كما يمكنه أن يجتمع بهم فيتلوا عليهم آيات وأحاديث تأمر بالصدقة والبذل والعطاء وسير الصالحين في التصدق في سبيل الله ثم يأمرهم بالخروج للتصدق (كل على حدة) ويذكرهم باستحضار النية الصالحة وإخفاء الصدقة.
كما يمكنه أن يذكرهم بحديث أبي بكر الصحيح يوم أن قام بأربعة أعمال صالحات، هي: الصيام واتباع الجنائز وعيادة المريض والتصدق بصدقة، وبأن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قد قال عنه لما عرف ذلك منه: (ما اجتمعن في رجل في يوم إلا غفر الله له)، فيتشبهون بفعل أبي بكر في جمع تلك الأعمال الصالحات الأربع في يوم ... وغير ذلك
ثانياً: الدعوة إلى تغيير النفس والخلق والعادات من السلب إلى الإيجاب:
تناسب هذه الأيام أن يجدد المربى دعوته لمتربيه أن يقوموا بعملية تغيرية لأنفسهم وأخلاقهم السيئة أو السلبية وعاداتهم المرفوضة إلى نفوس نقية للخلق جميعاً، وأخلاق تتشبه بأخلاق نبيهم ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وعادات إيمانية طيبة، خالعين أخلاق وعادات الجاهلية والنفعية وما يتعلق بحب النفس والرغبة في العلو على الآخرين.
وينبغي أن يوجه المربي توجيهه نحو ذم خلق الكبر والعجب مذكرا إياهم كيف أمر الشرع أن يستوي الناس في الحج في ثيابهم وسلوكهم وكلامهم وأهدافهم، وأن يتركوا الدنيا والعلو فيها.
وكيف يستوون في الرغبة فيما عند الله يوم عرفة فلا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى والعمل الصالح، كما يوجههم نحو السيطرة على النفس وعلى شهواتها ورغباتها وترك الترفه والتنعم ما استطاعوا إلى ذلك والاخشوشان عملاً بحديث النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ (البذاذة من الإيمان) وتشبهاً بالمحرمين الذين لا يجوز لهم الترفه بحال ولا التنعم بشيء من المتاع الممنوع منه المحرم، بل ضبط للنفس ورباطة للجأش وبعد عن شهوات الفرج والجنوح نحو المعاصي (فلا رفث ولا فسوق ولا جدال).
ثالثاً: التوجيه نحو التعاون والاعتصام ووحدة الكلمة:
ففي العشر من ذي الحجة تبين معاني الاعتصام بحبل الله ـ تعالى ـ وعدم التفرق، فالمسلمون جميعهم كل عام يرغبون في حج بيت الله ـ تعالى ـ، والحجيج يمثلون أعظم الصور الواقعية من التعاون والاعتصام بذات المنهج وذات الهدف في مشارق الأرض ومغاربها، والذين لم يقدر الله لهم الحج لهذا العام فهو يشارك الحجيج مشاعرهم القلبية وترفرف روحه من حولهم داعيا ربه أن يلحقه بهم في قابل.
والمربي ههنا يدعو متربيه لنبذ الخلاف والتفرق والسعي للوحدة وعدم استحقار العمل الصالح من أحد أياً كان، ورؤية العاملين لله جميعهم على ثغور مستهدفة، فيدعو لهم، ويرجو لهم النصرة، ولا يخذلهم ولا يسلمهم، بل يدعو لهم وينصرهم بما استطاع، ويناصحهم فيما رآه خطأ منهم ويوجههم بالحسنى فيما خفي عنهم.
إنها أيام صالحات مباركات ينتظرها المؤمنون الصالحون ليخلعوا ربقة الارتباط بالدنيا عنهم ويتحرروا من قيد الشهوة وقيد الأماني البالية، ويسطروا سجلاً من نور، فلا مادية تكسر حاجز الشفافية ولا معصية تدنس الطاعة بل ذكر وخشوع وتوبة وبكاء، فيرون الكون كله حبور وشفافية، ويمتزج النور بالسعادة، والأمل بمعنى الصدق، وتصبح الجنة هي المطلب والإخلاص هو المرتجي، وحسن الظن بالله هو كهف الأمنيات.
انتهى الجزء الثاني من (الكنز المدفون في مدينة دمنهور).
وإلى لقاء قريب بإذن الله تعالى، مع الجزء الثالث.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أخوكم أبو مسلم الوكيل.
ـ[الربعي بن عامر]ــــــــ[19 - 12 - 07, 02:13 ص]ـ
بارك الله فيك أخي الكريم و نفع بك و لا تنسانا من صالح دعاءك
ـ[أبو مسلم خالد]ــــــــ[19 - 12 - 07, 02:16 ص]ـ
وبارك فيكم أخي الحبيب،
ـ[الربعي بن عامر]ــــــــ[19 - 12 - 07, 02:21 ص]ـ
وبارك فيكم أخي الحبيب،
الله يكرمك أخبارك ايه و أخبار الشيخ علي و الشيخ عسران
أسيبك النهارده وان شاء الله غدا قبل هذا الموعد بساعه أكون هنا
ـ[أبو الأشبال عبدالجبار]ــــــــ[21 - 12 - 07, 04:00 م]ـ
أخي الفاضل أبو مسلم خالد، جزاك الله خيرا، و بارك الله فيك وفي أهلك ومن حولك من المسلمين. اللهم آمين.
ـ[أبو مسلم خالد]ــــــــ[21 - 12 - 07, 05:44 م]ـ
وبارك فيكم، حفظكم الله.