القضية هي في دفاعك عن المتأخرين عندما قلت لي: (فهل يمكنك أن تقول: إن الأشعرية المتأخرين قالوا هذا القول عينه؟!.)
ثم سألتني عن رأي الجويني والغزالي في المشيئة.
وهذا يدل على أنك أنزلت نصّ شيخ الإسلام على المتأخرين.
ولا يمكن أن نأخذ من هذا النص لشيخ الإسلام حكمًا عامًا نطبقه على المتأخرين منهم، إنما نأخذ منه حكمًا عامًا على أقوال أبي الحسن وابن كلاب فقط.
لذا أنا نبهت في البداية أن هذا النص لشيخ الإسلام لا ينطبق على المتأخرين، وهذا ما أيدهُ لي اعتراضك عليَّ بعد ذلك بسؤالك عن الغزالي والجويني.
ـ[محمد براء]ــــــــ[01 - 08 - 09, 02:27 م]ـ
القضية هي في دفاعك عن المتأخرين .. وهذا يدل على أنك أنزلت نصّ شيخ الإسلام على المتأخرين
عجيب أنك تتمادى في نفس الغلطة التي بدأت بها، وهي أنك تناقش آراء تتخيل أنني أقول بها، ولا تلتفت إلى كلامي المسطور أمامك.
وعجيب أيضاً أنك تستدل بسؤالي عن مذهب الجويني والغزالي في الإرادة على أنني أنزلت كلام شيخ الإسلام على المتأخرين، ولا أدري بأي دلالة استدللت على هذا، أبدلالة المطابقة أم التضمن أم الالتزام، أبمنطوق اللفظ أم بمفهومه، أم يأي دلالة؟ أم هو تقول منك وادعاء بلا دليل بل بمحض الهوى والظن الكاذب!.
فمن الأمور المخجلة حقاً - والله - أنك تتكلم بهذه الطريقة مع أخ لك في التوحيد والعقيدة، تظن به أسوء الظنون، وتتوهم أسوء الأوهام - ولا تحسبن أن هذا من الفطنة في شيء بل هو من الظن السيء المؤدي إلى الجدل المذموم - فكيف سيكون حالك إذا تكلمت مع مبتدع من المبتدعة؟!!.
أما قضية التفريق بين آراء الأشعري نفسه وآراء أتباعه، فهذا أشار شيخ الإسلام أعلاه بقوله: " وَ ابْنُ كُلَّابٍ " إمَامُ الْأَشْعَرِيَّةِ أَكْثَرُ مُخَالَفَةً لِجَهْمِ وَأَقْرَبُ إلَى السَّلَفِ مِنْ الْأَشْعَرِيِّ نَفْسِهِ وَالْأَشْعَرِيُّ أَقْرَبُ إلَى السَّلَفِ مِنْ الْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ الْبَاقِلَانِي. وَالْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ وَأَمْثَالُهُ أَقْرَبُ إلَى السَّلَفِ مِنْ أَبِي الْمَعَالِي وَأَتْبَاعِهِ فَإِنَّ هَؤُلَاءِ نَفَوْا الصِّفَاتِ: كَالِاسْتِوَاءِ وَالْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ "، فكيف تظن أنني " أنزلت نصّ شيخ الإسلام على المتأخرين " وشيخ الإسلام في كلامه نفسه يفرق بين الأشعري وأتباعه؟!
أما ما ذكرته لك من موافقة سائر الأشعرية للأشعري في صفة الكلام، فأردت به الإشارة إلى أن هناك أقوالاً أجمعوا عليها، وهناك أقوالاً فارق فيها متأخروا الأشعرية إمامهم، فالمسائل الأولى ما ينطبق على مذهب الأشعري - في المقارنة بينه وبين مذهب الجهم - ينطبق على كل من يقول بقوله، أما الأخرى فينظر في كل منها قرباً أو بعداً من مذهب الجهم.
