ـ[نضال مشهود]ــــــــ[04 - 10 - 09, 04:22 م]ـ
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسل الله.
أخي الكريم أبا إلياس. . أحسن الله إليك؛
أولا: لا أفهم قصدك بـ (ترتيب المشاركات)، وأرجو أن توضحه لي.
ثانيا: لا أخالفك أن النكرة في سياق النفي تفيد العموم، لكن هل تخالفني أن السياق سياق الكلام عن الشرك وأهله؟ أي عن (ظلم العبد ربه) وليس (ظلم العبد نفسه)؟
بل حتى على القول بأن المراد بـ (الظلم) في الآية عموم الظلم الشامل للشرك فما دونه، فالفهم أيضا مستقيم لا خلل فيه، لأن الظلم لا يختلف الاثنان أنه سبب لنقص (الأمن) و (الاهتداء) - كل بحسبه.
وإنما الخطأ أن يفهم أحد أن مطلق الظلم يرفع أصل الأمن والاهتداء، وهذا ما صححه الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بأبي هو وأمي.
قال الشيخ السعدي: (قال الله تعالى فاصلا بين الفريقين {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا} أي: يخلطوا {إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الأمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ} الأمن من المخاوفِ والعذاب والشقاء، والهدايةُ إلى الصراط المستقيم، فإن كانوا لم يلبسوا إيمانهم بظلم مطلقا، لا بشرك، ولا بمعاص، حصل لهم الأمن التام، والهداية التامة. وإن كانوا لم يلبسوا إيمانهم بالشرك وحده، ولكنهم يعملون السيئات، حصل لهم أصل الهداية، وأصل الأمن، وإن لم يحصل لهم كمالها. ومفهوم الآية الكريمة، أن الذين لم يحصل لهم الأمران، لم يحصل لهم هداية، ولا أمن، بل حظهم الضلال والشقاء.)
ثالثا: أسألك بالله عليك: هل خرج القرآن بهذه الآية عن عادات العرب ومعهودهم في الكلام حيث قصد بالنكرة في سياق النفي ما لا تعتاده العرب في سنن كلامهم - على حد ما زعمت؟؟
رابعا: لا فرق أصلا بين (الأسماء) و (الأفعال) و (حروف المعاني) في هذا الأمر الذي نتكلم عليه. ومدعى التفريق مطالب بالإتيان بفارق صحيح مؤثر، وإلا فهو إلقاء للكلام على عواهنه. واقرأ إن شئت في هذا الأمر (مختصر الصواعق) تجد ما يشفي صدرك بإذن الله تعالى.
خامسا: تعجبت كثيرا من قولك
حدثني عن مطلق الغرابية في الآية
((فبعث الله غرابا يبحث في الأرض ليريه سوءة أخيه))
ما هذا الشيء؟
ما هي مطلق الغرابية هذه التي تزعمها؟
من القائل إن اللفظ المركب بقي مطلقا في الدلالة حتى تسألني هذا السؤال؟؟
يا أخي ... حاول أن تفهم المذهب على وجهه.
أنا قلت:
فقولنا: (إنسان) لا يفيد من المعاني إلا مطلق الإنسان، وقولنا (خرج) لا تفيد من المعاني إلا مطلق الخروخ، وقولنا (على) لا تفيد من المعاني إلا مطلق الاستعلاء، وهكذا دواليك.
لم أقل مثلا: قولنا: (هذا إنسان) لا يفيد من المعاني إلا مطلق الإنسان.
ولم أقل: قولنا: (رأيت إنسانا) و (بعثت إنسانا) لا يفيد من المعاني إلا مطلق الإنسان.
لم أقل إن اللفظ بعد التركيب بقيت دلالته على الإطلاق. . لا، ولا يتصور مني قوله!
إنما الذي أقول به إن اللفظ المجرد عن التركيب لا يدل إلا على مطلق معناه.
وأما بعد التركيب، فدال على ما اتجه إليه التركيب من المعاني والمرامي.
فقوله تعالى: {فبعث الله غرابا يبحث في الأرض ليريه كيف يواري سوءة أخيه}
يدل لفظ (الغراب) بهذا الإيراد وهذا التركيب وهذا السياق على "غراب واحد معين موجود حي".
وأما قول القائل: (غراب) مجردا عن التركيب، فلا يدل إلا على غراب مطلق،
لا هو معلوم كونه موجودا أو معدوما، ولا كونه واحدا أو كثيرا،
ولا كونه معينا أو غير معين، ولا كونه حيا أو ميتا، ولا صغيرا أو كبيرا، ولا ولا إلخ.
فهذا التعيين والوجود والوحدانية والحياة هو الذي اكتسبه اللفظ من التصريف والتركيب.
وهذا - بحمد الله تعالى - واضح.
سادسا: ما زعمته واقعا عند العرب وعند غيرهم في مسألة ثنائية (الظاهر) و (غير الظاهر) أو (المتبادر) و (غير المتبادر) في صالحنا لا في صالحك. إذ أن تلك الوقائع ذاتها إنما تدل على أنه قد يظهر لفلان ما لا يظهر لفلان، وقد يتبادر إلى أذهان بعض المخاطب ما لا يتبادر إلى ذهن المتكلم. . وكل هذا دليل على أن ثنائية (الظاهر) و (غيرا الظاهر) أو (المتبادر) و (غير المتبادر) أمر نسبي لا تقسيم مطرد. وكم كنت أستغرب من استخدامك حجج هي عليك لا لك!
¥