تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

عندهم أصل الوضع و الاستعمال الأول.

وهذا يقبله العقل بلا مكابرة.

الوجه الخامس من الرد: أن من ينكر أن يكون للأسماء أصل بالوضع ينكر

شيئا يفعله بنفسه ليل نهار.

فتراه يقول لابنه أو لمن يكلمه:

هات القلم!

إيتني بكأس!

إيتني بوسادة!

فيذكر كثيرا من المسميات دون أن يكون في كلامه إشارة أو قرينة إلى ما أراده

باللفظ، فيأتيه الولد بما يطلبه دونما عناء!!

فمذا يقال بعد كل هذا؟

ـ[أبو إلياس الوحسيني]ــــــــ[03 - 10 - 09, 12:10 ص]ـ

الحمد لله

لازال الكلام في معرض إثبات وجود ظاهرة (جريان اللفظ على غير ظاهر

الكلام) وأنه أمر حاصل وواقع تشهد له أصح الشواهد من كلام الله تعالى

وكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم وكلام أفصح العرب أنفسهم حيث

تعاملوا بهذا الأمر في مخاطباتهم، وكيف تطرق إليهم الخطأ أحيانا فأخذوا معنى

الكلام على ظاهر اللفظ وكان الصواب إجراء معنى الكلام على غير ظاهر

اللفظ، وقد تقدمت طائفة من الأدلة على ذلك كالشمس في رابعة النهار

لا تضام في رؤيتها.

وطال ذيل الكلام، واشتغلنا بإبطال قول النفاة لأصل الوضع، أو الوضع

الأول، أو الظاهر المتبادر للأسماء خارج غير التركيب، أو دونما قرينة أو

سياق.

وقد تقدمت بحمد الله أدلة قوية دامغة من كلام الله وكلام رسول الله صلى الله

عليه وسلم وما تقتضيه العقول السليمة بل وما يتعامل به النفاة أنفسهم في

حياتهم مما ينقض قولهم بإنكار المعنى الأصلي للأسماء و الكلمات.

وتقدمت خمسة أوجه في إثبات أنه لا بد للكلمات من أصل ترجع إليه،

ووضع أول يكون مرجعا لها ولو من غير قرينة ولا سياق، بحيث تدل على

نفسها بنفسها، وضربنا أمثلة لذلك بأسماء من

القرآن مثل:

القردة

الجبال

الابل

الغراب

السماء

والقول بأن الأسماء لا تدل على المسميات إلا بقرينة سوقع في حرج وبلاء

شديد كما تقدم بيانه في المشاركة الماضية.

وهذا أوان الشروع في ذكر أوجه أخرى يطمئن بها القائل إلى الحق المبين: ألا

وهو أن للأسماء خارج القرينة و التركيب دلالة متبادرة إلى الأذهان.

وإنما أحوج إلى هذه المقدمة كونها أس برهان المنكرين لأصل الوضع

فقد أنكروا على المثبتين قولهم:

(نقل الكلمة عن أصل وضعها لقرينة موجبة لذلك).

وزعموا أن المثبتين لهذا الأمر متخرصون يرجمون بالغيب، إذ لم يشهدوا – في

زعمهم – نشأة اللسان!! فكيف يقال هذه الكلمة أصلها الأول كذا؟!!!

فالمرجو من الإخوة الأكارم أن يصبروا معنا على شيء من الإطالة

وأن يشاركونا ويفيدونا بما عندهم، ونحن إنما نتعلم بقدح زند الفكر.

وهذا اوان الشروع في إكمال ما بدأناه من البرهان على أن الأسماء

تدل على المسميات الأصلية.

وقد تم الوجه الخامس من البرهان بحمد الله.

الوجه السادس أنك تجد في القرآن نداء الله تعالى لبعض المخلوقات

بأسمائها كقوله تعالى: ((يا جبال أوبي معه و الطير))

فقد نادى الله تعالى في هذه الآية خلقا من خلقه بقوله سبحانه:

((يا جبال أوبي معه))

فمن من المخلوقات استجاب لهذا النداء؟

وهل اختلط هذا الأمر الإلهي على المخلوق المأمور فلم يدر أهو المقصود بالنداء

أم غيره؟! فإن الكلام لا قرينة فيه و لا سياق يعين على معرفة المقصود

بالنداء!

بل علمت الجبال أنها المأمورة بالتأويب مع داود مع الطير، ولذلك

استجابت فأخبر الله عنها بقوله في آية أخرى:

((إنا سخرنا الجبال معه يسبحنبالعشي و الإشراق))

فدل هذا على أن الجبال علمت أنها المخلوق المأمور بهذا الأمر بمجرد هذا

النداء ((يا جبال)) فلهذا امتثلت.

وهو - كما تقدم - نداء لا قرينة فيه تدل على المقصود إلا دلالة الاسم على

نفسه ولو كان اسم الجبال خارج القرينة و السياق منصرفا لغير الجبال

المعروفة لأوبت مخلوقات أخرى مع داود، أو لكان في ذلك إجمال

كبير تنتفي معه حكمة التكليف بهذا الأمر إذ لا يُدرى من المقصود

بهذا النداء! فتنبه لهذا الأمر بارك الله فيك.

والعجب من الجبال ومن منكر الظاهر المتبادر، فإن الجبال استجابت لأمر الله

تعالى لأنها تعلم –بما علمها الله – أنها هي الشيء المسمى بالجبال، أما المنكر

فإنه يزعم أن كلمة (الجبال) خارج السياق لا تدل على شيء لمعزل عن

السياق والقرينة!!

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير