تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

تسند إليها لا حصر لها، وذلك مما باين فيه الإنسان بما منحه الرب، جل وعلا، من ملكة الإفصاح، الحيوان الذي ينطق تقليدا كالببغاء، فإن الإنسان إذا رأى قطة آتية فإنه يسند إليها فعل المجيء، فيقول: جاءت القطة، فإن جاء حيوان آخر كدجاجة أو نحوه، فإنه يسند فعل المجيء إلى المسند إليه الجديد، فيبقي المسند كما هو، لأن فعل الإتيان واحد، ويتصرف في المسند إليه فيقول: جاءت دجاجة ....... إلخ من الاحتمالات التي لا تتناهى فرعا عن سعة مدارك الإنسان، فمفردات لغته قد بلغت من الكثرة ما لا يمكن حصره، إذ الأعيان لا تتناهى ففي كل يوم يظهر منها الجديد فيخص باسم دال عليه لم يكن متداولا من قبل لعدم وجود تلك العين، فذلك التنوع ينزل منزلة القياس إذ يقاس المسند إليه الجديد على المسند إليه القديم فتقاس الدجاجة على القطة بجامع جواز إسناد فعل الإتيان إلى كليهما فيعدى من المسند إليه الأول إلى المسند إليه الثاني، فيتعدد القياس بتعدد أفراد المسند إليه أو المسند، فما قيل في تغيير المسند إليه يقال في تغيير المسند في نحو: أكل زيد، فأفعال الإنسان هي الأخرى من الكثرة بمكان، فيقاس الشرب في: شرب زيد على الأكل في: أكل زيد، لصحة حلوله محله، وذلك كما تقدم، بخلاف ما ينطق به الحيوان تقليدا فإنه لو علم نطق جملة واحدة كـ: جاءت قطة، فإنه سينطق بها إذا جاء أي كائن آخر، فليست ملكة القياس النحوي بتغيير المسند والمسند إليه عنده، ولو علم النطق بها عند إتيان القطة دون سائر الحيوانات فإنه لا يقدر على التصرف فيها تثنية وجمعا، فلا يقول إذا أتت قطتان: جاءت قطتان، أو القطتان جاءتا، ولا يقول إذا أتت قطط كثيرة: أتت قطط، أو: القطط أتت، وذلك مما كرم به الإنسان على بقية الكائنات لمكان الاستخلاف في الأرض ابتلاء.

فهذا القياس جائز بلا إشكال بخلاف القياس في اللغة من جهة الاشتقاق من المعاني فالخلاف فيه قد سبقت الإشارة إليه.

وإلى طرف من ذلك أشار السيوطي، رحمه الله، بقوله:

"وقال ابن الأنباري في "أصوله": اعلم أن إنكار القياس في النحو لا يتحقق، لأن النحو كله قياس، ولهذا قيل في حده: "النحو علم بالمقاييس المستنبطة من استقراء كلام العرب"، فمن أنكر القياس فقد أنكر النحو، ولا يعلم أحد من العلماء أنكره، لثبوته بالدلالة القاطعة، وذلك أنا أجمعنا على أنه إذا قال العربي: كتب زيد، فإنه يجوز أن يسند هذا الفعل إلى كل اسم مسمى تصح منه الكتابة نحو: عمر، وبشر، وأردشير، إلى ما لا يدخل تحت الحصر، وإثبات ما لا يدخل تحت الحصر بطريق النقل محال.

وكذلك القول في سائر العوامل الداخلة على الأسماء، والأفعال الرافعة، والناصبة، والجارة، والجازمة، فإنه يجوز إدخال كل منها على ما لا يدخل تحت الحصر، وذلك بالنقل متعذر، فلو لم يجز القياس واقتصر على ما ورد في النقل من الاستعمال لبقي كثير من المعاني لا يمكن التعبير عنها لعدم النقل، وذلك مناف لحكمة الوضع، فوجب أن يوضع وضعا قياسيا عقليا لا نقليا، بخلاف اللغة فإنها وضعت وضعا نقليا لا عقليا، فلا يجوز القياس فيها، بل يقتصر على ما ورد به النقل، ألا ترى أن القارورة سميت بذلك لاستقرار الشيء فيها، ولا يسمى كل مستقر فيه قارورة، وكذلك سميت الدار دارا، لاستدارتها، ولا يسمى كل مستدير دارا". اهـ

"الاقتراح في أصول النحو"، ص153، 154.

وكذلك يسمى البيت مربعا كان أو مستطيلا دارا مع عدم وجود وصف الدوران المؤثر في تسمية الدار. فدل ذلك على عدم اعتبار هذا الوصف في تعدية الاسم من عين إلى أخرى.

والله أعلى وأعلم.

ـ[طالب عِلم]ــــــــ[16 - 02 - 2010, 08:50 ص]ـ

بالرغمِ مِن أنني لأوّل مرّة أسمَع بالقياس اللغوي، ولأنهُ أكبَرُ مِن ثقافتي؛ إلاّ أنني أحاول أن أفهَم منهُ شيئاً.

وعليه أقول: الله يعطيك عافيَة يا أستاذي القدير:

(المهاجر)

على هذهِ المعلومات المُفيدة والأمثِلة الدالّة

وشكراً لك

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير