قال أبو العباس المراكشي إنما كتبت {بأييد} بياءين فرقا بين الأيد الذي هو القوة وبين الأيدي جمع يد ولا شك أن القوة التي بنى الله بها السماء هي أحق بالثبوت في الوجود من الأيدي فزيدت الياء لاختصاص اللفظة بمعنى أظهر في أدراك الملكوتي في الوجود. اهـ (عنوان الدليل من مرسوم خط التنزيل ص 91) و نقلها عنه الزركشي في (البرهان في علوم القرآن ج1 ص 387)
أقوال بعض العلماء:
قال ابن خزيمة رحمه الله في كتابه التوحيد:
وزعم بعض الجهمية: أن معنى قوله "خلق الله آدم بيديه":
(أي بقوته) فزعم أن اليد هي القوة، وهذا من التبديل أيضاً، وهو جهل بلغة العرب، والقوة إنما تسمى الأيد في لغة العرب، لا اليد، فمن لا يفرق بين اليد والأيد فهو إلى التعليم والتسليم إلى الكتاتيب أحوج منه إلى الترؤس والمناظرة.
قد أعلمنا الله (عز وجل) أنه خلق السماء بأيد، واليد واليدان غير الأيد، إذ لو كان الله (خلق) آدم بأيد كخلقه السماء، دون أن يكون الله خص خلق آدم بيديه لما قال لإبليس] ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي [.
ولا شك ولا ريب: أن الله (عز وجل) قد خلق ابليس عليه لعنة الله أيضاً بقوته، أي إذا كان قويا على خلقه فما معنى قوله: (ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي)، عند هؤلاء المعطلة، و البعوض والنمل وكل مخلوق فالله خلقهم عنده بأيد وقوة. اهـ
قال أبو حسن الأشعري في كتابه الإبانة:
وقد اعتل معتل بقول الله تعالى (1/ 130): (والسماء بنيناها بأيد) من الآية (47/ 51) قالوا: الأيد القوة فوجب أن يكون معنى قوله تعالى: (بيدي) بقدرتي قيل لهم: هذا التأويل فاسد من وجوه:
أحدها: أن الأيد ليس جمع لليد لأن جمع يد أيدي وجمع اليد التي هي نعمة أيادي وإنما قال تعالى: (لما خلقت بيدي) من الآية (75/ 38) فبطل بذلك أن يكون معنى قوله: (بيدي) معنى قوله: (بنيناها بأيد)
وأيضا فلو كان أراد القوة لكان معنى ذلك بقدرتي وهذا ناقض لقول مخالفنا وكاسر لمذهبهم لأنهم لا يثبتون قدرة واحدة فكيف يثبتون قدرتين. (1/ 132)
وأيضا فلو كان الله تعالى عنى بقوله: (لما خلقت بيدي) القدرة لم يكن لآدم صلى الله عليه وسلم على إبليس مزية في ذلك والله تعالى أراد أن يرى فضل آدم صلى الله عليه وسلم عليه إذ خلقه بيديه دونه ولو كان خالقا لإبليس بيده كما خلق آدم صلى الله عليه وسلم بيده لم يكن لتفضيله عليه بذلك وجه وكان إبليس يقول محتجا على ربه: فقد خلقتني بيديك كما خلقت آدم صلى الله عليه وسلم بهما فلما أراد الله تعالى تفضيله عليه بذلك وقال الله تعالى موبخا له على استكباره على آدم صلى الله عليه وسلم أن يسجد له: (ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي أستكبرت؟) (75/ 38) دل على أنه ليس معنى الآية القدرة إذ كان الله تعالى خلق الأشياء جميعا بقدرته وإنما أراد إثبات يدين ولم يشارك إبليس آدم صلى الله عليه وسلم في أن خلق بهما. (1/ 133)
الإبانة الأشعري [جزء 1 صفحة 133]
قال الشيخ العثيمين رحمه الله (بأيد، أي: بقوة كما قال تعالى: وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِدَاداً [النبأ:12] والأيد هنا ليست جمع يد كما يتوهمه بعض الناس ويظنون أن المراد أن الله بنى السماء بأيد أي: بيديه عز وجل، ذلك لأن الأيد هنا مصدر آد يئيد بمعنى: قوي، ولهذا لم يضف الله تعالى هذه الكلمة إلى نفسه الكريمة كما أضافها إلى نفسه الكريمة في قوله تعالى: أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَاماً [يس:71] فمن فسر الأيد هنا بالقوة فإنه لا يقال: إنه من أهل التأويل الذين يحرفون الكلم عن مواضعه، بل هو من التأويل الصحيح.) اهـ لقاءات الباب المفتوح
قال الشيخ عبد الرحمن بن ناصر البراك حفظه الله:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
¥