تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والمباحث العميقة “ (710).

3ـ والرازي ـ مثل الغزالي ـ يقسم الناس إلى خواص وعوام، فيقول في معرض تعداده لما ذكره العلماء من فوائد للمتشابهات في القرآن: “ الوجه الخامس ـ وهو السبب الأقوى في هذا الباب ـ أن القرآن كتاب مشتمل على دعوة الخواص والعوام بالكلية، وطبائع العوام تنبو في أكثر الأمر عن إدراك الحقائق، فمن سمع من العوام في أول الأمر إثبات موجود ليس بجسم ولا بمتحيز ولا مشار إليه، ظن أن هذا عدم ونفي فوقع في التعطيل، فكان الأصلح أن يخاطبوا بألفاظ دالة على بعض ما يناسب ما يتوهمونه ويتخيلونه، ويكون ذلك مخلوطاً بما يدل على الحق الصريح “ (711)، وليس المقصود رد ما في كلامه من الباطل، وإنما بيان منهجه وأنه يقسم الناس إلى عوام وخواص.

فهذه الشواهد ـ من كلامه ـ تدل على أن الرازي يوافق الفلاسفة ويحسن الظن بعلومهم ويعتقد أنها لا تخالف علم الكلام (712)، وهذا يدل على خطورة مذهبه ومنهجه، وأنه متكلم متفلسف خلط هذا بهذا، وقد اقتدى به كثير ممن أتى بعده.

ثالثاً: من القضايا المتعلقة بمنهج الرازي أنه يعتبر من الذين خلطوا الكلام بالفلسفة، وقد انتقده في ذلك بعض متأخري الأشعرية حتى قال السنوسي في شرح السنوسية الكبرى عنه “ وقد يحتمل أن يكون سبب دعائه بهذا ما علم من حاله من الولوع بحفظ آراء الفلاسفة وأصحاب الأهواء وتكثير الشبه لهم، وتقوية إيرادها، ومع ضعفه عن تحقيق الجواب عن كثير منها على ما يظهر من تآليفه، ولقد استرقوه في بعض العقائد فخرج إلى قريب من شنيع أهوائهم، ولهذا يحذر الشيوخ من النظر في كثير من تآليفه “ (713)، وقال أيضاً في شرحه لعقيدته الأخرى “ أم البراهين “: “ وليحذر المبتدي جهده أن يأخذ أصول دينه من الكتب التي حشيت بكلام الفلاسفة وأولع مؤلفوها بنقل هوسهم وما هو كفر صراح من عقائدهم التي ستروا نجاستها بما ينبههم على كثير من اصطلاحاتهم وعباراتهم التي أكثرها أسماء بلا مسميات، وذلك ككتب الإمام الفخر في علم الكلام، وطوالع البيضاوي ومن حذا حذوهما في ذلك، وقل أن يفلح من أولع بصحبة الفلاسفة “ (714)، وأشعرية الرازي لا يتطرق إليها أي شك، وهو وإن خالفهم أحياناً أو ردّ على بعض أعلام الأشاعرة إلا أنه وضع بعض التآليف التي أصبحت فيما بعد عمدة يعتمد عليها الأشاعرة، وذلك مثل كتابه المحصل، والمعالم، والأربعين، والخمسين، وأساس التقديس، وهذا الأخير يعتبر من أقوى كتبه الأشعرية وأهمها ولذلك أفرد له شيخ الإسلام ابن تيمية كتاباً من أهم كتبه وأكبرها ـ وهو وإن كان لم يصل إلينا كاملاً ـ إلا أن الذين ذكروه تحدثوا عنه بما يفيد أنه أكبر من درء تعارض العقل والنقل، وما وجد من هذا الكتاب ـ مطبوعاً ومخطوطاً ـ يدل على أن شيخ الإسلام تتبع أقوال الرازي كلمة كلمة وعبارة عبارة ونقضها وبين ما فيها من مخالفة لمذهب السلف، وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية في مقدمة رده على الرازي مكانته ومنزلته بين أتباعه فقال: “ فلهذا ذكرت ما ذكره أبو عبد الله محمد بن عمر الرازي، المعروف بابن خطيب الري، الإمام المطلق في اصطلاح المقتدين به من أهل الفلسفة والكلام، المقدم عندهم على من تقدمه من صنفه في الأنام، القائم عندهم بتجديد الإسلام، حتى قد يجعلونه في زمنه ثاني الصديق في هذا المقام لما رده في ظنهم من أقاويل الفلاسفة بالحجج العظام، والمعتزلة ونحوهم، ويقولون: إن أبا حامد ونحوه لم يصل إلى تحقيق ما بلغه هذا الإمام، فضلاً عن أبي المعالي ونحوه ممن عندهم فيما يعظمونه من العلم والجدل بالوقوف على نهاية الإقدام، وأن الرازي أتى في ذلك منتهى نهاية العقول والمطالب العالية بما يعجز عنه غيره من ذوي الإقدام، حتى كان فهم ما يقوله عندهم هو غاية المرام، وإن كان فضلاؤهم مع ذلك معترفين بما في كلامه من كثر التشكيك في الحقائق، وكثرة التناقض في الآراء والطرائق، وأنه موقع لأصحابه في الحيرة والاضطراب، غير موصل إلى تحقيق الحق الذي تسكن إليه النفوس وتطمئن إليه الألباب، لكنهم لم يروا أكمل منه في هذا الباب، فكان معهم كالملك مع الحجاب، وكان له من العظمة والمهابة في قلوب الموافقين له والمخالفين ما قد سارت به الركبان، لما له من القدرة على تركيب الاحتجاج والاعتراض في الخطاب “ (715).

أما ما يدل على دخوله في الفلسفة فأمور:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير