تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

تقدم أبو جعفر إلى الإمام أحمد وهو جالس فسلم عليه:

- السلام عليكم ورحمة الله يا إمام أهل السنة

- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

- أسأل الله العظيم أن يفرج كربتك ويفك أسرك وأن يهدي خليفتنا إلى الحق

- آمين

- عندما أخبرت إنك حملت إلى الخليفة، أسرعت فعبرت الفرات لألتقي بك فلدي بعض كلمات أحببت أن أشد أزرك بها

- تعنيت يا أبا جعفر

- ليس هذا عناء! فالخطب عظيم

- قل ماعندك

- يا إمام أنت اليوم رأس الناس، والناس يقتدون بك

فو الله لئن أجبت َليُجيبُنَّ بإجابتك خلقٌ كثير من خلقِ الله تعالى، وإنْ أنتَ لم تُجِب ْليمتنِعُنَّ خلقٌ مِنَ الناس كثير، ومع هذا فإنَّ الرجل إنْ لم يقتلك فإنَّك تموت، ولابدَّ مِنْ الموت، فاتَّقِ الله ولا تُجيبهم إلى شيء.

فجعل الإمام أحمد يبكي ويقول: ما شاء الله، ما شاء الله.

واستمرت القافلة بالمسير فبلغ الإمام أحمد تأكيدات من الجند أن المأمون توعده بالقتل الأكيد إن لم يوافقه على مقولته ..

لم يكن المأمون يدري أنه يؤذي ولياً من أولياء الله الصالحين المخلصين، لو أقسم على الله لأبره ولو دعا لأجابه، فأمثال هؤلاء الرجال يدعون للخليفة بالهداية ولا يدعون عليه فهذه هي سنة العلماء وهذا ما أخذوه من رسولهم الكريم صلى الله عليه وسلم

ولكن المأمون تمادى وأخذته العزة بالإثم واغتر بجنده وقوته وسلطانه

ولم يعلم أن الدعاء سهم مسموم قاتل

وإن دعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب

ولم يكن أمام الإمام أحمد مفر من الدعاء ليوقف المأمون عند حده

فدعا، ولكن بماذا دعا؟

لم يقل اللهم اقض على الخليفة أو أهلكه أو مزق ملكه وسلطانه

فمثله لا ينطق بهذا، فهو عالم رحيم بإخوانه وإن أساءوا إليه مقتدٍ برسوله الكريم صلى الله عليه وسلم، ولم يكن مثله ليخرج على سلطانه أو يحاربه حتى بالكلمة فهو يعرف قدر السلطان وإنه يجب أن يطاع ولو أخذ ماله وجلد ظهره

ولكن موقفه هذا فيه الفصل بين الحق والباطل

علماء سوء زينوا للخليفة الباطل فإن أجابهم لمضت سنة في الخلق إلى يوم القيامة

فلا بد أن يصبر

فهو ليس كبقية العلماء الذين ربما لن يتعدى تأثير كلمتهم قريتهم، ولكنه إمام أمة كاملة لو قال شيئاً لقالت الأمة به

بل دعا بدعاء خفيف بسيط: اللهم لا تجمع بيني وبين الخليفة المأمون

وكأن هذا الدعاء البسيط انطلق كسهم قاتل فأصاب المأمون في مقتل

فقبل أن تصل القافلة إلى قصر الخليفة تواترت الأخبار بموت المأمون من غير مرض أو تعب

أصبت بمقتل أيها المأمون فقط لأن الإمام أحمد دعا: (اللهم لاتجمع بيني وبين الخليفة المأمون)

فكيف إن رفع يديه ودعا عليك اللهم خذه أخذ عزيز مقتدر؟!!

فأين جندك وحرسك وحشمك وخدمك الآن؟

نعم هلك المأمون من غير علة أو سبب

هلك وهو في عنفوان شبابه وقوته

هلك وهلك معه بطشه وجبروته

ولولا عداوته للإمام لذكره الناس بالخير وترحموا عليه

ولكن هي النفوس الشيطانية في بلاطه التي نفثت الاعتزال في عقله وقلبه وملأت رأسه على العلماء والدعاة فحاربهم شر حرب وقتل وعذب منهم الكثير

بل ووصلوا إلى حد إجبار الناس على بدعهم وضلالهم بل و فرقوا بين الرجل وزوجه إن كانا مختلفين في هذه العقيدة!!

ذهب المأمون ضحية ظلمه وأصيب بسهم من سهام الليل

وأعيد الإمام أحمد إلى حبسه في بغداد

انتهى (1)

ـ[سالم سلامة]ــــــــ[30 - 01 - 2010, 05:57 م]ـ

رحم الله الخليفة المأمون وإمام أهل السنّة أحمد بن حنبل

ـ[كرم مبارك]ــــــــ[31 - 01 - 2010, 10:45 ص]ـ

شكراً سالم سلامة وبارك الله فيك

ـ[أبا حسن]ــــــــ[31 - 01 - 2010, 11:18 ص]ـ

ليس فقط الخليفة المأمون بل مجموعة من الخلفاء

فتنوه بالفقر والمال

ـ[سوسنة القلب]ــــــــ[31 - 01 - 2010, 02:32 م]ـ

سبحان الله الذي رزقه قوه الايمان والصبر علي البلاء رحم الله الامام احمد بن حنبل جزاءه الله خير الجزاء علي ماقدمه لاسلام والمسلمين اللهم ارزق ولاء امورنا البطانه الصالحه واصلح حالنا وحاله امه محمد صلي الله عليه وسلم

يجزاك الله خير الجزاء علي طرح السيره العطره

ففيها

تسلسل رائع .. ووقفات رائعة من هذه المحنة

نتعطش للمزيد من أمثال هذه الابتلاءات ومافيها من عبر ..

بوركت يا اخي

وجعلها الله في ميزان حسناتك

ـ[زهرة متفائلة]ــــــــ[31 - 01 - 2010, 09:08 م]ـ

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير