سيقول بعض الناس: إنَّ القدماء كانوا يعبدون، أما عوامّ اليوم فهم يدعون، ويسألون فقط، وشتَّان بين عبادة الجاهلين، وتوسُّل المحدثين بأولياء الله.
ونقول: هذه مغالطة، فالسؤال، والدعاء، بنص القرآن، عبادة محضة، (وقال ربكم ادعوني أستجب لكم، إنَّ الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين)، وفي الحديث (الدعاء مخ العبادة)
فلماذا نتوجّه إلى البشر، بما هو من خصائص الألوهية؟!
وإذا وقع الجهال في تلك الخطايا بغباوتهم، فلماذا لا نسارع إلى إنقاذهم منها، بل تزوير الفتاوى) أ. هـ. المصدر السابق 73 ـ 76
وهذه بعض النقول عن أئمة العلماء من مختلف المذاهب في إنكار، ومحاربة، ما يفعله الرافضة عند القبور من الشرك الأكبر:
قال الإمام ولي الله الدهلوي وهو إمام السادة الحنفية في عصره: (كل من ذهب إلى بلدة أجمير، أو إلى قبر سالار مسعود، أو ما ضاهاها لأجل حاجة يطلبها؛ فإنه آثم إثمًا أكبر من القتل والزنى، ليس مثله إلاَّ مثل من كان يعبد المصنوعات، أو مثل من كان يدعو اللات والعزى ... ) كتاب جهود السادة الحنفية للشمس الأفغاني ص 1141 - 1142
وقال الفقهاء الحنفية: (من قال: أرواح المشايخ حاضرة تعلم؛ كفر) المصدر السابق ص: 839
وقال الشيخ محمد سلطان بن أبي عبد الله المعصومي الحنفي المتوفى عام 1318هـ، بعد أن ضرب عدة أمثلة لاستغاثات الصوفية بالأولياء ثم قال: (اعلموا أيها المسلمون، يا أيها الحنفيون، هداني الله وإياكم، أنَّ هذه الكلمات كلُّها شرك، وكفر، وضلال في الدين الإسلامي، والشرع المحمدي، والمذهب الحنفي، بل والمذاهب الأربعة إجماعا، وقائلها مشرك لا تصحّ صلاته، ولا صيامه، ولا حجه، ولا إمامته، إلاَّ إذا تاب، وآمن، وأعلن توبته كما أشهر شركه) المصدر: كتاب حكم الله الواحد الصمد 4/ 7
قال العلاَّمة الشنقيطي في تفسيره 2/ 98: " التحقيق في معنى الوسيلة، هو ما ذهب إليه عامة العلماء، في أنها التقرب إلى الله تعالى بالإخلاص له في العبادة على وفق ما جاء به الرسول .... وبهذا التحقيق تعلم أنَّ ما يزعمه كثير من ملاحدة أتباع الجهال المدعين للتصوف، من أنَّ المراد بالوسيلة في الآية، الشيخ الذي يكون له واسطة بينه وبين الله، أنَّه تخبُّط في الجهل، والعمى، وضلالٌ بَيّن، وتلاعب بكتاب الله تعالى،
واتخاذ الوسائط من دون الله من أصول كفر الكفار، كما صرح به تعالى في قوله عنهم: (ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى)، وقوله: (ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله قل أتنبئون الله بما لا يعلم في السموات والأرض سبحانه وتعالى عما يشركون)، فيجب على كلِّ مكلف أنَّ يعلم أن الطريق الموصلة إلى رضا الله، وجنته، ورحمته، هو إتباع رسوله صلى الله عليه وسلم ومن حاد عن ذلك فقد ضل سواء السبيل". اهـ.
وقال الشيخ قاسم في شرح درر البحار: (النذر الذي يقع من أكثر العوام، بأن يأتي إلى قبر بعض الصلحاء قائلاً: يا سيدي؛ إن رُدّ غائبي، أو عُوفي مريضي، أو قُضيت حاجتي؛ فلك من الذهب أو الطعام أو الشمع كذا وكذا؛ باطلٌ إجماعاً، لوجوه منها: أن النذر للمخلوق لا يجوز، ومنها، أنه ظنَّ الميت يتصرف في الأمر، واعتقاد هذا كفر، ... ، وقد ابتُلي الناس بذلك ولاسيما في مولد الشيخ أحمد البدوي) أ. هـ.
وقال الشيخ محمد عابد السندي الحنفي في كتابه "طوالع الأنوار شرح تنوير الأبصار مع الدر المختار ": (ولا يقول: يا صاحب القبر، يا فلان، إقض حاجتي، أو سلها من الله، أو كن لي شفيعا عند الله، بل يقول: يا من لا يشرك في حكمه أحدا؛ اقض لي حاجتي هذه).
وقال الشيخ صنع الله الحلبي الحنفي رحمه الله: (هذا وإنه قد ظهر الآن فيما بين المسلمين جماعات يدَّعون أن للأولياء تصرفات في حياتهم وبعد الممات، ويستغاث بهم في الشدائد، والبليات، وبهم تنكشف المُهّمات، فيأتون قبورهم وينادونهم في قضاء الحاجات، مستدلِّين على أن ذلك منهم كرامات!
¥