تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[عبدالرحمن السليمان]ــــــــ[05 - 09 - 2006, 10:46 ص]ـ

التَّعْدِيَة وأحرفها الثلاثة

في صيغ التعدية الثلاث: أَفْعَلَ/هَفْعَلَ/سَفْعَلَ

احتفظت العربية بطائفة من الألفاظ التي يقول فيها اللغويون الأوائل [1] إن الهاء فيها تبدل من الهمزة. من تلك الألفاظ: إِيّاك/هِيّاك؛ إِنّ/هِنَّ (قارن العبرية: ???: هِنِّيه)؛ هَيْر/أَيْر (= الصَّبا)؛ أَيا/هَيا (للنداء) الخ.

ونجد هذا الإبدال في الأفعال المزيدة مثل: أَرَاق/هَراق؛ أنارَ/هَنار؛ أراحَ/هَراح؛ أرادَ/هَراد الخ. كما نجد أفعالاً مزيدة وقع فيها إبدال السين من الهمزة أيضاً مثل سَلْعَفَ، سَقْلَبَ وسَلْقَيَ.

بالمقارنة مع الساميات نجد أن الهمزة والهاء والسين وردت فيها لتعدية الفعل اللازم، وعليه فإن الهاء والسين تجانسان همزة تعدية الفعل الناقص في العربية مثل ماتَ/أماتَ.

فحرف السين هو حرف التعدية في الأكادية ولهجتيها البابلية والآشورية (مثلاً: أُشَشْكِن، من الجذر: /شكن، سكن/)، وفي الحميرية (القتبانية: سَعْذَب من الجذر /عذب/)، وفي الآرامية القديمة (????: شَلْهِب [2] من الجذر /لهب/)، وفي الأوغاريتية (لَحَمَ "طَعمَ"، شَلْحَمَ "أطعمَ"). وورد في العبرية (?????: شَبْلُول من الجذر /بلل/)، وفي السريانية: (????: سَقْبِل من الجذر /قبل/) وهو نادر في الأخيرتين ندرته في عربيتنا (بعكس الحميرية وغيرها من لهجات العربية الجنوبية).

وحرف الهاء هو حرف التعدية في العبرية (?????: هِقْدِيش وأصله: هَقْدَشَ على وزن أَفْعَلَ ويعني "قَدَّسَ" وفي الآرامية القديمة (????: هَنْفِق من الجذر /نفق/ وتعني فيها "أخرج"، والإنفاق هو ضرب من إخراج الدراهم إلا ما غير عودة!)، وفي الحميرية (السبئية: هَعْذَب من الجذر /عذب/)، وفي اللحيانية (هَوْدَقَ من الجذر /ودق/ "قَرَّبَ" قُرْباناً).

أما الهمزة فترد في العربية (أراقَ/هَراقَ)؛ وفي الحبشية (أسْتَيَ "سَقى"، من الجذر /ستي/؛ وفي السريانية (????: أَلْبِشْ من الجذر /لبش/ "أَلْبَسَ").

ويلاحظ أن وزن أَفْعَلَ/هَفْعَلَ/سَفْعَلَ يأتي في كل الساميات للتعدية وللصيرورة أيضاً مثل "أصبحَ، وأحصدَ الزرعُ" الخ. ومثله في العبرية: ?????: هِشْمِين "أَسْمَنَ" أي صار سميناً، وفي الحبشية: أَمْسَلَ "أَمْثلَ"، صار مثله في الحديث، الخ؟

ـــــــــــــــــــــــــــ

الحواشي:

[1] انظر، على سبيل المثال، ابن جني، سر صناعة الإعراب. دمشق، 1985. الجزء الثاني، الصفحة 551 وما يليها.

[2] من الألفاظ التي لا تزال مستعملة في لهجات الشام ـ وهي البلاد التي كانت الآرامية تحكى فيها قبل تعريبها ـ كلمة "شَلْهُوبِة" وتعني "الحريق". يقال: "عَلَّق/شَهْلَبْ شَلْهُوبةِ" أي أنشأ حريقاً. ومعنى "شَلْهِبْ" الدقيق هو "أَلْهَبَ" أي "أثار اللهبَ"؟

عبدالرحمن السليمان.

المصدر:

http://www.wataonline.net/site/modules/newbb/viewtopic.php?topic_id=76&forum=2

ـ[عبدالرحمن السليمان]ــــــــ[22 - 09 - 2006, 01:28 ص]ـ

حاشية

ورد في كتاب ابن جني، سر صناعة الإعراب. دمشق، 1985. الجزء الثاني، الصفحة 674: "سَلقى" بمعنى "ألقى"، والسين للتعدية. أما "سقلب" و"سعلف" بمعنى "أقلبَ" و"أعلفَ" فمبثوثتان في أكثر المعاجم وكتب اللغة كما نعلم.

وينسب إلى الفراء: "شَبَّهوا أسْطعتُ بأفعلتُ" (أدب الكاتب لابن قتيبة، الصفحة 493). وعندي ـ وهذا اجتهاد شخصي ـ أن "أَسْطاعَ يُسطيع" بمعنى "أَطاعَ يُطيع"، أصله "سَطاع" أي "أطاع"، وأن السين كانت للتعدية. ثم أضافوا إليه الألف فيما بعد للاضطراد فجعلوا له حرفَي تعدية (السين الأصلية والألف المزادة)، مثلما جعلوا لـ "أَهْراقَ" حرفي تعدية كذلك (الهاء الأصلية والألف المزادة). (راجع سر صناعة الإعراب، الجزء الأول، الصفحة 199، وكتاب سيبويه، الجزء الأول، الصفحة 8 والجزء الثاني، الصفحة 429 و333).

وأغلب الظن أن "أَسْطاعَ يُسطيع" كما ذكرت أعلاه لأنها ـ شأنها في ذلك شأن سلقى" بمعنى "ألقى" و"سقلب" و"سعلف" بمعنى "أقلبَ" و"أعلفَ"، وشأن هرَاقَ/أراقَ وهَنارَ/أنارَ وهَراحَ/أراحَ وهَرادَ/أرادَ ـ من البقايا الأثرية في اللغة، التي يمكن استغلالها والقياس عليها إذا دعت الضرورة.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير