في الأدب العربي المعاصر *من كتاب معالم الأدب العربي المعاصر للأستاذ أنور الجندي ص167 وما بعدها
مذكرات الأعلام وذكرياتهم فن طريف عرفه الأدب العربي المعاصر وهو غير التراجم الذاتية ويمكن أن يضم إليه أدب اليوميات التي يكتبها بعض الأدباء عن أحداثهم اليومية، وهي تضم قصة النجاح والإخفاق وترسم صورة البيئة، على نحو تفصيلي يختلف عن التراجم الذاتية، وإذا كانت التراجم الذاتية تصور حياة صاحبها ككل في مراحل تطوره المختلفة، فإن المذكرات في الأغلب تصور مرحلة معينة أو قطاعات محددة أو صورا ليس لها طابع الترابط الكامل أو اتصال حلقات الحياة والفرق بين التراجم الذاتية وبين المذكرات يظهر في المقارنة بين الأيام لطه حسين مثلا ومذكراتي السياسية لهيكل، فالأول يمثل صورة متصلة مستفيضة تدور حول حياة الكاتب، أما الثاني فيمثل دراسة للكاتب من خلال الأحداث والوقائع والتاريخ العام.
ولقد طال البحث عن مذكرات الأعلام المطبوع منها على هيئة كتب والمنشور في بطون الصحف فلم نجد من المؤلفات إلا القليل وأغلبها طبع حديثا، بعد أن كان منشورا في بطون الصحف ومنها ما لم يكتبه أصحابه وإن أملاه بعضهم على بعض محرري المجلات ومن هذا:
• مذكرات الشيخ محمد عبده.
• مذكرات أحمد عرابي.
• مذكراتي أحمد شفيق باشا (3 أجزاء).
• مذكراتي: محمد كرد علي (3 أجزاء).
• مذكراتي: عبد الرحمن الرافعي.
• مذكرات عبد الله النديم.
• مذكراتي السياسية لهيكل (جزءان).
• مذكرات لطفي السيد.
• مذكرات عبد العزيز فهمي.
• مذكرات عبد الرحمن شكري ممثلة في كتابة: "الاعتراف".
وهناك مذكرات منشورة في بطون الصحف أهمها:
مذكرات: محمد فريد، حافظ عوض، شيلي شميل، عبد الرحمن فهمي، عبد الرحمن عزام، أحمد حشمت، جرجي زيدان، سعد زغلول، محمود أبو العيون، إبراهيم الهلباوي، العقاد، طه حسين، ومذكرات (الخضري، عبد الوهاب، النجار، أمين الرافعي) عن الثورة المصرية 1919.
وقد كثرت هذه المذكرات في المصور، والدنيا الجديدة و روز اليوسف، وآخر ساعة، والبلاغ، ومجلة فتاة الشرق، والهلال وكل شيء.
...
بعض هذه المذكرات يدخل من حيث النشر في غير المرحلة التي تؤرخها والتي تنتهي إلى أوائل الحرب العالمية الثانية، ولكنها من حيث مضمون التاريخ تتناول هذه الفترة وأغلب هذه المذكرات سياسي الطابع، وقل فيها من له طابع الأدب والفكر، وهي لأعلام في السياسة والفكر، ولمصريين في الأغلب، فإن الظروف لم تمكني بعد من الحصول على مذكرات الأعلام في الوطن العربي.
وأهم سمات هذه المذكرات:
• الكشف عن وقائع حياة صاحبها على نحو دفاعي فيما يتعلق بأعماله السياسية التي ربما فسرت على نحو أو آخر، فعرابي يريد أن يصور حقيقة موقفه من القوى التي واجهته إبان الثورة، ومحمد فريد يكشف الستار عن الجوانب الغامضة حول تصرفاته وهجرته، وهيكل يحاول أن يرسم صورة لموقفه وموقف حزبه من الأحداث والأمور، وعبد الله النديم يرسم صورة هجرته واختفائه وكرد علي يتحدث عن موقفه من عشرات الناس والأحداث في مصر والشام وتركيا.
وأحمد شفيق يصور تاريخ مصر من خلال حياته في 50 عاما حيث كان منصبه في القصر يتيح له الاتصال بالأحداث ولطفي السيد يصور مواقفه في الصحافة وفي السياسة كما يصورها كذلك عبد العزيز فهمي والشيخ محمد عبده يتحدث عن حياته وعن الثورة العرابية.
وفي الصحافة تبدو مذكرات حافظ عوض والعقاد وفي المحاماة الهلباوي وفي الأزمات الاجتماعية محمود أبو العيون.
ومن هنا تبدو منوعة مختلفة الأثر والطابع والاتجاه، ولكنها جميعا لا تظهر شيئا مثيرا أو خطيرا أو تكشف حقائق غير متوقعة، فهي مكتوبة أصلا وفي الأغلب للنشر، ولذلك فإن صاحبها لا يعطي للجماهير إلا الوجه المشرق من حياته وأعماله وآرائه، وقد يحتفظ لنفسه بالمسائل الشائكة أو ذات الطابع المضطرب أو الجوانب المتصلة بالأفراد الأحياء، ومهما يكن من اثر هذه المذكرات التي نشرت وعرفت فإنها قليلة ضئيلة بالنسبة للمذكرات التي كتبها أصحابها ولا تزال مدفونة في بطون الأضابير، والخزائن، والتي أوصى أصحابها بأن لا تذاع إلا بعد وفاتهم بسنوات طوال.
...
• لعل أكبرها هذه المذكرات حجما وأكثرها جدية في مجال العمل الفكري هي مذكرات شفيق باشا وتليها مذكرات كرد علي والدكتور هيكل فعرابي.
¥