ان علم " اصول الدعوة " باعتباره اللقبى يعد علما جديدا يوشك ان تتميز مفاهيمه و تتحجج مبادئه و مقدماته و تحرر حدوده و ضوبطه بعد مرحلة من المد و التعميم و التداخل قد يمثلها التعبير عن هذا الفن بانه " الضوابط الكاملة للسلوك الانسانى و تقرير الحقوق و الواجبات "
او بعد مرحلة من الجزر و الانحسار فى جوانب محدودة قد يمثلها تعريفه بانه " حث النلس على الخير و الهدى و الامر بالمعروف و النهى عن النكر ليفوزوا بسعادة العاجل و الآجل "
و فى الحق ان علم اصول الدعوة الى الله ليس قاصرا على دعوة الى قضايا التوحيد و كلياته و ليس قالصا عن مسائل الفقه و جزيئاته و ليس منحصرا فى جانب البلاغ العام دون حمل الناس على التطبيق و الالتزام و كما انه يعنى بآداب و لطائف مستحبة فانه يجمع – ايضا – قواعد و اصولا واجبة و مع عناية هذا العلم باركان الدعوة و موضوعها فانه لا يهمل دراسة تاريخها و وسائلها و حالتها الراهنة و كل ذلك الا لتتحقق البصيرة فى دعوة ورثة الانبياء عليهم صلوات الله و سلامه , قال تعالى: (قل هذه سبيلى أدعوا الى الله على بصيرة انا و من اتبعنى) – يوسف: 108 –
و قد حاول بعض الدعاة الفضلاء وضع تعريف يطلق مفهوم الدعوة من قيد الحد الاصطلاحى
و احترازاته فقال: " هى نقل امة من محيط الى محيط " و يعنى بالأمة امة الدعوة تارة و امة الاستجابة اخرى فتنقل الاولى من محيط الكفر الى محيط الايمان و تنقل الثانية من محيط المعصية الى محيط الطاعة.
و بناء على ما تقدم فان التعريف المقترح لعلم اصول الدعوة باعتباره اللقبى هو: " علم بقواعد و احكام و اسباب و آداب ينوصل بها الى تمام تبليغ الاسلام للبشر عامة و تعليم و تربية المستجيبين كافة و تحقيق التمكين لهذا الدين "
و مما تجدر ملاحظته ان " العلم بالقواعد و الاحكام و الاسباب و الآداب " لا يغفل نوازل الدعوة المعاصرة من حيث القضايا و الادوات و الامكانيات و الملكات كما يستوعب تاريخ الدعوات و منهجية العلماء و طريقة المجددين المصلحين فى الدعوة و الاصلاح.
كما يلحظ التشابه بين الدعوة و الفتوى فى حاجة كل الى العلم بالدليل و معرفة الواقع مع نسبة هذا العلم و تفاوته فى كل منهما و لذا يجدر التنبيه الى اهمية علم الداعى بقضايا المجتمع الكلية و الجزئيات التىتتعلق بالمدعو فى آن واحد.
كما تجدر العناية بان الدعوة الى الله تعنى بأمتى الاجابة و الدعوة معا فالدعوة تتجه الى اهل الاسلام و اهل الكتاب كما تتجه الى من لا يتدين بدين اصلا فنطاق الدعوة هو البشر كافة.
و الدعوة تعنى بالتربية و الاعداد و التكوين و تزكية المقبلين و بناء الكوادر الدعوية و العلمية و العملية.
و التربية تقوم على دعائم من الربانية و الوسطية و الايجابية. و اذا كان التمكين لهذا الدين من الجوانب العملية فى الدعوة فانه يقتضى بذل كل سبب مشروع لتحقيق هذا الهدف فتأتى الاسباب المعنوية اولا من الاخلاص و التجرد و سلامة المعتقد و صدق الاتباع و صحة العلم ثم الاسباب المادية من العناية بالتربية و الامر و النهى و البصيرة بالواقع و التفاعل الصحيح مع قضايا الامة و الحرص على الوحدة و الاجتماع و التآلف و الشمول و التكامل. و عندها يتحقق وعد الله و قره الغالب و صدق الله تعالى اذ يقول: (وعد الله الذين آمنوا منكم و عملوا الصالحات ليستخلفنهم فى الارض كما استخلف الذين من قبلهم و ليمكنن لهم دينهم الذى ارتضى لهم و ليبدلنهم من بعد خوفهم امنا يعبدوننى لا يشركون بى شيئا) – النور: 55 –
و قال سبحانه: (و الله غالب على امره و لكن اكثر الناس لا يعلمون) – يوسف: 21 _
ـ[أبو عبد الرحمن بن عبد الفتاح]ــــــــ[30 - 04 - 07, 08:09 م]ـ
و هذا المبحث الثانى و الثالث:
المبحث الثانى
موضوع علم اصول الدعوة
ان موضوع علم اصول الدعوة هو الاسلام من حيث كيفية تبليغ رسالته و قواعد و احكام السعى لتكون كلمة الله هى العليا فالاسلام بعلو و لا يعلى عليه.
¥