تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

إِرْشَادَاتٌ وَمَوَاعِظُ وَدُرُوسُ وَعِبَرٌ وَأسْرَارٌ وَآَيَاتٌ فيِ آَيَاتٍ تَجْعَلُكَ تَغُوصُ فيَ بَحْرٍ مِنَ الْعُلُومِ والْمَعَارِفِ. وَإِنَّكَ إِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ قِرَاءَةً سَلِيمَةً، وَتلاَوَةً صَحِيحَةً. أَدْرَكْتَ أَنَّهُ يَمْتَازُ بِأُسْلُوبٍ. إِيقَاعِيٍّ يَنْبَعِثُ مِنْهُ نَغَمٌ سَاحِرٌ يَأْخُذُ الأَلْبَابِ، وَيَسْتَرِقُ الأَسْمَاعَ، وَيُسِيلُ الدُّمُوعَ مِنَ الْعُيُونِ. وَيَسْتَوْلِي عَلَى الأَحَاسِيسِ وَالْمَشَاعِرِ ... فَسُبْحَانَ مَنْ أَنْزَلَ هَذَا الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا ... كُلَّمَا ازْدَادَ عِلْمُكَ بِهِ ازْدَادَتْ بَصِيرَتُكَ بِعَظَمَتِهِ وَجَلاَلِ كَلِمَاتِهِ وَجَمَالِ أُسْلُوبِهِ وَكَمَالِ أَدَائِهِ وَعُمْقِ مَعَانِي آَيَاتِهِ الرَّبَّانِيَّةِ الْمُقَدَّسَةِ، وَكُلَّمَا اتَّسَعَ أُفُقُكَ رَأَيْتَ الْقُرْآَنَ أَوْسَعَ وَأَكْرَمَ ... وَكُلَّمَا رَسَخَ فِيهِ عِلْمُكَ زَادَ يَقِينُكَ بِعَجْزِكَ عَلَى الإِتْيَانِ بِمِثْلِهِ وَرَدَدْتَ بِخُشُوعِ الْعَالِمِ الْعَبْدِ الْمُتَعَلِّمِ: هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الأَلْبَاب. وَجَدِيرٌ بِالإِشَارَةِ: أَنَّ مَتَانَةَ الْعَرَبِيَّةِ وَقُوَّتَهَا اللُّغَوِيَّةَ وَفَصَاحَتَهَا الأَدَبِيَّةَ وَجَمَالَهَا الْبَلاَغِيَّ وَرَوْعَتَهَا الْبَيَانِيَّةَ إِنَّمَا تَظْهَرُ بِأَعْلَى دَرَجَاتِ الْكَمَالِ فيِ آَيَاتِ اللهِ الْبَيِّنَاتِ عَبْرَ سُوَرِ الْقُرْآَنِ الْكَرِيمِ. فَاللُّغَةُ الْعَرَبِيَّةُ هِيَ أَوْسَعُ بَابٍ يَدْخُلُ مَنْهُ الإِنْسَانُ إِلَى رَحَابِ الْقُرْآَنِ بِسِعَةٍ لاَ يُدَانِيهَا لُغَةٌ مِنَ اللُّغَاتِ الإِنْسَانِيَّةِ. ولِهَذَا امْتَزَجَتِ اللُّغَةُ الْعَرَبِيَّةُ بِالْقُرْآَنِ الْكَرِيمِ امْتِزَاجَ الْمِلْحِ بِالطَّعَامِ، فَاكْتَسَبَتْ بِهِ رَصَانَةً وَقُدْرَةً مُهَيْمِنَةً حَمَلَتْهُ إِلَى أَعْمَاقِ الْقُلُوبِ وَقَرَارَةِ النُّفُوسِ، فَأَنْتَهَجَ الْعُلَمَاءُ بِفَضْلِ اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ مَنَاهِجَ بَارِعَةً فيِ تَفْسِيرِ آَيَاتِهِ، وَتَصْنِيفِ أَحْكَامِهِ، وَشَرْحِ حَقَائِقِهِ وَإِثْبَاتِ مَجَازِهِ فيِ مَوَاطِنِ إِعْجَازِهِ ... وَمِنْهُ قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْوَعِيِ والْبَلاَغَةِ فيِ نَظْمٍ وَجِيزٍ:

رُوضُوا عَلَى مَنْهَجِ الْقُرْآَنِ أَنْفُسَكُمْ * يَمْدُدْ لَكُمْ رَبُّكُمْ عِزًّا وَسُلْطَانًا

مَا أَجْمَلَ الضَّادَ تِبْيَانًا وَأَعْذَبَهَا * جَرْسًا وَأَفْسَحَهَا لِلْعِلْمِ مَيْدَانًا

ثُوبُوا إِلىَ الضَّادِ وَاجْنَوْا مِنْ أَزَاهِرِِهَا * وَاسْتَرْوِحُوا صُوَرًا مِنْهَا وَأَلْوَانَا

مِنْ آيَاتِ عَظَمَةِ الْقُرْآَنِ الْمَجِيدِ: تَعْبِيرُهُ الْعَزِيزُ الْفَرِيدُ عَنِ الْمُسْتَقْبَلِ بِلَفْظِ الْمَاضِي تَنْبِيهًا عَلَى تَحَقُّقِ وُقُوعِهِ كَمَا فِي الآَيَاتِ الْكَرِيمَةِ التَّالِيَةِ: أَتَى أَمْرُ اللهِ فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ. (النحل/1). وَإِذْ قَالَ اللهُ يَاعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِن دُونِ اللهِ، قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ، إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوب * مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاَّ مَآ أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيد. (المائدة/116). وَمِنْ آيَاتِ عَظَمَتِهِ: تَفَوُّقُهُ عَلَى ظُرُوفِ

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير