والسبعون هم أهل السنة والجماعة، وهي الفرقة الناجية) انتهى
ثانيا: بيان أنَّ تحريم عبادة أرواح الموتى، من الصالحين، مقرَّرة عند جميع مذاهب المسلمين، وأنهَّا شرك، تجب محاربته:
ولنبدأ ـ لحكمةٍ لاتخفى ـ ببيان أنَّ مدرسة (الإخوان المسلمين) الشامخة، هي من المدارس الحركيِّة التي حاربت، وحذَّرت من هذا الشرك أيضا، وليس للمدرسة السلفية خصوصية في هذا الشأن، كما حاول المبطل أن يوهم الناس، وإن كانت عناية المدرسة السلفية المباركة بحرب الشرك والخرافة أكثر،
كما:
قال الإمام حسن البنا رحمه الله تعالى: (وزيارة القبور أياً كانت مشروعة بالكيفية المأثورة، ولكن الاستعانة بالمقبورين أياً كانوا، وندائهم لذلك، وطلب قضاء الحاجات منهم عن قرب، أو بعد، والنذر لهم، وتشييد القبور، وسترها، وإضاءتها، والتمسح بها، والحلف بغير الله، ومايلحق بذلك من المبتدعات، كبائر تجب محاربتها, ولا نتأول لهذه الأعمال) الأصول العشرين.
وقال الشيخ القرضاوي مثنيا على جهود المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في محاربة الشرك، وعبادة القبور، ومؤيِّدا لها: (فالإمام محمد بن عبد الوهاب في الجزيرة العربية، كانت الأولوية عنده للعقيدة، لحماية حمى التوحيد من الشركيات، والخرافيات التي لوَّثت نبعه، وكدَّرت صفاءه، وألَّف في ذلك كتبه، ورسائله، وقام بحملاته الدعوية، والعملية، في هدم مظاهر الشرك).
ومن أحسن من تكلَّم في التحذير من هذه الخرافات من المعاصرين، الشيخ محمد الغزالي رحمه الله، ولننقل ما ذكره في كتابه عقيدة المسلم.
قال رحمه الله: (ولماذا نستحي من وصف القبوريين بالشرك، مع أن الرسول وصف المرائين به، فقال: (الرياء شرك)، وإنّ واجب العالم أنْ يرمق هذه التوسلات النابية باستنكار، ويبذل جهده في تعليم ذويها طريق الحق، لا أن يفرغ وسعه في التمحُّل والاعتذار، ولستُ ممن يحب تكفير الناس بأوهى الأسباب، ولكن حرام أن ندع الجهل بالعقائد ونحن شهود) عقيدة المسلم ص 73
وقال أيضا: (والمعابد التي أقاموها على قبور الصالحين قدسوها، وسلكوها مسلك الأصنام في الشرك، فلما جاء الإسلام أعلن على هذين المظهرين من مظاهر الوثنية، حرباً شعواء، وشدد تشديداً ظاهراً في محق هذه المساخر المنافقة، وقد رأينا كيف أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم، أرسل إلى ابن عمه علي رضي الله عنه، وأمره أن يسوِّي بالأرض كلَّ قبر، ويهدم كلَّ صنم، فجعل الأضرحة العالية، والأصنام المنصوبة، سواء في الضلالة، وقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم في البيان عن سفاهة القدامى، وفي التحذير من متابعتهم، (لعن الله اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبياءهم مساجد، ألا لا تتخذوا القبور مساجد، فإنّي أنهاكم عن ذلك)، وكان يرفع الخمرة عن وجهه في مرض الموت، ويكرّر هذا المعنى، وكأنّه توجَّس شرّا مما به فدعا الله: (اللهمّ لاتجعل قبري من بعدي وثنا يعبد) عقيدة الإسلام ص 69
ثم قال في موضع آخر: (وقول الله تعالى: " ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك " ليس تصريحا، ولا تلميحا، إلى جواز التوسل، والآية ناطقة بأنَّ المجيء للظفر بإستغفار الرسول صلى الله عليه وسلم، وذلك ـ بداهةً ـ في أثناء الحياة، لا الموت .. فإذا كان بعض الناس، يحكي أموراً عن مجيئة للرسول صلى الله عليه وسلم في قبره، وأنه سلم فسمع الرد، ثم حظي بتقبيل اليد، فهو بين حالتين:
إمّا أن يكون كذَّابا فلا قيمة لكلامه.
وإما أن يكون مجذوبا ـ يعني مجنونا ـ تخيَّل فخال، ولاقيمة لكلامه كذلك.
ونحن لاندع كتاب ربِّنا، وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم لهذه الحكايات، أمَّا ذلك الذي يوجب التوسُّل، ويرى أنَّ تأثير الميت أقوى من الحي، فهو رجل مخبول، وزعمه بإنتفاء الشرك، مادام الإعتقاد أنَّ الفاعل هو الله، كلامٌ فارغ.
وقد أبَنَّا أنَّ المشركين القدماء كانوا يعرفون أنَّ الفاعل هو الله، وأنَّ توسَّلهم كان من باب (ما نعبدهم إلاّ ليقرّبونا إلى الله زلفى)، وأنّ ندمهم يوم القيامه، إنّما هو على تسويتهم المخلوق بالخالق، (تالله إنْ كنَّا لفي ضلال مبين، إذ نسوِّيكم برب العالمين)، وهناك عشرات الآيات تؤكد هذا المعنى.
¥