تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا» (9). وقد بوّب الإمام البخاري ـ رحمه الله ـ باباً تحت عنوان (أَعِنْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا) قال الحافظ ابن حجر ـ رحمه الله ـ: (تَرْجَمَ بِلَفْظ الْإِعَانَة لما في رواية اِبْن عَدِيّ، وأَبي نُعَيْم «أَعِنْ أَخَاك ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا» مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي أَخْرَجَهُ مِنْهُ الْبُخَارِيّ بِهَذَا اللَّفْظِ. قَالَ الْبَيْهَقِيّ: «مَعْنَاهُ أَنَّ الظَّالِمَ مَظْلُومٌ فِي نَفْسِهِ فَيَدْخُلُ فِيهِ رَدْع الْمَرْءِ عَنْ ظُلْمِهِ لِنَفْسِهِ حِسًّا وَمَعْنًى، فَلَوْ رَأَى إِنْسَانًا يُرِيدُ أَنْ يَجُبَّ نَفْسَهُ لِظَنِّهِ أَنَّ ذَلِكَ يُزِيلُ مَفْسَدَةَ طَلَبِهِ الزِّنَا مَثَلاً مَنَعَهُ مِنْ ذَلِكَ وَكَانَ ذَلِكَ نَصَرًا لَهُ».

ثم قال رحمه الله: (قَوْله: «بَاب نَصْرِ الْمَظْلُومِ» هُوَ فَرْض كِفَايَة، وَهُوَ عَامٌّ فِي الْمَظْلُومِينَ وَكَذَلِكَ فِي النَّاصِرِينَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ فَرْض الْكِفَايَة مُخَاطَب بِهِ الْجَمِيع وَهُوَ الرَّاجِحُ وَيَتَعَيَّنُ أَحْيَانًا عَلَى مَنْ لَهُ الْقُدْرَة عَلَيْهِ وَحْدَهُ إِذَا لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَى إِنْكَارِهِ مَفْسَدَة أَشَدّ مِنْ مَفْسَدَةِ الْمُنْكَرِ، فَلَوْ عَلِمَ أَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ لاَ يُفِيدُ سَقَطَ الْوُجُوب وَبَقِيَ أَصْل الِاسْتِحْبَاب بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ، فَلَوْ تَسَاوَتْ الْمَفْسَدَتَانِ تَخَيَّرَ، وَشَرْط النَّاصِر أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِكَوْن الْفِعْل ظُلْمًا. وَيَقَعُ النَّصْرُ مَعَ وُقُوع الظُّلْم وَهُوَ حِينَئِذٍ حَقِيقَة، وَقَدْ يَقَعُ قَبْلَ وُقُوعِهُ كَمَنْ أَنْقَذَ إِنْسَانًا مِنْ يَدِ إِنْسَانٍ طَالَبَهُ بِمَال ظُلْمًا وَهَدَّدَهُ إِنْ لَمْ يَبْذُلْهُ وَقَدْ يَقَعُ بَعْدُ وَهُوَ كَثِيرٌ) أهـ (10).

التعاون على مواجهة شدائد العَيْش

مِن حكمة الله سبحانه وتعالى أن جعل بعض الناس أغنياء، والبعض الآخر فقراء؛ ليساعد بعضهم بعضًا، خاصة في أمور معاشهم، ومعاونتهم على شظف الدنيا، ومواساتهم فيها، عن أَبِي مُوسَى رضي الله عنه قَالَ: قَالَ: النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم «إِنَّ الْأَشْعَرِيِّينَ إِذَا أَرْمَلُوا فِي الْغَزْوِ أَوْ قَلَّ طَعَامُ عِيَالِهِمْ بِالْمَدِينَةِ جَمَعُوا مَا كَانَ عِنْدَهُمْ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ ثُمَّ اقْتَسَمُوهُ بَيْنَهُمْ فِي إِنَاءٍ وَاحِدٍ بِالسَّوِيَّةِ فَهُمْ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُمْ» (11). قال الحافظ ابن حجر ـ رحمه الله ـ (قَوْلُهُ: (إِذَا أَرْمَلُوا) أَيْ فَنِيَ زَادهمْ، وَأَصْله مِنْ الرَّمْلِ كَأَنَّهُمْ لَصِقُوا بِالرَّمْلِ مِنْ الْقِلَّةِ، وَفِي الْحَدِيث فَضِيلَة الْإِيثَارِ وَالْمُوَاسَاةِ، وَاسْتِحْبَاب خَلْطَ الزَّاد فِي السَّفَرِ وَفِي الْإِقَامَةِ أَيْضًا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ) أهـ (12).

http://www.altawhed.com/Images/BRAKET_R.GIFhttp://www.altawhed.com/Images/BRAKET_R.GIF سابعًا: تعاون أصحاب المسئوليات فيما بينهم http://www.altawhed.com/Images/BRAKET_R.GIFhttp://www.altawhed.com/Images/BRAKET_R.GIF

لعل من أهم صور التعاون؛ تعاون كل من تجمعهم مهمة واحدة لإنجاز هذه المهمة على الوجه الذي يرضي الله تعالى، وهذا هو مفهوم توجيه النَّبِي صلى الله عليه وسلم حين بَعَثَ مُعَاذًا وَأَبَا مُوسَى ـ رضي الله عنهما ـ إِلَى الْيَمَنِ حيث قَالَ صلى الله عليه وسلم «يَسِّرَا وَلا تُعَسِّرَا وَبَشِّرَا وَلا تُنَفِّرَا وَتَطَاوَعَا وَلا تَخْتَلِفَا» (13)، وتلك الوصية النبوية جاءت لتؤصِّل عند جميع المسلمين دور التعاون في إنجاح جميع الأعمال والمهامّ حتى العظيم منها. وذلك لأن المعاونة تورث المحبة والترابط.

وصور التعاون على البرّ والتقوى كثيرة جدًا لا يُمكن حصرها، ومجال الاستدلال بتلك الآية الجامعة واسع جدًا، http://www.altawhed.com/Images/BRAKET_R.GIF وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى http://www.altawhed.com/Images/BRAKET_L.GIF.

الضرب الثاني من ضروب التعاون: التعاون على الإثم والعدوان

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير