[القوانين الإلاهية الأربعة التي تقرر مصير المجتمعات البشرية، للعلامة إدريس الكتاني]
ـ[حمزة الكتاني]ــــــــ[16 - 08 - 06, 03:09 ص]ـ
هذه مقالة للعلامة الدكتور إدريس ابن الإمام محمد بن جعفر الكتاني، حفظه الله، وهي ملخص لكتابه: "الخريطة القرآنية للمجتمعات البشرية":
قانون (الإيمان بالإسلام) كدين عالمي وحيد للبشرية كلها
يتحدث عدد من المثقفين والسياسيين المسلمين اليوم عن "الأديان السماوية"، الثلاثة: اليهودية والمسيحية والإسلام، كما لو كانت كلها في درجة واحدة متساوية من الصحة والشرعية، ويجهلون أو يتجاهلون حقيقتين:
1_ ان القرآن الكريم يؤكد بوضوح أنه ليس هناك إلا دين واحد لجميع الأنبياء والرسل السابقين هو الإسلام.
2_ إن الإسلام الذي ختم الرسالات السابقة، تميز بدعوة البشرية كلها للإيمان به، وبشريعة كاملة وشاملة لجميع جوانب الحياة الإنسانية، وصالحة لكل زمان ومكان إلى أن تقوم الساعة، وناسخة، بحكم ذلك للشعائر الدينية البسيطة التي جاء بها الرسل السابقون، مع العلم بالتحريف والتغيير والتناقض الذي عرفته التوراة والإنجيل قبل وعند ظهور الإسلام.
ولتأكيد هاتين الحقيقتين جاءت الآيات التالية لتعلن القانون الإلاهي بوحدانية الدين وعالميته الذي هو دين الله، وأن الغاية منه هي عبادة الله وحده لا شريك له، وأنه دين جميع الأنبياء والرسل السابقين، وأن اختلافهم إنما حدث بعدما قامت عليهم الحجة، بسبب بغي بعضهم على بعض، لتحاسدهم وتباغضهم:
(إنَّ الدّينَ عِندَ اللهِ الإسلامُ، وما اختلفَ الّذينَ أُوتوا الكتابَ إلاّ من بعدِ ما جاءَهُمُ العِلمُ بغياً بينهم). (آل عمران/ 19)
(هوَ الذي أرسلَ رَسولهُ بالهدى ودينِ الحقّ ليُظهره على الدّينِ كُلّهِ ولو كرهَ المُشركونَ). (الصف/9)
(ما كانَ إبراهيمُ يهودياً ولا نصرانياً، ولكن كانَ حنيفاً مُسلماً، وما كان من المشركينَ). (آل عمران/67)
القوانين الثلاثة الخاصة بالمسلمين
1_ قانون "الابتلاء"
قانون "الأخذ والعطاء"، أو قانون "البيع والشراء"، يجري بين بشر متساوين في الحياة الدنيا، معاينة بين طرفين، وفي زمن متقارب أو محدود.
أما قانون "الابتلاء" الإلاهي، فيجري بين الله وبين عبيده المسلمين بمنتهى ما يمكن أن يتصوره الإنسان من العدل والدقة الحسابية في المعاملة، ويختلف عن قانون "الأخذ والعطاء" الدنيوي، في أن المسلم يقدم عطاءه في الدنيا، ولا يأخذ ثمنه إلا في الآخرة، وفضلا عن ذلك فهو يؤمن إيمانا غيبيا جازما بأن الثمن الذي سيحصل عليه في الآخرة، ستكون قيمته يومئذ أضعاف قيمته في الدنيا، جزاء قبوله لهذه الصفقة الغيبية التي يتأخر إنجاز شطرها الثاني بزمن طويل عن شطرها الأول، اعتمادا فقط على الإيمان الغيبي بالله، والثقة بوفائه بوعده، فإذا بلغت قيمة العطاء الدنيوي، مثلا، أعلى درجة، وتتمثل في التضحية بالمال والنفس جهادا في سبيل الله، فإن الثمن الأخروي لاتمام الصفقة يصل بدوره إلى أعلى درجات الجزاء، وهو الخلود في نعيم الجنة، وذلك معنى قوله تعالى:
(إنَّ اللهَ اشترى من المؤمنينَ أنفسهم وأموالهم بأنَّ لَهُمُ الجنّة، يُقاتلونَ في سبيلِ الله فيقتُلونَ ويُقتلُونَ وعداً عليهِ حقاً في التوراةِ والإنجيلِ والقرآن، ومن أوفى بعهدهِ من الله، فاستبشروا ببيعكُمُ الذي بايعتم به، وذلك هو الفوزُ العظيمُ). (التوبة/111)
لكن كيف يتم هذا "الابتلاء" الذي هو عبارة عن "اختبار" دقيق ومحسوب بمقاييس إلاهية، لا تصل إليها، ولا تدرك كنهها، تقديرات العقل الإنساني لقيمة "عطاء الإنسان" في الدنيا، وتثمين مستوى تحمله لـ "مسؤولياته والقيام بواجباته" كمؤمن بالله، وهذا (الاختبار) ليس عملية نظرية أو فكرية بحتة، كما هو الشأن في الامتحانات الجامعية، بل هو عملية تطبيقية ميدانية، لها جانب مادي محسوس، يتعرض فيه جسم الإنسان لقساوة هذا "الاختبار"، وجانب معنوي: نفسي _ اجتماعي، تتعرض فيه شخصية الإنسان وقيمُه الأخلاقية لمثل هذا "الاختبار".
2_ قانون "الجهاد وشروط النصر"
¥