تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ومع هذا يكرمنا الله ويشرفنا بهذا الدين، حتى ليكون المؤمن أكرم على الله من الكعبة نفسها .. الحمد لله الذي هدانا لمعرفته .. ونسأله الثبات ..

فعلى أي شيء ينتفخ الإنسان ويصاب بالغرور!!؟

في ذلك اليوم مع ذلك الأخ شعرت أنني لا أتلقى درسا في الفلك ..

بل والله خرجت من عنده وأنا أشعر بوضوح تام أنني تلقيت درسا في صلب العقيدة ..

لقد اهتز قلبي لجلال الله سبحانه ..

لقد خرجت من عنده وأنا أكاد لا أرى الدنيا وما فيها .. وأنا فيها!!!!!

ذلك الموضوع إنما كان ثمرة تلك الجلسة .. التي أثمرت حالة روحية متميزة ..

شيء آخر عجيب ....

حين عدت أتأمل أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم

وهو يتحدث عن الدنيا رأيت ثم رأيت شيئا عجبا ..

.. يقول عن الدنيا (تذكروا حكاية النقطة):

لو كانت الدنيا تساوي عند الله جناح بعوضة ما سقى الكافر منها شربة ماء!!!!

لاحظوا (جناح) يعني شيء صغير جدا، لكن الدنيا لا تساوي حتى جناح بعوضة ..

.. وهذا ما باب التقريب للقضية التي نحن بصددها.

وفي حديث آخر: يقول ما معناه:

لو أدخل أحدكم مخيطا في المحيط .. وأخرجه .. فإن الدنيا هي ما يعلق في رأس الإبرة، والآخرة هي المحيط!!!!!! أو كما قال

(صورة عجيبة .. لا سيما إذا تذكرنا تلك النقطة)

أيضا لاحظوا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكرر على الصحابة هذه القضية، ويعززها بأمثلة كثيرة حتى تترسخ في قلوبهم.

فيعرفوا حقيقة الدنيا، وأنها أحقر من أن تتعلق بها قلوبهم ..

وتحقيقا لهذا الهدف. وتعزيزا له .. وتأكيدا عليه ..

مر بهم على جدي ميت ومريض ... فقال: من يشتري هذا بدرهم؟؟ فعجبوا

فأعاد .. فقالوا يا رسول الله جدي ميت كيف نشتريه ... ؟؟ والله حتى لو كان حيا فإن فيه مرض واضح فلا نشتريه؟؟؟

فقال: فإن الدنيا أهون عند الله من هذا عندكم … ..... !!!!!!!!!!!!!!

والأحاديث كثيرة في الباب .. فلتراجع ..

والقرآن الكريم أيضا اعتنى بتقرير هذه القضية كثيرا لأهميتها البالغة ...

نحن اليوم عرفنا حقيقة الدنيا وأنها لا تساوي شيئا من خلال العلم ..

لكن كلام الرسول صلى الله عليه وسلم بالنسبة للصحابة كان أقوى من شواهد عيونهم ..

فعيونهم قد تخدعهم، أما كلام رسول الله فهو وحي صادق لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.,.

على كل حال .. أرجو أن تعيدوا قراءة هذا الموضوع مرارا ...... وتتفكروا فيه ..

وستجدون أنكم خرجتم بجملة من الدروس القوية جدا ..

دروس تنعش القلب، وتسمو بالروح، وتهز النفس .. وتدفع القلب إلى الله دفعا .. ليلتزم تعاليمه ..

ويحمل هم دينه من أجل أن يرضى الله عنه،

فيعوضه بدلا من هذه الدنيا التي لا تساوي شيئا،

يعوضه بدلا عنها بجنة عالية قطوفها دانية، ورب راضٍ غير غضبان ..

ثم عليكم أن تعرفوا شيئا مهما للغاية:

أنني أكون بهذا الدرس (بالذات) ..

قد وضعت قدمي وقدمك ايها القارئ العزيز على طريق مشرق وضاء ..

كيف .. ؟؟

الإمام ابن القيم رحمه الله .. يقول ما فحواه:

بداية الطريق للسير إلى الله سيرا حثيثا نظرتان ..

نظرتان لابد لك منهما ليكون سيرك حثيثا متواصلا ..

النظرة الأولى: أن تعرف حقيقة الدنيا ومقدارها، وأنها لا تساوي شيئا، وان التعلق بها وهم .. وان الركض وراء شهواتها عبث لا طائل منه في النهاية،

وان ..... وأن ..... وأن .... الخ، الخ، الخ J

والنظرة الثانية المكملة: باختصار: أن تعرف حقيقة الآخرة .. وأنها هي الحياة الحقيقية الأبدية .. وفيها النعيم الحقيقي والسعادة الكاملة .. وأنك قد تنتقل إليها الليلة أو غدا. وأنك هناك لا تموت ولا تمرض ولا تحزن، ولا يصيبك غم ولا هم .. و .. و .. و .. الخ الخ .. ومن ثم تشتاق إليها .. وتعمل من أجلها .. وتنافس المتنافسين عليها بهمة وعزيمة ماضية ..

ثم يقرر رحمه الله أن هذا هو منهج القرآن الكريم ..

وأن القرآن كله أحد محاوره الكبرى: هاتان النظرتان وتقريرهما .. وأورد عشرات الآيات والنصوص النبوية لتقرير هاتين النظرتين وضرورتهما لمن أراد التشمير ..

في الختام. أيها القارئ الكريم ..

أحب أن أعطيك واجبا تقوم به .. لتعزز هذه الفكرة فلا تنساها .. !!

احضر فرخ ورق أبيض ناصع كبير .. ثم قم بعمل بروز ملون جميل (إطار)

وعلى الفور ضع اللوحة الجميلة البيضاء في إطار زجاجي وعلقها في صدر المجلس!!!!!!!!!! بلا شك أن كل من يدخل سيثيره العجب

لوحة بيضاء ليس فيها خط واحد .. ولابد أن يسأل عن سر هذه اللوحة.

ومن هنا سيعطيك مجالا للحديث الشجي الشهي حول ما كنا فيه!!!!

أكد عليه في البداية أن هذه أروع لوحة واجمل لوحة على الإطلاق وأقوى اللوحات أثرا على القلب .. !!! ونحو هذا الكلام

.. من باب التشويق، وفتح شهيتهم للإنصات .. ما رأيكم دام فضلكم، أليست فكرة رهيبة ونافعة وتحيل جلساتنا إلى محاور بعيدة عن القيل والقال وما لا خير فيه؟؟

قال الراوي:

أما أنا فقد بادرت مع بداية العام ووضعت نقطة براس قلم مدبب في الحائط المواجه للطلاب ..

ثم أوضحت لهم المقصود من هذه الحركة!!!

وأخذت أقرر في عقولهم: أن هذه النقطة اكبر من الكرة الأرضية بل من المجرة .. !!!

وبين الحين والحين أسأل طلابي اين النقطة التي وضعناها في الحائط؟؟

وهي بالطبع لا يمكن أن يراها أحد منهم أبدا ..

ثم أنبههم أن على كل واحد منهم أن يعرف قدره .. فلا يتكبر على أحد ..

ولا يغتر ولا يعجب .. ولا ينتفش، ولا يتمرد على الله .. ولا .. ولا .. ولا الخ

نسأل الله أن يرزقنا علما نافعا، وقلبا خاشعا، ودعوة مستجابة ..

اللهم آمين. وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

... منقول ...

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير