في سفر التكوين: (أن نوحا كان أول فلاح وغرس كرما ثم شرب الخمر وتعرى، فجاء حام وسام ويافث وحاولا أن يسترا أبيهما، فأخذا لباسا ومشى القهقرى إلى الوراء حتى لا يريا عورة أبيهما، فلما أفاق نوح قال: ملعون كنعان عبدا ذليلا يكون لإخوته، تبارك الرب سام ويكون كنعان عبدا لسام)
والعجيب:
أن جميع شراح الكتاب لم ينفوه ولم يستنكروه حتى من الشراح العرب، بل يجعلون ذلك من مآثر الكتاب المقدس لأنه يذكر ما يفعله أهل الصلاح كما يذكر صلاحهم.
ونحن نقول بأن الحقيقة لها قدر والخرافة لها قدر، والأنبياء في مقامات عالية.
وهنا لفتة: لماذا كنعان ملعون في القصة؟
السبب لأن الشعوب المخالفة لليهود وبالذات الكنعانيون صاروا بعد ذلك أعداء لبني إسرائيل، فما ذكر هنا يعتبر تمهيدا للعنتهم، وأن الذين يقاتلونهم على يد يوشع بن نون أن معهم الحق، وأن الله وعدهم أرض الكنعانيين.
المثال الثاني: لوط عليه السلام
يقول في سفر التكوين: (صعد لوط من صومعر، واتخذ من المغارة بيتا له، ومعه ابنتاه الكبرى والصغرى، فقالت الكبرى: أبونا شاخ وليس في الأرض رجل يدخل، فهلم نسق أبانا خمرا ونضطجع معه نحيي لنا نسلا ... فأتت الكبرى منه بمؤاب، وأتت الصغرى بالعمانيين) وهم الذين سكنوا عمان عاصمة الأردن بعد ذلك.
والعجيب قول الشراح في هذا الكلام:
قال أحدهم: المفسرين يلقون العذر لابنتي لوط لظنهما أنهما ظنتا عدم وجود رجال في العالم كما حدث في الطوفان، فكيف يأتي المسيح بعد ذلك، فاتخذتا هذا الرأي.
وهذا رأي يغني عرضه عن رده.
ولكن لماذا يذكر هذا مع لوط؟
السبب لأنه ابن أخ إبراهيم عليه السلام كما زعموا، فيريدون أن يبينوا أن جميع الشعوب مدنسة وأنها لا تنتمي لإبراهيم عليه السلام إلا هم فهم شعب الله المختار، وأنهم أولى بالتكريم الذي وعد لذرية إبراهيم عليه السلام.
3ـ كل ما جاء في العهد القديم والجديد من البشارة برسول يأتي يفدي الناس وينقذهم وغير ذلك من الأخبار فالمراد به النبي محمد صلى الله عليه وسلم لكنهم حرفوها.
4ـ وهذا الحط من منزلة الأنبياء والنظرة الشعوبية لدى اليهود تدل على النفسية اليهودية التي كبتت في القرون الماضية وأنه لم يسلم من نظرتهم وتدنيسهم حتى أنبياء الله الكرام، ونحن نستثني المؤمنون الذين آمنوا بموسى ثم عيسى ثم محمد عليهم السلام.
5ـ الحنفية ملة إبراهيم تشمل ثلاثة أمور:
أ ـ أمور العقيدة: ويشمل توحيد الله والبراءة من كل معبود سوى الله.
ب ـ المحرمات: وهي التي لا تليق بالأنبياء كنكاح الأمهات والبنات والأخوات، وقد ذكرها العلماء في تفسيرهم للحنيف.
ج ـ أمور الفطرة: كالختان وغيرها.
وعلى هذا من ينسب لإبراهيم أنه تزوج أخته سارة فهذا لا يليق بالأنبياء جميعا.
ـ[أبو عمر الشمري]ــــــــ[08 - 09 - 09, 03:50 ص]ـ
الدرس السادس عشر: أعتذر عنه لأني سافرت ولم أحضر الحلقة ولعل الله ييسرها لي.
الدرس السابع عشر 17/ 9/1430هـ
موضوع الحلقة عن سليمان عليه السلام
1ـ سليمان عليه السلام من الأنبياء الذين شوهت سمعتهم من قبل أهل الكتاب، ومن ذلك:
أ ـ أنه حاول قتل إخوانه ليستأثر بالملك ولا سيما أخاه (أدونيا)، وهذا يحدث بأي بلاط ملك من ملوك الدنيا.
ب ـ في كتاب قاموس الآلهة يقولون عن سليمان عليه السلام: ابن الملك داود، وهو أعظم الملوك، ملك 40 سنة.
فهم يعتبرونه مجرد ملك من الملوك، حتى بناء بيت المقدس يعتبرونه من أمور الأبهة والعظمة والتفاخر بالبناء، ولا يتكلمون عن مضمونه من عبادة الله سبحانه.
2ـ وعلى هذا فإننا نجد:
أن سيرة سليمان عليه السلام مشبعة بتفكير الأحبار والرهبان وهي النفسية الجشعة المتعطشة للدنيا والملك والتجارة والأبنية والخيول، حتى شبهوه برمسيس الثاني وهو فرعون في البناء وعظمة الجنود.
3ـ في القرآن والشريعة الإسلامية هناك مثالان للنفوس الإيمانية لا تخلو النفس الإيمانية بأحدهما:
وهو إما غني شاكر أو فقير صابر، أي إما زاهد في الدنيا راض بقدر الله، أو أوتي حظه منها فيسخره بطاعة الله، وللمؤمنين مثالان هما: سليمان عليه السلام ومحمد صلى الله عليه وسلم، وكذلك أتباعهما في الصحابة الكرام كأمثال أبي بكر وعثمان رضي الله عنهم أجمعين.
¥