1 - نفي العلو.
2 - نفي المشيئة والاختيار في أفعاله سبحانه، وهذا شبيه بمذهب الفلاسفة في قولهم بالعقل الفعال.
3 - نفيهم أن يكون القرآن كلام الله، وهذا حقيقته موافقة الجهمية في خلق القرآن. فلازمُ قولهم هو قول الجهمية، وإن لم يُصرحوا به.
4 - مذهبهم في الكسب، كمذهب الجهمية في انتقال الجسم من مكان إلى مكان دون واسطة؟!
وعليه ما ذكرته في كلامك أولاً من المسائل التي وافق فيها متأخروا الأشعرية الجهمية، فأنت مطالب بأن تبين أنها من القسم الثاني وليس من الأول، أي من المسائل التي فارق فيها متأخروا الأشعرية إمامهم، فأنت مطالب ببيان الفرق بين مذهب الأشعرية وإمامهم في الإرادة والاختيار - مع انه من الغلط جعل الرزاي مع الجويني والغزالي في هذه المسألة.
وكذلك ببيان الفرق بين مذهب الأشعرية وإمامهم في القرآن.
أما الكسب فمن الغلط أصلاً أن تجعل الجويني مع الرازي والغزالي، لأن قوله مباين لهم وقد أثنى عليه ابن القيم وعده عبد الرحمن المحمود من أقوال أهل السنة في كتابه في القدر، كما أن الأشعرية أنفسهم لهم أقوال مختلفة في تفسير الكسب كما يظهر بمراجعة نهاية الإقدام للشهرستاني.
ولو أنك كلفت نفسك بقراءة كلام شيخ الإسلام أعلاه ولم تتعجل لما احتجت لهذا التطويل، لأنه بين الفرق بين الأشعري وأتباعه بصريح القول كما تقدم.
وأختم بهذا النص لشيخ الإسلام ليضاف إلى النص السابق ولا يعترض علي أحد بظنونه وأوهامه، وهو كلام له في إمام الأشعرية المتأخرين أبي عبد الله الرازي: " وَهَكَذَا الْجَهْمِيَّة تَرْمِي الصفاتية بِأَنَّهُمْ يَهُودُ هَذِهِ الْأُمَّةِ. وَهَذَا مَوْجُودٌ فِي كَلَامِ مُتَقَدِّمِي الْجَهْمِيَّة وَمُتَأَخَّرِيهِمْ مِثْلُ مَا ذَكَرَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الرَّازِي الجهمي الْجَبْرِيُّ وَإِنْ كَانَ قَدْ يَخْرُجُ إلَى حَقِيقَةِ الشِّرْكِ وَعِبَادَةِ الْكَوَاكِبِ وَالْأَوْثَانِ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ. وَصَنَّفَ فِي ذَلِكَ كِتَابَهُ الْمَعْرُوفَ فِي السِّحْرِ وَعِبَادَةِ الْكَوَاكِبِ وَالْأَوْثَانِ. مَعَ أَنَّهُ كَثِيرًا مَا يُحَرِّمُ ذَلِكَ وَيَنْهَى عَنْهُ مُتَّبِعًا لِلْمُسْلِمِينَ وَأَهْلِ الْكُتُبِ وَالرِّسَالَةِ. وَيَنْصُرُ الْإِسْلَامَ وَأَهْلَهُ فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ كَمَا يُشَكِّكُ أَهْلَهُ وَيُشَكِّكُ غَيْرَ أَهْلِهِ فِي أَكْثَرِ الْمَوَاضِعِ. وَقَدْ يَنْصُرُ غَيْرَ أَهْلِهِ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ. فَإِنَّ الْغَالِبَ عَلَيْهِ التَّشْكِيكُ وَالْحَيْرَةُ أَكْثَرُ مِنْ الْجَزْمِ وَالْبَيَانِ " (16/ 213 - 214).
¥