تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

حكاية سحَّارة (5)

ـ[معاوية]ــــــــ[18 - 09 - 2006, 01:37 م]ـ

قراءة من كتاب خرافي

لعبد الله بن محمد الغذامي ....

5 - حكاية سحَّارة

الأستاذ المبجل حداد بن حارث الجزاري

السَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد ..

أمد الله في عمرك وأدام سعادتك ونوّر حروفك وظروفك، لقد أبهجتني برسالتك وأفرحتني بحرصك على معرفة أخبار الذين تسللوا إلى عالم القلم والأدب، وسوف أجيبك في رسالتي هذه وأبين لك ما بلغني من علم عن الرجال الذين استفسرت عنهم، وأبدأ بالرجل المدعو (ميمون بن قيس).

تقول - دام عزك - إنك سمعت عن هذا الرجل! وتقول إنه من جماعتنا في (منفوحة) وترغب منا أن نبلغك عن حكايته. والحقيقة أنني لم أر هذا الرجل ولم أشاهده قط ولم أجد أحدًا يعرفه من إخواننا في (منفوحة) وقد سألت عنه كل رجال الحي فأنكروا هذا الاسم. وهنا رابني الأمر وأحسست أن في الحكاية ما يثير ويريب فذهبت أول ما ذهبت إلى دكاكين العقار أسألهم إن كانوا قد أجّروا رجلاً بهذا الاسم أو باعوا عليه أو اشتروا منه وكان ردهم بالسلب ونصحوني أن أسأل (العمدة) فذهبت إلى المسجد الذي يصلّي فيه العمدة وسألته عن هذا الرجل، مثلما سألت إمام المسجد وجماعة المصلين، وكلهم أكدوا أنهم لا يعرفون هذا المخلوق وأنهم لم يشاهدوه في صلاة ولا في أي مناسبة للجماعة مثل الزواجات والأعياد وحضور الجنائز.

وحينما خرجت من المسجد لحق بي غلام كان ينصت إلى حديثنا مع الإمام والعمدة وقال لي إنه سمع به في المدرسة وأن بعض المدرسين ذكروا هذا الاسم، ولقد ذهبت إلى إدارة هذه المدرسة واجتمعت مع المسؤولين فيها، وبذل المدير والمدرسون جهدًا كبيرًا - جزاهم الله خيرًا - في البحث في سجلاتهم وأوراقهم ولكنهم لم يجدوا لهذ الاسم (ميمون بن قيس) من أثر في أي من سجلاتهم، حتى إنهم فتحوا لي ملفات مدرسة (محو الأمية) وملفات المنقولين والمفصولين ولم نجد لهذا الاسم من أثر.

وظللت أسأل عنه كل صغير وكبير من أهل منفوحة ولم أجد سوى نتف من أقاويل منها أن أحدهم ذكر لي أنه سمع عن (ميمون بن قيس) وسمع أنه له خرابة مهدمة على طرف (منفوحة) وقال آخر إنه يعرف أن ابن قيس هذا مصاب بالعمى الليلي، وأنه يعشق امرأة تدعى (هريرة) ولقد استغربت قوله هذا وأزعجني هذا الإدعاء المشين عن عشق وعن فاحشة معلنة، وعن خرابة في طرف الحي، غير أن أحد الشباب الصالحين أبلغني أن هريرة اسم لقطة كان ميمون بن قيس يحتفظ بها في خرابته، ولكن شابًا آخر ردّ عليه وقال إن (هريرة) اسم لجنية يدّعي ميمون أنها تلقّنه الأشعار.

وكثر كلام الشباب عن هذا الرجل صاحب الخرابة وصاحب هريرة الجنية، هذا الرجل الذي لم يره أحد ولم يتعامل معه أحد من أهل منفوحة والذي يبدو أنه مصاب بالعمى الليلي غير أن مستشفى العيون الذي لا يبعد عنا كثيرًا أفاد أنه لم يستقبل مريضًا بهذا الاسم.

ولم يكن مني أمام هذه المعلومات المريبة سوى أن اتصل بمدير الشرطة وأطلب منه أن يبحث عن هذا الرجل ويلقي القبض عليه اتقاء لشره ومحافظة على الناس منه إذ يبدو أن به مسًّا من الجنون أو أنه في الأقل رجل مثير للشك.

وهذا هو كل ما وجدته جوابًا على سؤالك عن هذا الرجل.

ـ[معاوية]ــــــــ[18 - 09 - 2006, 09:30 م]ـ

أما سؤالك عن أحد أبناء (حجر بن الحارث) فأنا مثلك على غاية من الاستغراب والتحسر فهذا الرجل حجر بن الحارث رجل فاضل له مكانته السامية وموقعه المبجل، وكلنا نحبه ونوده ونقدره ولكن الله - جلت حكمته - ابتلاه بولد عاق شقي، كثرت عيوبه وتفاحلت معاصيه، خرج عن آداب العائلة وأخلاق المجتمع واشتهرت سفاهاته ودنيَّّاته، ولقد طرده أبوه فهامَ على وجهه هو وأشرار صعاليك معه، يقول صديقنا وأستاذنا عبد الملك بن قريب إن هؤلاء الصعاليك يقولون أشعارًا فيها فسق وتهتك ويدعيها ابن حجر لنفسه وتشيع بين القصّر وصغار العقول يحفظونها ويرددونها على ما فيها من سفاهة وبذاءة. وهذه هي سيرة (ابن حجر) المطرود المنكود سيرة سكير نكير هائم آثم هو وصعاليكه الغاوون وهو أميرهم في الدنيا وقائدهم إلى النار.

هذا هو صاحبك الذي سألت عنه، ولقد ابتليت ديار إخواننا في الجنوب بهذه الأعاجيب البشرية، وقد حدثنا أهلنا في وادي الدواسر عن رجل معتوه يعيش في جبل (التوباد) ملأ الأرض تشهيرًا بامرأة صالحة محصنة، آذاها في بيت أهلها وما زال يؤذيها في بيت زوجها ويذكر اسمها الصريح في أشعاره وأوهامه، وكل يشهد بجنونه وبقلة عقله ويعيش طليقًا ويشيع شعره بين ضعاف العقول يرددون أبياته وغزله بالسيدة المحصنة ويتسامرون بأخباره وسواقطه.

وسمعنا - أيضًا - عن رجل اسمه (عمر المغيري) يعيش في أطهر بقعة وينتسب إلى أشرف قوم ولكنه - مع هذا - صار عنوانًا على السفاهة وسلاطة اللسان يتعرض للمحارم ويجاهر بالتعريض، وإذا كان الناس يذهبون إلى بيت الله للصلاة والعبادة والطواف تقربًا لله فإن هذا المغيري يذهب للتعرض للمؤمنات المحصنات المصليات الطائفات. وقد شاع خبره وتعالت حكايته وتواترت أشعاره، إلى درجة أن صديقنا وأستاذنا عباس محمود العقاد كتب عنه كتابًا سماه (شاعر الغزل). وكم عجيب أن رجلاً مشهودًا له برجاحة العقل وعميق البصيرة يكتب عن شخص سفيه ماجن، ولكن الشكوى لله.

هذه أخبارنا أسمعناك إياها فماذا عن أخباركم؟.

أخوكم

طابع بن جعفر المصححي

...

انتهت الحكاية الخامسة

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير