[حواش وملاحظات لغوية]
ـ[عبدالرحمن السليمان]ــــــــ[30 - 09 - 2006, 04:41 ص]ـ
حاشية في "الباراقليط"
هذا حوار دار بين أخي الدكتور أحمد الليثي، رئيس الجمعية العربية للمترجمين العرب، وبيني، أحببت أن أشارك أهل الفصيح فيه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أخي الدكتور عبد الرحمن:
جاء في إنجيل يوحنا:
إن كنتم تحبوني فاحفظوا وصاياي، وأنا أطلب من الاب فيعطيكم «بارقليط» ـ معزيا ـ آخر يمكث معكم إلى الابد. . . (20).
وأمّا المعزي الروح القدس الذي سيرسله الاب باسمي، فهو يعلّمكم كل شيء، ويذكّركم بكل ما قلته لكم (21).
لا أتكلم معكم كثيراً لان رئيس هذا العالم يأتي، وليس له فيّ شيء (22).
ومتى جاء المعزي الذي سأرسله أنا اليكم (23) من الاب روح الحق الذي من عند الاب ينبثق فهو يشهد لي. . . (24).
لكني أقول لكم الحق، انّه خير لكم أن أنطلق، لانّه ان لم أنطلق لا يأتيكم المعزي، ولكن ان ذهبت أرسله لكم (25) ومتى جاء ذلك يبكت العالم على خطية وعلى برّ وعلى دينونة، أما على خطية فلانهم لا يؤمنون بي، وأما على برّ فلاني ذاهب إلى ربي ولا ترونني أيضا، وأما على دينونة فلانّ رئيس هذا العالم قد دين.
انّ لي أُموراً كثيراً أيضا لاقول لكم، ولكن لا تستطيعون أن تحتملوا الان، وأما متى جاء ذلك روح الحق، فهو يرشدكم إلى جميع الحق; لانّه لا يتكلّم من نفسه، بل كل ما يسمع يتكلّم به ويخبركم بأمور آتية، ذلك يمجدني لانّه يأخذ مما لي ويخبركم (26).
وبالتأمل في هذه النصوص نجد أنها تشير إلى:
1 ـ أن المسيح (عليه السلام) يوصي ويبشّر بمجيء معزٍّ بعده.
2 ـ وأن مجيئه مشروط بذهابه.
3 ـ وأنّه مرسل من قبل الله تعالى.
4 ـ وأنّه يعلّم كل شيء.
5 ـ وأنّه يذكّر بما قاله المسيح (عليه السلام).
6 ـ وأنّه يشهد للمسيح (عليه السلام).
7 ـ وان العالم سيتبع دينه.
8 ـ وأنّه لا يتكلّم من نفسه بل يتكلّم بما يسمع.
9 ـ وأنّه يخبر بامور آتية.
10 ـ وأنّه يمجد المسيح (عليه السلام).
11 ـ وأنه يبقى معهم إلى الابد.
وسؤالي هو: معروف أن إنجيل يوحنا مكتوب باليونانية. فما التحليل اللغوي لكلمة "بارقليط" المذكورة عاليه والمترجمة بالمعزي؟ ما هو نطقها باليونانية؟ وهل المعزي ترجمة دقيقة؟ ولماذا لم يكتف بكلمة المعزي في النص العربي بدلاً من ذكر كلمة بارقليط أيضاً؟
الدكتور أحمد الليثي.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أخي الكريم الدكتور أحمد،
كلمة "الباراقليط" الموجودة في الأصل اليوناني لإنجيل القديس يوحنا هي = Parakletos ??????????، وهي كلمة مركبة من:
???? ومعناها "إلى جانب"،
و?????? وهي صفة غالبة مشتقة من الفعل ?????????? ومعناه "ساعد، آزر، دعا، عزَّى، شجَّعَ". وعليه فإن معناها الحرفي يكون: "المساعد، المؤازر، الداعي، المعزي، المشجع". وقد أصبح هذا الفعل في اليونانية الحديثة كما يلي ???????? = paregoro. أما المعزي فصار فيها: ????????? = paregoros.
والطريف في الموضوع أن هذه الكلمة اليونانية دخيلة في العبرية وتعني فيها "محامٍ" (?????? = باراقليط "محامٍ"؛ ???????? = باراقليطوت "محاماة").
وهنالك كلمة يونانية ثانية هي: ??????????: Pariklytos ومعناها "الإنسان الحميد/المحمود".
إذاً عندنا كلمتان متشابهتان جداً في اللفظ: "الباراقليطوس" (بفتح الراء وإمالة اللام) المثبتة في الأصل اليوناني لإنجيل القديس يوحنا (= Parakletos) وتعني "المعزي"، و"البارِقليطوس" (بكسر الراء) التي تفيد معنى "الحمد" ولكنها غير موجودة في الأصل اليوناني لإنجيل القديس يوحنا: Pariklytos.
وواضح من رسم الكلمتين ونطقهما أنهما متشابهتان تشابهاً يجعل التصحيف (أقول التصحيف) أمراً وارداً.
أما لم ذكرت الترجمة العربية التي أشرت إليها "الباراقليط" وأردفته بكلمة "المعزي" ترجمةً مُقحمة له، فأعتقد ـ وهذا اعتقاد شخصي ـ أن في ذلك تغليباً واضحاً لاحتمال ( Parakletos) على ( Pariklytos) وكذلك رداً على ابن هشام في السيرة. وللأسف الشديد لا أستطيع الرجوع الآن إلى الترجمات العربية للكتاب المقدس، وكلها بحوزتي، بسبب الأشغال في المنزل. وسأعود إليها لا حقاً إن شاء الله لأرى كيف ترجمت هذه الآيات.
¥