تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

عربية. # واعلم أن الكلام في تفسير قوله {له مقاليد * السماوات والارض} قريب من الكلام في قوله تعالى: {وعنده مفاتح الغيب} (الأنعام: 59) وقد سبق الاستقصاء هناك، قيل سأل عثمان رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تفسير قوله {له مقاليد * السماوات والارض} فقال: «يا عثمان ما سألني عنها أحد قبلك، تفسيرها لا إله إلا الله والله أكبر، سبحان الله وبحمده، أستغفر الله ولا حول ولا قوة إلا بالله، هو الأول والآخر والظاهر والباطن بيده الخير، يحيي ويميت هو على كل شيء قدير» هكذا نقله صاحب «الكشاف». # ثم قال تعالى: {والذين كفروا بئايات الله أولئك هم الخاسرون} وفيه مسألتان: # المسألة الأولى: صريح الآية يقتضي أنه لا خاسر إلا كافر، وهذا يدل على أن كل من لم يكن كافرا فإنه لا بد وأن يحصل له حظ من رحمة الله. # المسألة الثانية: أورد صاحب «الكشاف» سؤالا، وهو أنه بم اتصل قوله {والذين كفروا}؟ وأجاب عنه بأنه اتصل بقوله تعالى: {وينجى الله الذين اتقوا} (الزمر: 61) أي ينجي الله المتقين بمفازتهم {والذين كفروا بئايات الله أولئك هم الخاسرون} واعترض ما بينهما أنه خالق للأشياء كلها، وأن له مقاليد السموات والأرض. وأقول هذا عندي ضعيف من وجهين الأول: أن وقوع الفاصل الكبير بين المعطوف والمعطوف عليه بعيد الثاني: أن قوله {وينجى الله الذين اتقوا بمفازتهم} جملة فعلية، وقوله {والذين كفروا بئايات الله أولئك هم الخاسرون} جملة إسمية، وعطف الجملة الإسمية على الجملة الفعلية لا يجوز، بل الأقرب عندي أن يقال إنه لما وصف الله تعالى نفسه بالصفات الإلهية والجلالية، وهو كونه خالقا للأشياء كلها، وكونه مالكا لمقاليد

@12@ السموات والأرض بأسرها، قال بعده: والذين كفروا بهذه الآيات الظاهرة الباهرة أولئك هم الخاسرون. # ثم قال تعالى: {قل أفغير الله تأمرونى أعبد أيها الجاهلون} وفيه مسائل: # المسألة الأولى: قرأ ابن عامر تأمرونني بنونين ساكنة الياء وكذلك هي في مصاحف الشام، قال الواحدي وهو الأصل، وقرأ ابن كثير تأمروني بنون مشددة على إسكان الألألى وإدغامها في الثانية، وقرأ نافع تأمروني بنون واحدة خفيفة، على حذل إحدى النونين والباقون بنون واحدة مكسورة مشددة. # المسألة الثانية: {أفغير الله} منصوب بأعبد وتأمروني اعتراض، ومعناه: أفغير الله أعبد بأمركم؟ وذلك حين قال له المشركون أسلم ببعض آلهتنا ونؤمن بإلهك، وأقول نظير هذه الآية، قوله تعالى: {قل أغير الله أتخذ وليا فاطر * السماوات والارض} (الأنعام: 14) وقد ذكرنا في تلك الآية وجه الحكمة في تقديم الفعل. # المسألة الثالثة: إنما وصفهم بالجهل لأنه تقدم وصف الإله بكونه خالقا للأشياء وبكونه مالكا لمقاليد السموات والأرض، وظاهر كون هذه الأصنام جمادات أنها لا تضر ولا تنفع، ومن أعرض عن عبادة الإله الموصوف بتلك الصفات الشريفة المقدسة، واشتغل بعبادة هذه الأجسام الخسيسة، فقد بلغ في الجهل مبلغا لا مزيد عليه، فلهذا السبب قال: {أيها الجاهلون} ولا شك أن وصفهم بهذا الأمر لائق بهذا الموضع. # ثم قال تعالى: {ولقد أوحى إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين} واعلم أن الكلام التام مع الدلائل القوية، والجواب عن الشبهات في مسألة الإحباط قد ذكرناه في سورة البقرة فة نعيده، قال صاحب «الكشاف» قرىء {ليحبطن عملك} على البناء للمفعول وقرىء بالياء والنون أي: ليحبطن الله أو الشرك وفي الآية سؤالات: # السؤال الأول: كيف أوحي إليه وإلى من قبله حال شركه على التعيين؟ والجواب تقدير الآية: أوحي إليك لئن أشركت ليحبطن عملك، وإلى الذين من قبلك مثله أو أوحي إليك وإلى كل واحد منهم لئن أشركت، كما تقول كسانا حلة أي كل واحد منا. # السؤال الثاني: ما الفرق بين اللامين؟ الجواب الأولى: موطئة للقسم المحذوف والثانية: لام الجواب. # السؤال الثالث: كيف صح هذا الكلام مع علم الله تعالى أن رسله لا يشركون ولا تحبط أعمالهم؟ والجواب أن قوله {لئن أشركت ليحبطن عملك} قضية شرطية والقضية الشرطية لا يلزم من صدقها صدق جزأيها ألا ترى أن قولك لو كانت الخمسة زوجا لكاتنت منقسمة بمتساويين قضشية صادقة مع أن كل واحد من جزأيها غير صادق، قال الله تعالى: {لو كان فيهما الهة إلا الله لفسدتا} (الأنبياء: 22) ولم

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير