وبيينا وبين ابن هود قول الرب الخبير الحكيم في محكم التنزيل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآَيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ).
وهي خطة تشبه من وجه خطة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لما أمر نعيم بن مسعود، رضي الله عنه، بتخذيل الأحزاب المحاصرين للمدينة النبوية فأوقع بينهم وبين بني قريظة في القصة المعروفة، وقد نجح "سواريز" في تقليد نعيم، رضي الله عنه، إلى حد كبير، ولعله قرأ سيرته، أو بلغه خبره فاعتبر به.
ومما تذكره الرواية النصرانية في هذا الموطن، أن "فرناندو" أمر بأن تنزع النواقيس التي كان الحاجب المنصور بن أبي عامر مقدم الدولة العامرية، رحمه الله، قد أخذها من كنيسة شنت ياقب أو: "سنتياجو" حين غزوه لمدينة "شنت ياقب" في سنة 387 هـ، وحملها الأسرى النصارى على كواهلهم حتى قرطبة، وهنالك جعلت رؤوسا للثريات الكبرى بالجامع، فأمر بأن تنزع وأن يحملها الأسرى المسلمون على كواهلهم إلى شنت ياقب، لترد هنالك إلى أمكنتها بالكنيسة الكبرى، في صورة مكررة لما فعله الحاجب المنصور ولكن في الاتجاه المعاكس!.
بتصرف من "دولة الإسلام في الأندلس"، (6/ 425).
والأيام دول، والقوم لا ينسون ثأرهم، وما أشبه حادثة "فرناندو" بحادثة القائد الفرنسي، الجنرال "جورو"، الذي نزلت قواته بالشام فمضى، أول ما مضى إلى قبر القائد صلاح الدين الأيوبي، رحمه الله، وداسه بقدمه قائلا: الآن عدنا يا صلاح الدين، أو كلمة نحوها، ومن قرأ التاريخ عرف الصديق من العدو، فسنة الله، عز وجل، ثابتة لا تتغير وإن تغيرت الأزمان والأعيان.
ومن ذاكرة التاريخ المعاصر:
تولي خبير أجنبي آخر هو القائد الإنجليزي "جلوب" باشا لقيادة الجيوش العربية في حرب 48 وقد أبدى ضروبا من الخيانة من أبرزها:
1_ ما تقدم من خذلان أهل حيفا.
2_ ورفضه طلب المجاهدين الهجوم على بعض معسكرات اليهود تخفيفا للضعط عن المقاتلين في معركة القسطل مع قرب نفاد الذخيرة، فهجوم الجيش العربي كفيل بإشغال اليهود بفتح جبهة قتال ثانية. وقد حذا حذوه أحمد صدقي قائد اللواء الرابع من ألوية الجيش العربي.
3_ وإخلاء صحراء النقب من الجنود فاستولى عليها 300 مقاتل يهودي فقط!.
4_ وتسليمه منطقة اللد والرملة لليهود بعد أن كانت بيد جيش الجهاد المقدس بقيادة الشيخ حسن سلامة قائد المنطقة الوسطى، ومن ثم أبرق إلى القائد اليهودي مهنئا بالاستيلاء على تلك المنطقة!.
ومن أبرز رجالات جيشه:
الضابط "لوكيت" ياور الجنرال ونجت الذي أشرف على إنشاء وتدريب العصابات الصهيونية كالهاجاناه وشتيرن وزفاي لومي، وقد كان رسول جلوب إلى الجيش المصري المحاصر في الفلوجة بخطة الإنقاذ التي كان من أبرز بنودها: إلقاء السلاح والتنكر في ملابس النساء طلبا للنجاة!، وقد كان في الجيش بقية رجال فأصدر اللواء أحمد فؤاد صادق الأمر إلى الأميرالاي السيد طه قائد القوات المحاصرة في الفلوجة بطرد السكير لوكيت، والثبات وعدم إلقاء السلاح فذلك خير وأحسن تأويلا من إلقائه والتنكر في زي النساء وقد كافأ النظام المصري اللواء فؤاد صادق بتنحيته عن منصبه!.
وتلك خطة أدمنتها القيادات المصرية التالية فرأينا مهزلة انسحاب الجيش المصري ومنع الطيران المصري من ضرب قوات يهود وخسارة البنية التحتية للجيش فضلا عن أعداد كبيرة من الجنود فضلا عن الهزيمة النفسية بالفرار من مواجهة أذل أهل الأرض، وهو أمر تكرر في 56، 67، وكان الأمر في 67 أنكى وأمر، كما قد علم، وكلاهما كان في عهد الزعيم الخالد الذي ذاقت الأمة تحت قيادته الحكيمة هزائم من العيار الثقيل!.
والكولونيل: جولدي، وهو أحد الضباط الإنجليز اليهود! في الجيش العربي، وكان قائدا للمنطقة المحيطة ببيت المقدس، وقد تولى تسريب خطط الجيش تباعا من جلوب القائد العام إلى الكولونيل اليهودي موشيه ديان الذي صار وزير دفاع الكيان الصهيوني بعد ذلك!.
فكيف يكون أولئك قادة وضباطا لجيش يحرر يحمي المقدس وأكنافه من دنس اليهود.
¥