثم أعيد طباعته بمئات الآلاف بعد أن تُرجم من لغته الأصلية (الفرنسية) إلى العربية والإنكليزية والإندونيسية والفارسية والصربكرواتية والتركية والأوردوية والكجوراتية والألمانية .. ! لينتشر بعدها في كل مكتبات الشرق والغرب، وصرت تجده بيد أي شاب مصري أو مغربي أو خليجي في أمريكا، فهو يستخدمه ليؤثر في الفتاة التي يريد أن يرتبط بها .. ! فهو خير كتاب ينتزعها من أوثان النصرانية واليهودية إلى وحدانية الإسلام وكماله .. ولقد حاول ممن طمس الله على قلوبهم وأبصارهم من علماء اليهود والنصارى أن يردوا على هذا الكتاب فلم يكتبوا سوى تهريج جدلي ومحاولاتٍ يائسة يمليها عليهم وساوس الشيطان .. وآخرهم الدكتور (وليم كامبل) في كتابه المسمى (القرآن والكتاب المقدس في نور التاريخ والعلم) فلقد شرّق وغرّب ولم يستطع في النهاية أن يحرز شيئا .. !

بل الأعجب من هذا أن بعض العلماء في الغرب بدأ يجهز رداً على الكِتاب، فلما انغمس بِقراءته أكثر وتمعن فيه زيادة .. أسلم ونطق بالشهادتين على الملأ!! فالْحَمْدُ لِلَّهِ الذي بِنِعْمَتِهِ تتم الصَّالِحَاتِ ..

يقول موريس موكاي في مقدمة كتابه (لقد أثارت هذه الجوانب العلمية التي يختص بها القرآن دهشتي العميقة في البداية،فلم أكن أعتقد قط بإمكان اكتشاف عدد كبير إلى هذا الحد من الدقة بموضوعات شديدة التنوع، ومطابقتها تمامًا للمعارف العلمية الحديثة، وذلك في نص قدكُتب منذ أكثر من ثلاثة عشر قرنًا .. !).

معاشر السادة النُبلاء ..

لا نجد تعليقاً على تلك الديباجية الفرعونية .. سوى أن نتذكر قوله تعالى (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً) .. نعم والله لو كان من عِند غير الله لما تحقق قوله تعالى في فرعون (فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً) كانت حقاً آية إلهية في جسد فرعون البالي .. تلك الآية التي أحيت الإسلام في قلب موريس .. !

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير