قال فضيلته: "" وهذه المسألة تحتاج إلى تفصيل، فنقول: الجهل نوعان: جهل يعذر فيه الإنسان، وجهل لا يعذر فيه، فما كان ناشئاً عن تفريط وإهمال مع قيام المقتضي للتعلم، فإنه لا يعذر فيه، سواء في الكفر أو في المعاصي، وما كان ناشئاً عن خلاف ذلك، أي أنه لم يهمل ولم يفرط ولم يقم المقتضي للتعلم بأن كان لم يطرأ على باله أن هذا الشيء حرام فإنه يعذر فيه فإن كان منتسباً إلى الإسلام، لم يضره، وإن كان منتسباً إلى الكفر، فهو كافر في الدنيا، لكن في الآخرة أمره إلى الله على القول الراجح، يمتحن، فإن أطاع دخل الجنة، وإن عصى دخل النار.
فعلى هذا من نشأ ببادية بعيدة ليس عنده علماء ولم يخطر بباله أن هذا الشيء حرام، أو أن هذا الشيء واجب، فهذا يعذر، وله أمثلة:
منها: رجل بلغ وهو صغير وهو في بادية ليس عنده عالم، ولم يسمع عن العلم شيئاً، ويظن أن الإنسان لا تجب عليه العبادات إلا إذا بلغ خمس عشر سنة، فبقي بعد بلوغه حتى تم له خمس عشرة سنة وهو لا يصوم ولا يصلي ولا يتطهر من جنابه، فهذا لا نأمره بالقضاء لأنه معذور بجهله الذي لم يفرط فيه بالتعلم ولم يطرأ له على بال، وكذلك لو كانت أنثى أتاها الحيض وهي صغيرة وليس عندها من تسأل ولم يطرأ على بالها أن هذا الشيء واجب إلا إذا تم لها خمس عشرة سنة، فإنها تعذر إذا كانت لا تصوم ولا تصلي.
وأما من كان بالعكس كالساكن في المدن يستطيع أن يسأل، لكن عنده تهاون وغفلة، فهذا لا يعذر، لأن الغالب في المدن أن هذه الأحكام لا تخفى عليه، ويوجد فيها علماء يستطيع أن يسألهم بكل سهولة، فهو مفرط، فيلزمه القضاء ولا يعذر بالجهل. " القول المفيد: 1/ 170
وسئل العلامة الشيخ ابن عثيمين: ما رأيك فى مسلمين يستغيثون بالسادة والأولياء وغيرهم؟
الجواب: إذا كان فى بلاد الإسلام التى يظهر فيها التوحيد وليس فيها شىء من شعائر الكفر, وهو يعيش بينهم؛ فإنه لا يعذر فيه.
ثم بين الشيخ حال من كان فى البلاد التى تكون فيها شعائر الشرك ظاهرة أو غالبة!!
فقال: فذلك قد يعذر بالجهل! لإنه قد يكون عاميا لايدرى عن شىء أبدا .. ولم ينبهه أحد على ذلك!! {س1215 من أسئلة لقاء الباب المفتوح}.
وقال الشيخ العلامة صالح الفوزان-حفظه الله- تعقيبا على ما نقله عن الشيخ الإمام محمد بن عبدالوهاب وهو قوله: "فإنك إذا عرفت أن الإنسان يكفر بكلمة يخرجها من لسانه وقد يقولها وهو جاهل فلا يعذر بالجهل."! قال الشيخ الفوزان معقبا:
"قد يقول الإنسان كلمة من الكفر تحبط عمله كله كالرجل الذى قال: "والله لا يغفر الله لفلان , فقال الله جل وعلا: من ذا الذى يتألُى علىُ أن لا أغفر لفلان. إنى قد غفرت له وأحبطت عملك" كلمة واحدة تجرأ فيها على الله وأراد أن يمنع الله أن يغفر لهذا المذنب فالله جل وعلا أحبط عمله وغضب عليه, والإنسان قد يتكلم بمثل هذه الكلمة ونحوها فيخرج من دين الإسلام؛ فالذين مع النبى لما قالوا ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء أرغب بطونا وأكذب ألسنا وأجبن عند اللقاء يزعمون أنهم قالوها من باب المزح ويقطعون بها الطريق بزعمهم, قال الله فيهم {قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزؤن*لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم} دل على أنهم مؤمنون فى الأول فلما قالوا هذه الكلمة كفروا والعياذ بالله مع أنهم يقولونها من باب المزح واللعب."!! [شرح كشف الشبهات: ص70].
وقال أيضا: "وهذا يدل على بطلان قول من يقول: إن من قال كلمة الكفر أو عمل الكفر لايكفر حتى يعتقد بقلبه ما يقول ويفعل , ومن يقول إن الجاهل يعذر مطلقا ولو كان بإمكانه أن يتعلم ويسأل وهى مقالة ظهرت ممن ينتسبون إلى العلم والحديث فى هذا الزمان"!! [المرجع السابق:73].
وقال أيضا: " لافرق بين شرك الأولين وشرك هؤلاء ا الذين يدعون الإسلام وهم يعبدون القبور والأولياء والصالحين لأنهم لا يعرفون معنى العبادة ومعنى الشرك فصاروا يخلطون ويهرفون بما لا يعرفون وهذه نتيجة الجهل بعقيدة التوحيد الصحيحة والجهل بما يضادها من الشرك فإن من لايعرف الشىء يقع فيه وهو لا يدرى. ومن هنا تتضح ضرورة العناية بدراسة العقيدة الصحيحة وما يضادها."! [المرجع السابق:122].
وقال: "شرك هؤلاء المنتسبين إلى الإسلام أشد وأغلظ من شرك المتقدمين من أهل الجاهلية من وجهين."!! [ص124].
¥