2 - سجود التحية:- وهو ذلك الإسلوب الذي يمارس علي نحو أو آخر علي سبيل التحية لإلي الكبير لعظم فضله أو مكانته. وهذا النوع من السجود لم يكن محرما قبل بعثة رسول الله صلى الله عليه و سلم بل ذكر القرآن الكريم في مواضع عديدة منه نماذج لها مشيراً إلي كونه مشروعاً. لا شئ فيه ولا حرج، قال اله تعالي: وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ) (البقرة:34)
وقال تعالي عن يوسف وإخوته: (َرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً) (يوسف: من الآية100)
وبهذا يتبين خطا من قال أن السجود كله كفراً ما دام لغير الله. (9)
يقول الشيخ ملاَ علي القاري تعليقاً علي قول القاضي عياض في متن " الشفا ": " وكذا نكفر بكل فعل أجمع المسلمون علي أنه لا يصدر إلا من كافر، وإن كان صاحبه مصرحاً بالإسلام مع فعله ذلك الفعل الذي لا يصدر إلا من كافر كالسجود للصنم والشمس والقمر والصليب الذي للنصارى، والنار ".
قال علي القاري: " بخلاف السجود للسلطان ونحوه، وبدون قصد العبادة، بل بإرادة التعظيم في التحية، فإنه حرام لا كفر، وقيل: كفر " انتهي (10).
وكما لا يخفي عليك أن قول الشارح: " وقيل: كفر " مشعر بالتضعيف والتمريض، كما هو عادة أهل العلم عند تقريرهم الراجح من الأقوال.
يقول ابن حجر الهيتمي الشافعي، وينقل عن النووي في " الروضة " قوله: إن مثل هذا السجود – أي سجود التحية – حرام لا كفر "، فيقول: " ثم ما اقتضاه كلامه – أعني الشيخ عز الدين ابن عبد السلام – من أنَ العلماء كالوالد في ذلك يدل عليه ما في " الروضة " آخر سجود التلاوة "، وعبارته: وسواء في هذا الخلاف في تحريم السجدة ما يفعل بعد صلاة وغيره، وليس من هذا ما يفعله كثيرون من الجهلة الضالين من السجود بين يدي المشايخ، فإن ذلك حرام قطعاً بكل حال، سواء كان للقبلة أو لغيرها، وسواء قصد السجود لله أو غفل، وفي بعض صوره ما يقتضي الكفر، عافانا الله من ذلك، فأفهم أنه قد يكون كفراً بأن يقصد به عبادة مخلوق أو التقرب إليه، وقد يكون حراماً إن قصد به تعظيمه أو أطلق، وكذا يقال في الوالد " (11).
نسخ سجود التحية بحديث معاذ رضي الله عنه:ء
ومما يوضح أن معاذاً رضي الله عنه قد سجد علي وجه التحية تصريح العلماء بأن هذا الأمر ظل مباحاً إلي عصر الرسول صلي الله عليه وسلم وأن الناسخ له هو حديث معاذ المذكور.
هذا هو سجود التحية وحكمة:
-أنه كان مشروعاً في الأمم السابقة بدليل الآيات المشار إليها: ثم نهي عنه رسول الله صلى الله عليه و سلم فمن بذله علي نحو التحية بعد نهي رسول الله ر كان مرتكباً لمعصية الله
-قال الجصاص رحمة الله في تفسير قوله تعالي: وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا) (البقرة:34)
(وقد كان السجود جائزاً في شريعة آدم و للمخلوقين ويشبه أن يكون قد كان باقياً إلي زمان يوسف و فكان فيما بينهم لمن يستحق ضرباً من التعظيم ويراد إكرامه وتبجيله بمنزله المصافحة والمعانقة فيما بيننا وبمنزلة تقبيل اليد وقد روي عن النبي صلى الله عليه و سلم في إباحة تقبيل اليد أخبار وقد روي الكراهة، إلا أن السجود لغير الله تعالي علي وجه التكريم والتحية منسوخ بما روت عائشة "
وجابر ابن عبد الله وأنس أن النبي ر قال (ما ينبغي لبشر أن يسجد لبشر ولو صلح لبشر أن يسجد لبشر لأمرت المرآة أن تسجد لزوجها من عظم حقه عليها لفظ حديث أنس بن مالك) أ. هـ
وقال ابن كثير: {وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم} فكانت الطاعة لله والسجدة لأدم أكرم الله آدم أن أسجد له ملائكته وقال بعض الناس كان هذا سجود تحية وسلام وإكرام كما قال تعالى: {ورفع أبويه على العرش وخروا له سجدا وقال يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا} وقد كان هذا مشروعا في الأمم الماضية ولكنه نسخ في ملتنا قال معاذ .. ثم ذكر حديث معاذ).أ. هـ
واستشهد القرطبي في تفسيره بهذا الحديث علي أن سجود التحية كان جائزاً ألي عصر الرسول صلى الله عليه و سلم.
¥