الجمعُ المليح من الفوائِدِ المتيَسِّرة على موطَّأةِ الفصيح
ـ[ناصر الكاتب]ــــــــ[26 - 09 - 2006, 07:46 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
- أ -
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسانٍ إلى يومِ الدينَ، أما بعد؛
فللإمامِ أبي العبَّاس أحمدَ بنِ يحيى بنِ زيدٍ النحويِّ الملقب بـ «ثعلب» كتابٌ شهير تناوله علماءُ العربيَّةِ بالدرس والتهذيب والإتمام والنقد، واشتهرَ باسم «فصيح ثعلب»، وقد قال فيه مؤلفُه –رحمه الله-: «هذا كتابُ اختيارِ فصيحِ الكلام ممَّا يجري في كلامِ الناس وكُتُبِهم»، وقال: «هذا كتابٌ اختصرناه وأقللناه؛ لتخف المؤنة فيه على متعلِّمِه الصغيرِ والكبير، وليُعْرَف به فصيح الكلام» [1].
وقال فيه ابنُ هشامٍ اللخميِّ (ت: 577هـ) –وهو أحدُ شرَّاحِه-: كتابُ الفصيحِ، أعزَّك الله، وإنْ صَغُرَ جِرْمُه وقلَّ حجْمُه ففائِدَتُه كبيرَةٌ عظيمَةٌ ومنفعَتُه عندَ أهلِ العلم خطيرةٌ جسيمَةٌ» [2].
وقال فيه بعضُ الشعراء:
كِتَابُ الفصيحِ كتابٌ مَلِيح=يُقَالُ لقَارئه ما أبْلَغَهْ
عليكَ أُخَيَّ به إنَّهُ=لُبَابُ اللُّبَابِ وصَفْوُ اللُّغَهْ
وقد طُبِعَ هذا الكتاب عدَّةَ طبعَاتٍ منها [3]:
1 - في بليبسك سنةَ (1876م) في نحو سبعين صفحة، ومعه مقدِّمَة وملاحظات بالألمانيَّة.
2 - في القاهرة نشر دار المعارف سنة (1984م) بتحقيق ودراسة الدكتور عاطف مدكور.
ولهذا الكتابِ منظومةٌ صنَعَها الإمامُ المقْرِئ الأديبُ: أبو الحكم مالك بنُ عبد الرحمن الشهير بـ «ابنِ المرحَّلِ» المالقي الأندلسي، المتوفى سنة 699هـ رحمه الله تعالى.
وقد خرجَت هذه المنظومة بتحقيق وتعليق الدكتور عبد الله بن محمد الحكمي، وباسم (متن موطَّأةِ الفصيح «نظم فصيح ثعلب»).
وسيكون لي بإذن الله عودةٌ لذكر شيء عن منهجِ «فصيحِ ثعلب» وشيء عن «مطبوعة نظمِ ابنِ المرحل»، ثم أوضح غايتي من هذه الـ (مُدارسَة)، وطريقتي فيها، والله المستعان.
[ line]
[1] - بواسطة تحقيق ودراسة الدكتور إبراهيم الغامدي لشرحِ الفصيح المنسوب إلى الزمخشري: (1/ 14).
[2]- ابن هشام اللخمي: شرح الفصيح: 46
[3]- عبد العزيز بن قاسم: الدليل إلى المتون العلميَّة: 578
ـ[ناصر الكاتب]ــــــــ[26 - 09 - 2006, 07:49 م]ـ
- ب -
فصلٌ في التعريفِ بكتابِ الفصيح، ومنهج مؤلفه فيه:
كتابُ الفصيح من الكتب التي أنشئِتْ لتثقيف اللسان ودرء اللحن عن لغة العرب. قال ثعلب في خاتمةِ فصيحه: « ... ولكن ألّفْنَاه على نحو ما ألف الناس ونسبوه إلى ما تلحن فيه العامة، ولم نكبره بالتوسعة في اللغات وغريب الكلام» [4].
أما عن منهجه في كتابِه فقد أبان عنه بقولِه: «هذا كتابُ اختيارِ فصيحِ الكلام ممَّا يجري في كلامِ الناس وكُتُبِهم؛ فمنه ما فيه لغة واحدة والناس على خلافها، فأخبرنا بصواب ذلك، ومنه ما فيه لغتان وثلاث وأكثر من ذلك فاخترنا أفصحهن، ومنه ما فيه لغتان كثرتا واستعملتا، فلم تكن إحداهما أكثر من الأخرى، فأخبرنا بهما، وألفناه أبوابًا في ذلك» [5].
قال الدكتور إبراهيم الغامدي [6]: «وقد قسَّم (يعني ثعلبا) كتابَه إلى ثلاثين بابًا، قسَّم هذه الأبواب إلى قسمين رئيسيين:
الأول: ضم أبواب الأفعال، بدأها من باب «فَعَلت» بفتح العين، وأنهاها بباب ما يهمز من الفعل.
والقسم الثاني: بدأه بباب المصادر، وأنهاه بباب الفرق وهو آخر أبواب الكتاب» اهـ.
فصل في التعريف بمتن «موطَّأةِ الفصيح»:
قال الدكتور عبد الله الحكمي [7]: «هي أرجوزة بديعة النظم، متينةُ السَّبْك، عذبةُ الألفاظ، في غاية السلاسة وجمال الإيقَاع، تنمُّ عن شاعريَّة فذّة، وبديهةٍ حاضرة، وتمكنٍ من ناصيَةِ البيان، ورسوخٍ في علومِ اللسان العربي، واطِّلاع واسع على آداب العرب وأشعارها.
وقد اشتملت هذه الأرجوزةُ النادرةُ على خصائص فريدة، قلَّ أن تتوافر في غيرها، ومنها:
1 - أنَّ الناظم رحمه الله تعالى لم يقتصر على نظم مفردات «فصيح ثعلب» وإنَّما شرحها شرحًا بديعًا، ولم يفتْه منها إلا اليسير، ولعلَّ ما أغفله كان بسبب وضوحه عنده.
2 - أن أرجوزتَه اشتملت على زوائد مهمة على أصله «فصيح ثعلب» ...
3 - أنَّه رجع أثناء نظمه إلى نسخ عدة لمتن «الفصيح»؛ كما جاء في قولِه:
والمُنْخُلُ الغِرْبَالُ ليس يُجْهَلُ=والمُشْطُ في رِوَايةٍ والمُنصُلُ
4 - أنه أورد في أرجوزته جلّ الشواهد التي استشهدَ بها الإمامُ ثعلب رحمه الله تعالى في فصيحه» اهـ.
ولهذه المنظومة شرح مطوَّل بعنوان: «مُوطِّئة الفصيح لموطَّأةِ الفصيح» تأليف الشيخ أبي عبد الله محمد بن الطيب الفاسي –رحمه الله-[8].
[ line]
[4] - بواسطة دراسة وتحقيق الدكتور: أحمد قشاش لكتاب «إسفار الفصيح» للهروي: 25
[5]- بواسطة المصدر السابق: 24
[6]- «شرح الفصيح» للزمخشري: 14
[7]- «متن موطأة الفصيح»: 11، 12
[8]- انظر: «الدليل إلى المتون العلميَّة»: 581
¥