تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[التفريط باللغة العربية .... إلى متى؟؟]

ـ[الملك المتوج]ــــــــ[24 - 05 - 2006, 09:57 م]ـ

إن مسألة الاهتمام باللغة العربية مسألة مركزية، وهي من القضايا الكبرى التي يجب علينا التنبه إليها .. إننا حين نتحدث عن اللغة العربية، فإننا نتحدث عن موضوع يتعلق بعقيدتنا وحضارتنا وأخلاقنا؛ ما يجعلني أقول بأن التفريط بالعربية مصيبة كبيرة، وقصور خطير، لا يمحوه أسف ولا يسعه اعتذار، ولا يحتمله استغفار. فالعربية ركن أساسي في بناء الشخصية العربية والإسلامية، وذلك أمر بدهي لا يحتاج إلى دليل، والتوصل إلى بداهة هذا المفهوم لا يحتاج إلى تفكير .. المسألة واضحة من جهتين: الأولى: أن اللغة العربية لغة القرآن الكريم الذي نعز به، وبه تعلو قاماتنا في الدنيا والآخرة، وهي لغة نبينا، نبي الرحمة، محمد صلى الله عليه وسلم، وهي لغة التراث الشعري العربي الأصيل. وهي بالمفهوم الآخر اللغة الوطنية لأمة العرب، واللغة التي يتعبد بها الملايين في شتى بقاع الأرض.

والجهة الثانية: هي مسألة الغيرة والانتماء لذات اللغة وعظمتها، وقدرتها على التجلي والإفصاح؛ ونظرة بسيطة إلى معاهد اللغة الإنجليزية في العالم، ومنها دول العالم العربي والإسلامي كافية لتجعلنا غيورين على لغتنا التي تتميز عن لغات العالم أجمع بفصاحتها وبيانها، وعدد مفرداتها الضخم، خلافا لكل لغات الأرض.

إن احترام اللغة في أي مكان في العالم يدل على انتماء ووعي وفهم من أصحاب هذه اللغة، ولذلك تجد الدول المتقدمة تحرص على لغاتها أكثر من حرصنا .. حتى لكأنك تحس بأن الاهتمام باللغة يحتاج إلى قرار سياسي .. لا يساورني شك في أن ضعف الاهتمام باللغة العربية قصور في الوعي، وإجحاف في الدين .. !!

غيرنا من الدول تدفع الملايين سنويا لنشر لغاتها في العالم، وما المعهد البريطاني ومعهد غوتا الألماني وغيرهما إلا دليل واضح على وعي هؤلاء الناس لدور اللغة في نشر ثقافاتهم وفرض حضارتهم على الآخرين.

لقد أصبح من المؤسف حقا أن تفقد العربية ألقها وبريقها في ديار أهلها، حتى لكأنك تحس في بعض الدول لعربية أحيانا بأنك في بلد أجنبي، فاللغة الإنجليزية أصبحت سائدة في بلادنا بطريقة غريبة مستهجنة، وويل لمن لا يعرف الإنجليزية في كثير من دولنا العربية!! لقد أصبحت اللغة العربية في كثير من المواقع اللغة الثانية أو الثالثة، وأصبح عليك أن تتعلم الإنجليزية بسرعة حتى تتمكن من التخاطب مع الشركات والمؤسسات الخاصة، وأحيانا لا تنفع الإنجليزية، فلا بد من الهندية أو الأوردية .. أليست هذه مهزلة يجب إيقافها؟! فبدلا من أن يتعلم الهندي أو الباكستاني أو الإنجليزي لغتنا، وبدلا من أن نرفض التحدث مع الناطقين بالإنجليزية بلغتهم كما يفعلون هم في بلادهم، نضطر نحن إلى التحدث معهم بالإنجليزية، والرهبة والخوف يسيطران علينا خشية الوقوع في الخطأ!!

لقد حدثني من سافروا إلى فرنسا بأن موظف المطار الذي يعرف الإنجليزية عن ظهر قلب يرفض التكلم معك أو مساعدتك إذا لم تحاول التحدث بالفرنسية، وكذلك الأمر في ألمانيا وإيطاليا، وغيرها من دول العالم التي تحترم حضارتها وتراثها، وتعرف يقينا قيمة اللغة وموقعها في فلسفة الثقافة والتاريخ، مع أن اللغات الأوربية على وجه التحديد معظمها لغات جديدة طارئة، لا تاريخ بعيدا لها.

إن العارف باللغة العربية يموت كل يوم ألف مرة، وهو يرى بعينه الأخطاء القاتلة التي تنتشر هنا وهناك، على اللافتات وعلى السيارات الخاصة بالشركات، وحيثما اتجه بصره ..

اليوم قرأت على إحدى الحافلات: (البان ال …)، وهي شركة ألبان، لم تضع على ألف ألبان همزة، ووضعت همزة على الكلمة الثانية التي لا تحتاج إليها. ولعل قائلا يقول: الهمزات غير مهمة، لا تعقدوا اللغة .. بيد أن هذا الشخص لو كان معلم لغة إنجليزية لما أعجبه ألا يضع الطالب النقطة على الحرف i ، أو الشّرطة لحرف ( t ) ، نحن مهيؤون دائما للتقليل من أهمية لغتنا، ونتهم المهتمين بها بالتحجر والكلاسيكية، بينما نحرص على اللغات الأخرى، أليس هذا غريبا أيضا؟!

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير