فأثبتت في الهوامش أهم الفروق بين عبارات النسخ، مع ضبط النص وترقيمه وتفصيله؛ وتخريج ما جاء فيه من الأحاديث والآثار؛ بعزوها إلى مصادرها التي ذكرها المصنف، وحيث كان الخبر مروياً في الصحيحين، وعزاه المصنف لأحدهما، ذكر معه الآخر. وحيث أورد الخبر عارياً عن العزو لمن أخرجه من الأئمة، وكان في الصحيحين أو في أحدهما، اكتفى بالإحالة عليه في موضعه، حيث كان ذلك غاية المطلوب. فإن لم يكن في واحد منهما، خرج بعزوه لأهم مصادره. وحيث كان الخبر من مرويات مسند أحمد، أحيل على موضعه منه بحسب ترقيم طبعة مؤسسة الرسالة؛ وذلك لإحالة من يريد الاستزادة على ما علق في تخريجه والكلام عليه هناك، فإن فيه غاية وكفاية إن شاء الله.
ويجد القارئ الكريم في بعض المواضع، تعاليق مختصرة بما تدعو إليه الحاجة، بعد تمام تخريج الخبر، من شرح غريب، أو بيان علة، أو غير ذلك.
وخرج ما جاء فيه من الشواهد الشعرية، من دواوين أصحابها. وحيث كان البيت من الشواهد العربية النحوية والصرفية وغير ذلك، أكملت الفائدة بإحالة القارئ على أهم مصادر العربية التي أوردته.
وأما الأعلام الواردة في الكتاب، فقد تمت ترجمتها بإيجاز في أول موضع ترد فيه. وحيث كان العلم مترجماً في (سير أعلام النبلاء) أحيل عليه في موضعه بحسب ترقيم طبعة مؤسسة الرسالة؛ لإفادة من يريد الاستزادة بإحالته على بقية مصادر الترجمة المذكورة في حواشيه.
ولإتمام الفائدة تمت فهرسة الأعلام المترجمة في آخر الكتاب.
وأما النقول التي أوردها المصنف من أحكام فقهية ولغة وقراءات وغيرها، فقد تم توثيقها من المصادر التي استقى منها تفسيره، على قدر ما أمكن وتوفر منها.
واشتملت الفهارس الفنية في المجلدين الأخيرين (23 - 24) على أطراف الأحاديث القولية والفعلية، والآثار، والأشعار والأرجاز، والأعلام المترجم لهم، والموضوعات، وأخيراً فهرس اللغة (الألفاظ الغريبة).
ولا يخفى على طلاب العلم، ومثقفي الأمة الإسلامية ضرورة الاعتماد في التزود بالمعرفة الإسلامية وعلوم الإسلام على ما خلفه لهم سلفهم الصالح، وبخاصة ما يتصل بكتاب الله الكريم وسنّة نبيه المصطفى الأمين، من حيث الحفظ والاستنباط والخدمة.
وباعتبار أن القرآن الكريم هو المصدر الأساس لهذا الدين، يليه المصدر الثاني المبين له، وهو سنّة المصطفى عليه الصلاة والسلام، فإن على المسلمين، حكومات وهيئات وشعوباً، المزيد من العناية في تجلية ما قام به سلف الأمة نحو تراثها، وتيسيره لطلاب العلم والمثقفين في مختلف العصور والأمكنة، وبخاصة في هذا الوقت الذي اهتزت فيه الثقافة الإسلامية، وما خلفه لنا السلف الصالح لدى فئات عديدة من أبناء الأمة الإسلامية، بتأثير واضح من ثقافات ووسائل إعلام عالمية، تسعى إلى اختراق مجتمعات المسلمين، والتأثير عليها، لتكون ضعيفة الإنتماء لكتاب ربها وسنة نبيها، وضعيفة الاعتزاز بتراثها الإسلامي.
نعم ليست كل كتب التراث الإسلامي خالية من الأخطاء والاجتهادات غير الصحيحة وغير المقبولة، ولكن الأمة تتابعت على احترام تراثها، وما خلفه علماؤها لها في الجملة.
ومن فضل الله عليها أن لديها قواعد وأسساً ومناهج تميز بها الصحيح من السقيم، وأن مرجعها عند الاختلاف الكتاب والسنّة الثابتة، فهما الوحيان والمرجعان عند التنازع، كما قال سبحانه.
بل إن التمسك بهما هو العاصم من الضلال، كما قال عليه الصلاة والسلام: (تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا كتاب الله وسنتي).
إن العناية بكتب التراث من أوجب الواجبات على المسلمين اليوم، وبخاصة كتب الأئمة والإعلام الذين لهم قدم صدق وإخلاص في التعريف بهذا الدين، وتبيان علومه والذب عنه، والاجتهاد في الاستنباط وبيان الأحكام، وهم بفضل الله أئمة معترف لهم بالفضل والاجتهاد في مختلف العلوم المتصلة بالكتاب والسنّة، وما ينبغي أن تقوم عليه ثقافة الأمة المسلمة.
وما لم يحصل ذلك، فستزداد الهوة بين المسلمين ومصدر عزهم الكتاب والسنّة، وسيزداد المسلمون ضعفاً ووهنا، ولن تنفعهم أي وسيلة أخرى، مهما ادعى المدعون.
والتاريخ الإسلامي، بل التاريخ البشري دليل ناصع لمن أراد أن يعتبر ويستفيد.
إن إهمال أي أمة لماضيها الذي كان سبباً في نشوئها وعزتها هو أكبر عوامل الضعف والضياع لها.
¥