تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[لطائف واشارات الكتاب العزيز (قل ياعبادى الذين أسرفوا علي أنفسهم) للفخر الرازى]

ـ[الجعافرة]ــــــــ[02 - 08 - 2006, 01:43 ص]ـ

تفسير الفخر الرازي (مفاتيح الغيب)

@3@ $2 ({قل ياعبادى الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم * وأنيبو صلى الله عليه وسلم #1764;ا إلى ربكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون * واتبعو صلى الله عليه وسلم #1764;ا أحسن مآ أنزل إليكم من ربكم من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة وأنتم لا تشعرون * أن تقول نفس ياحسرتى على ما فرطت فى جنب الله وإن كنت لمن الساخرين * أو تقول لو أن الله هدانى لكنت من المتقين * أو تقول حين ترى العذاب لو أن لى كرة فأكون من المحسنين * بلى قد جآءتك ءاياتى فكذبت بها واستكبرت وكنت من الكافرين}) 2$ # اعلم أنه تعالى لما أطنب في الوعيد أردفه بشرح كمال رحمته وفضله وإحسانه في حق العبيد وفيه مسائل: # المسألة الأولى: احتج أصحابنا بهذه الآية على أنه تعالى يعفو عن الكبائر، فقالوا: إنا بينا في هذا الكتاب أن عرف القرآن جار بتخصيص العباد بالمؤمنين قال تعالى: {وعباد الرحمان الذين يمشون على الارض هونا * الفرقان * وقال * عينا يشرب بها عباد الله}

@4@ (الإنسان: 6) ولأن لفظ العباد مذكور في معرض التعظيم، فوجب أن لا يقع إلا على المؤمنين، إذا ثبت هذا ظهر أن قوله {فى عبادى} مختص بالمؤمنين، ولأن المؤمن هو الذي يعترف بكونه عبد الله، أما المشركون فإنهم يسمون أنفسهم بعبد اللات والعزى وعبد المسيح، فثبت أن قوله {فى عبادى} لا يليق إلا بالمؤمنين، إذا ثبت هذا فنقول إنه تعالى قال: {الذين أسرفوا على أنفسهم} وهذا عام في حق جميع المسرفين. # ثم قال تعالى: {إن الله يغفر الذنوب جميعا} وهذا يقتضي كونه غافرا لجميع الذنوب الصادرة عن المؤمنين، وذلك هو المقصود فإن قيل هذه الآية لا يمكن إجراؤها على ظاهرها، وإلا لزم القطع بكون الذنوب مغفورة قطعا، وأنتم لا تقولون به، فما هو مدلول هذه الآية لا تقولون به، والذي تقولون به لا تدل عليه هذه الآية، فسقط الاستدلال، وأيضا إنه تعالى قال عقيب هذه الآية {وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون} إلى قوله {بغتة وأنتم لا تشعرون} ولو كان المراد من أول الآية أنه تعالى غفر جميع الذنوب قطعا لما أمر عقيبه بالتوبة، ولما خوفهم بنزول العذاب عليهم من حيث لا يشعرون، وأيضا قال: {أن تقول نفس ياحسرتى ياحسرتى على ما فرطت فى جنب الله} ولو كانت الذنوب كلها مغفورة، فأي حاجة به إلى أن يقول: {ياحسرتى على ما فرطت فى جنب الله}؟ وأيضا فلو كان المراد ما يدل عليه ظاهر لفظ الآية لكان ذلك إغراء بالمعاصي وإطلاقا في الإقدام عليها، وذلك لا يليق بحكمة الله، وإذا ثبت هذا وجب أن يحمل على أن يقال المراد منه التنبيه على أنه لا يجوز أن يظن العاصي أنه لا مخلص له من العذاب ألبتة، فإن من اعتقد ذلك فهو قانط من رحمة الله، إذ لا أحد من العصاة المذنبين إلا ومتى تاب زال عقابه وصار من أهل المغفرة والرحمة، فمعنى قوله {إن الله يغفر الذنوب جميعا} أي بالتوبة والإنابة والجواب قوله الآية تقتضي كون كل الذنوب مغفورة قطعا وأنتم لا تقولون به/ قلنا بل نحن نقول به ونذهب إليه، وذلك لأن صيغة يغفر صيغة المضارع، وهي للاستقبال، وعندنا أن الله تعالى يخرج من النار من قال لا إلاه إلا الله محمد رسول الله، وعلى هذا التقدير فصاحب الكبيرة مغفور له قطعا، إما قبل الدخول في نار جهنم، وإما بعد الدخول فيها، فثبت أن ما يدل عليه ظاهر الآية فهو عين مذهبنا. # أما قوله لو صارت الذنوب بأسرها مغفورة لما أمر بالتوبة، فالجواب أن عندنا التوبة واجبة وخوف العقاب قائم، فإنا لا نقطع بإزالة العقاب بالكلية، بل نقول لعله يعفو مطلقا، ولعله يعذب بالنار مدة ثم يعفو بعد ذلك، وبهذا الحرف يخرج الجواب عن بقية الأسئلة والله أعلم. # المسألة الثانية: اعلم أن هذه الآية تدل على الرحمة من وجوه: الأول: أنه سمى/ المذنب بالعبد والعبودية مفسرة بالحاجة والذلة والمسكنة، واللائق بالرحيم الكريم إفاضة الخير والرحمة على المسكين المحتاج. الثاني: أنه تعالى أضافهم إلى نفسه بياء الإضافة فقال: {قل ياعبادى الذين أسرفوا} وشرف

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير