تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

بتصرف واسع من: "مذكرة في أصول الفقه"، ص207، 208.

ومن مهمات هذا الباب:

بيان محل النزاع في هذه المسألة فليس كل اسم يجري في هذا الخلاف فـ:

الأعلام: لا يصح القياس عليها بالإجماع لأنها وضعت للدلالة على أعيان، فهي أسماء جامدة لا معنى فيها يلحظ ليقاس عليه فليست بمشتقة، وإنما قد يدخلها الاشتقاق من جهة دلالتها على وصف اشتهر به صاحبها كحاتم الذي صار اسمه علما على معنى الكرم فجاز التشبيه به في ذلك المعنى لا لكون اسمه مشتقا من مادة الكرم، فهو جامد كبقية الجوامد، وإنما لما احتف به من القرائن التي صيرت لاسمه دلالة معنوية خاصة، فصح اعتبارها في التشبيه، ولا يتصور ذلك في القياس حتى عند من يجيزه، فلا يطلق على كل كريم بأنه حاتم وإنما غاية الأمر أن يشبه به، ولو تشبيها بليغا بالإخبار عنه به كأن يقال: فلان حاتم زمانه، فليس ذلك إثباتا للاسم في الفرع ثبوته في الأصل، فيكون ذلك المشبه حاتما من كل وجه، بل غايته إثبات التشابه بينهما في وصف الكرم الذي اشتهر به حاتم، والتشابه، كما قرر أهل العلم لا يلزم منه التماثل من كل وجه، إذ التماثل أعم ولا يلزم من إثبات الخاص إثبات العام.

والصفات: لا يجوز القياس فيها أيضا إذ وضع الوصف للدلالة على المتصف به لا يلزم منه تعديته لكل من سواه لمجرد التساوي بينهما في أصل الذات، فلكل منهما ذات تشترك في المعنى الكلي وإن اختلفت في الحقيقة الجزئية خارج الذهن فذات عمرو غير ذات زيد، فإذا اكتسب الجاهل علما صار عالما، ولا يلزم من كونه إنسانا، وكون الجاهل إنسانا، أن يقاس الوصف على الوصف قياسا للذات على الذات، فيكون الثاني عالما كالأول لأنه له ذاتا كذات الأول، فالتماثل في معنى الذاتية الكلي المشترك لا يلزم منه التماثل في حقيقة الذات، فليست الذات كالذات، كما تقدم، فكيف بالوصف القائم بالذات، فالقياس ممتنع في الأصل وهو الذات، وإن وقع الاشتراك من وجه، فهو اشتراك معنوي في الذهن لا وجود له في الخارج فليس ثم في الخارج إلا ذاتان متباينتان، فانتفى القياس في الوصف القائم بهما من باب أولى فلا يقاس علم على علم فرعا عن قياس ذات على ذات، فالاشتراك كما تقدم لا يلزم منه التماثل فلا تماثل بين الأصل والفرع في كلا القياسين يجوز قياس الفرع على أصله بجامع الوصف المؤثر في كليهما. والشاهد أن الصفة ليست أمرا ملازما يطرد وجوده في كل ذات ليصح نقله من ذات إلى ذات.

أسماء الأجناس:

اسم الجنس الجامد الذاتي: فلا معنى يلاحظ فيه ليقاس عليه غيره، فلا معنى في: "أسد" باعتبار مادته يصح القياس عليه، وإن جاز اعتبار معنى الشجاعة فيه حال تشبيه الشجاع به، على وزان ما تقدم في تشبه الكريم بحاتم بالنظر إلى معناه لا مبناه، فالمبنى جامد لا وصف مؤثر فيه يُجَوِّز التشبيه فضلا عن القياس، وإنما جاز التشبيه بالنظر إلى المعنى المعهود فيه فينزل منزلة المعهود الذهني الذي يتبادر إلى الذهن عند الإطلاق، وكذلك الحال في أسد فإنه لا أصل له اشتق منه يصح النظر إليه تشبيها أو قياسا، وإنما جاز التشبيه باعتبار الدلالة العرفية التي نزلته هو الآخر منزلة المعهود الذهني الذي يتبادر إلى الذهن عند إطلاقه معنى الشجاعة وإن لم يكن مشتقا منها فهو جامد غير مشتق كما تقدم.

وأما اسم الجنس المعنوي: فهو محل البحث لوجود معنى مؤثر فيه اكتسب لأجله الاسم فاسمه مشتق من ذلك المعنى كالخمر فإنها سميت خمرا لأنها تخامر العقل وتخالطه وقد تقدم بيان الخلاف في ذلك وبيان ثمرته.

ومن مهمات هذا الباب أيضا:

بيان الفارق بين القياس في النحو والقياس في اللغة، فإن الأول جائز بالنظر إلى العلاقات الرأسية التي قررها علماء اللغة، ففي الجملة الإسنادية، أو الجملة التي اصطلح العلماء على تسميتها بالجملة النواة أو: Kernel Sentence ، يوجد موقعان رئيسان: موقع المسند، كالفعل في الجملة الفعلية في نحو: أكل زيد، والخبر في الجملة الاسمية في نحو: زيد آكل، وموقع المسند إليه الذي يسند إليه الفعل أو الوصف، وهو الفاعل الذي يسند إليه الفعل على جهة القيام به، والمبتدأ الذي يسند إليه الخبر على جهة الاتصاف به، وكل موقع يمكن شغله بما لا يتناهى من الاحتمالات، فالأفعال والأخبار لا حصر لها، والذوات التي

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير