تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

حكاية سحَّارة (4)

ـ[معاوية]ــــــــ[18 - 09 - 2006, 08:10 ص]ـ

قراءة من كتاب خرافي

لعبد الله بن محمد الغذامي ....

4 - حكاية سحَّارة

في السحَّارة بعض حكايات طريفة أسوق أمثلة

منها في هذه المقالة (والرقم المصاحب للحكاية

يمثل رقم التسلسل فيما وجدته من ورقات هذه

الحكايات).

- 7 -

ذهب (ماجد) إلى الطبيب صباح الاثنين على موعد حصل عليه بعد جهد خاص ووساطة من أحد معارفه، وكان عليه أن ينتظر طويلاً كي يدخل إلى الطبيب أخصائي القلب، ولما جاء دوره ودلف خلف الممرضة إلى غرفة الفحص وشرع في تنفيذ أمر الممرضة بأن يتمدد على السرير، تذكر أن لديه موعدًا آخر مهمًا جدًا وربما كان أهم من موعده مع الطبيب، واحتار (ماجد) في أمره مع موعدين متضاربين، وليس بيده أن يجمع بين المكانين في وقت واحد.

عند ذلك قرر أن يخلع (قلبه) وأن يضعه على السرير ليفحصه الطبيب على راحته، بينما ينصرف بباقي جسده إلى موعده الآخر. وهكذا غادر المستشفى بهدوء وثقة، وحينما وصل إلى موعده الغالي اكتشفت (منى) أن (ماجد) متبلّد الإحساس وأنه بارد الاستجابة فغضبت منه وطلبت منه الانصراف، فانصرف دون مبالاة، مما زاد من حنقها عليه واشمئزازها منه.

وراح ماجد إلى منزل والدته حيث طرح جثته على أول مقعد احتك به في المجلس وتمدد من غير مبالاة.

- 8 -

بعد أن فرغ الطبيب من كافة المواعيد وانصرف إلى تناول الغداء في مطعم المستشفى راحت الممرضة تلملم الملفات والأوراق ومعدات الفحص ووجدت من بينها (قلبًا) ملقى على السرير، احتارت في أمر هذا القلب ولم تشأ أن تشغل الطبيب وتلهيه عن غدائه واستراحته فقررت أن تضع القلب في ملف المريض على اعتبار أنه سيأتي يومًا لمراجعة الطبيب وحينها تعيد إليه قلبه وتطلب منه أن لا ينسى جهازًا كهذا مرة أخرى.

- 9 -

في المساء جلست (سوزي) تحدث زميلاتها في السكن عن ذلك القلب المنسي في العيادة. ولقد وجدت الممرضات موضوعًا طريفًا للحكي والتندر، وكان أشد ما هيجهن وجود (قلب رجل) بلا صاحب وبلا حراسة. وبدأت كل واحدة منهن تنسج حكايات وتهيؤات عما كانت ستفعله لو أنها وجدت قلبًا لرجل مرميًا على السرير.

وتصورت إحداهن أن هذه فرصة لكشف أسرار الرجل والتعرف على مكنوناته، واقترحت الأخرى أن تضع القلب على جهاز التسجيل لكي يفره مثل الشريط فيحكي كل ما في داخله. بينما تصورت الثالثة أنها قامت في الصباح فوجدت في الثلاجة قلبًا محفوظًا في علبة اللحوم وأنها قامت بتقطيعه قطعًا صغيرة ثم وضعته على الزيت المغلي وصنعت منه وجبة إفطار شهية، وقالت وهي تضحك ضحكات راجفة سالت دموعها من شدتها: ما أحلى أن أطحن قلوب الرجال بين أسناني هذه.

وتعالت الضحكات ولكم كانت الليلة قصيرة إذ مرت على الممرضات وهن في تسلية وضحك امتد بهن إلى الصباح وذهبن كلهن إلى أعمالهن من دون نوم، ولكنهن مع هذا لم يشعرن بأي تعب أو إعياء.

ـ[معاوية]ــــــــ[18 - 09 - 2006, 12:50 م]ـ

- 10 -

ساد جو كئيب في سكن الممرضات إذ سرت إشاعة مرعبة تقول إن (سوزي) قتلت رجلاً مريضًا في المستشفى وأنها سرقت قلبه وأنها تحتفظ بالقلب المسروق تحت سريرها.

راح وفد من الممرضات إلى مدير الإسكان يطلبن منه إبعاد (سوزي) عن السكن أو نقلهن إلى مسكن آخر. ولم يشأن أن يخبرن المدير عن السبب، ولكن المدير استطاع بحذاقته أن يعرف طرفًا من الحكاية، وعندها نط الأستاذ، (حامد) من مكتبه وراح يجري إلى حيث توجد (سوزي) وأمسك بتلابيبها وقال: أعطيني قلب أخي (ماجد). لقد ظللنا نبحث عنه منذ ثلاثة أيام، وأمي لم تذق طعم النوم، وكل بيتنا في غم وهم ما عدا (ماجد) الذي ظل يرقد هادئًا سادرًا لا يشغله خبر ولا يطرب لحديث.

وقامت سوزي بتسليم القلب للأستاذ حامد الذي انطلق يجري نحو المنزل ليسلم القلب لصاحبه. وتعاونت الأم مع ابنها حامد لإعادة الجهاز المفقود إلى صدر (ماجد) ولما ربطوا الحبال بعضها ببعض تحرك ماجد صارخًا وقال: موعدي، موعدي، وهل ضاع موعدي مع الطبيب ومع الـ ...

هنا وضعت الأم يدها على شفتي (ماجد) وقالت: يا بني سيرزقك الله بزوجة خير منها. لقد غضب أبوها منك وزوّجها وهي الآن في ذمة رجل. ولكن ما رأيك بهند ابنة خالتك ... !؟

لم يرد ماجد ولم يحر جوابًا وتقول الإشاعات إنه حينما استرد قلبه فقد عقله.

أما (سوزي) فقد تم نقلها إلى مسكن خاص بها لأن لا أحد من زميلاتها تطمئن إلى الخلوة معها، خاصة بعدما شهدت كبيرة الممرضات على أن ما ذكرته صديقة سوزي عن محتويات الفطيرة التي تنوي أكلها في الغداء إنما هي كبد مقلية قالت عنها كبيرة الممرضات إنها كبد رجل، وقالت هذه الممرضة ذات الخبرة إن سوزي تظهر ميلاً واضحًا لأكل لحوم البشر. وهذا خطر يهدد كل الممرضات في السكن.

مرّ (طلعت) بسيارته من تحت الجسر وما أن استقام في الطريق العام حتى سمع وحيفًا حادًا من فوق رأسه، وما لبث أن رأى سيارة تطير من فوق سيارته وتحط بهدوء شديد أمامه وتواصل المسير وكأن شيئًا لم يكن. تعجب (طلعت) مما رأى وظل يقسم بالأيمان المغلظة وهو يروي الحكاية لزملائه في العمل، ولكنهم سخروا منه وأجبروه على أن يتحمل فطورهم على حسابه، واضطر طلعت لأن يذهب إلى السوق لشراء الفول والتميز حسب طلبهم، وهناك وهو ينظر إلى (الخباز) يدير أقراص الخبز ما بين يديه والتنور، لاحظ أن الخباز يرمقه بابتسامة متوددة ويقول له: اعذرني لقد جئت هذا الصباح مسرعًا ولما عانقت الجسر انكشف الطريق أمامي وكأنه هوة سحيقة فقررت الطيران من فوق الهاوية، وحطت سيارتي أمام سيارتك، وهكذا تراني أنا الرجل الوحيد الذي يصدق حكايتك.

...

انتهت الحكاية الرابعة

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير