وحاصل الباب: 8 تعليقات فروق نسخ للرشد مقابل 3 تعليقات فروق نسخ لعوامة، سبقت كلها في طبعة الرشد، بعبارة أو بأخرى، مع زيادة تخريج في الفرق الأخير لعوامة، مقابل أنه لم يذكر فروق النسخ في نفس الفرق الأخير التي ذكرها الرشد، إلا ما نقله عن نسخة د من انتهاء الجزء الثاني من البيوع، وهذا قد سبق نحوه أيضا في الرشد عن هامش أ ع.
فما هو الجديد الذي قدمه عوامة في هذا الباب؟
لا يوجد
ويمكن لكل أحدٍ أن يقابل عشرات الأبواب بل مئات الأبواب بهذه الطريقة ويرى بنفسه، ولربما يأتي المزيد في هذه المسألة إن يسر الله.
ولا شأن لنا بتلك السنين الطويلة التي يحكى أنه قد قضاها في العمل بالكتاب، فالعمل الموجود في الكتاب هو الفيصل أمامنا، حتى لو حققه في يوم واحد فقط.
فلنا الظاهر في الكتاب وله سنينه وأيامه يسأله محبوه أين أهدرها؟ فلا ذنب لنا في طول مدته التي يدعيها، خاصة ولم يأت فيها بجديد ذي بال بخصوص ضبط المتن.
ونتوقف الآن في وقفة من المؤكد أن هناك من ربما استحضرها في ذهنه ليرد بها على كلامنا السابق، وهي أن الفرق بين الطبعتين، والجديد عند عوامة هو في المنهج، فمنهج عوامة عدم إثبات الفروق غير المؤثرة عنده، ويرى أن الخطأ البين في النسخ ليس من الضروري الإشارة إليه، وقد أشار إلى هذا في مقدمة تحقيقه للكتاب، ولا يعني هذا أنه لا يقابل النسخ، كلا يقابل لكن لا يثبت من الفروق إلا ما يراه مؤثِّرًا.
فأقول: فرقٌ بين إهمال الفروق غير المؤثرة كمنهج يتبعه بعض المحققين، في إهمال الفرق في نحو (باسم الله) و (بسم الله) أو (سبحانه وتعالى) و (عز وجل)، ونحو هذه الفروق التي يهمل بيانها بعض المحققين.
فرقٌ شاسعٌ بين هذا المنهج وبين المنهج الهلامي القائم على الانتقائية حسبما يظهر للمتصدِّي لنشر الكتب، المعتدّ برأيه وكبريائه، وتاريخه الذي يحفظه بنفسه ويُحَفِّظه الآخرين، فهو يسرح بخياله أينما اتَّفق، ويخبط أينما لاح له، دون تقيُّدٍ بمنهجٍ واضح في الإهمال والبيان، أو المؤثر وغير المؤَثِّر، وهذا ما فعله عوامة في طبعته هذه، حتى إنه يصحح الخطأ دون عزو لأي مصدر مطبوع أو مخطوط، بل ربما صحح وغيَّر ما اتفقت عليه النسخ كلها اعتمادًا على ما في ((المصباح المنير))! كما صرح في بعض الأماكن.
وستأتي أمثلة عديدة لهذه الأمور.
ويمكننا أن نذكر الآن مثالا من تلك النماذج التي سيأتي بيانها إن شاء الله تعالى:
فقد قال ابن أبي شيبة (الطبعة القديمة): حدثنا وكيع، عن سفيان، عن يونس، عن الحسن، عن ابن سيرين، عن أنس بن مالك قال: ((نهينا أن يبيع حاضر لباد وإن كان أخاه لأبيه وأمه)).
أما في طبعة الرشد (7/ 308 رقم 21180) فهو كالتالي: (( ... سفيان عن يونس عن (أنس) ابن سيرين عن أنس بن مالك ..... )).
ووضع محققا الرشد كلمة ((أنس)) يعني ابن سيرين بين أقواس وقالا في الحاشية: ((سقطت من (هـ). وفي (ج) كما هو مثبت. وفي (ط س) و (م) و (ل): (يونس عن الحسن عن ابن سيرين .. ) وهو خطأ)).
وأما محمد عوامة (11/ 46 رقم 21300) فكتب الإسناد في المتن هكذا: ((عن يونس عن ابن سيرين عن أنس بن مالك)). ثم قال في حاشيته عليه: ((يونس هو ابن عبيد، وهو يروي عن محمد بن سيرين، وعن أخيه أنس بن سيرين، وجاء هنا في ت، م، د، ن: عن أنس بن سيرين عن أنس بن مالك، و (أنس) ليس في سائر النسخ، ولا فيما سيأتي 37676)).
فلما جاء الموضع الثاني الذي أشار إليه، وهو في المجلد العشرين الذي فيه كتاب (الرد على أبي حنيفة) لم يزد فيه على العزو للموضع الأول السابق هنا.
وهنا وقفات:
الأولى: لم يذكر محمد عوامة أية فروق عن رواية الحسن البصري عن أنس لهذا الخبر، مع أن طبعة الرشد قد نقلتها في حاشيتها، وخطَّأَتْ (يونس عن الحسن عن ابن سيرين) واعتمدتْ ما وقع في بعض النسخ (أنس) ابن سيرين.
فماذا فعل عوامة؟
كعادته في تجلُّده في النصف الثاني من الكتاب على الاعتماد في الغالب على تصحيحات وتخطيئات طبعة الرشد فقد أهمل تماما إيراد فرق النسخ في موضوع رواية (يونس عن الحسن عن ابن سيرين عن أنس).
لكنه خالف طبعة الرشد فأثبت (ابن سيرين) (وهذا هو الصواب) ولم يجزم من المقصود به هنا؟ ولكنه موَّه بأن يونسا يروي عن محمد بن سيرين وأنس بن سيرين، وأن (أنسا) غير موجودة في سائر النسخ.
¥