[الدفاع عن أهل الحديث للأخ فتحي العيساوي حوار مع الدكتور عمارة]
ـ[منهاج السنة]ــــــــ[02 - 10 - 03, 09:42 ص]ـ
الدفاع عن أهل الحديث للأخ فتحي العيساوي
بسم الله الرحمن الرحيم
الدفاع عن أهل الحديث
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين.
أما بعد، فهذا مقال جيد كتبه الأخ الفاضل: فتحي العيساوي ناقش فيه فضيلة الدكتور محمد عمارة في موضوع شديد الحساسية و بالغ الأهمية وهو مفهوم اتباع السلف الصالح، و ما يتعلق بذلك من مسائل علمية منهجية تتفرع عنه كمفهوم الوسطية و الاعتدال و الحرفية و العقلانية و غير ذلك.
وقد كثر في هذه الأيام ظهور فضيلة الدكتور على القنوات الفضائية، وهو يؤدي خدمة للإسلام و المسلمين يجب أن يشكر عليها، و أن يحمد ولا يذم، فإنه قد سخر لسانه للدفاع عن قضايا الإسلام، خاصة العصرية منها، ولا يخلو حديثه من فوائد جمة تنير الطريق و تبدد بعض الشبهات التي يثيرها أعداء الدين و يلغمون بها الساحة العلمية.
و بطبيعة الحال فإن مثله إذا اعتلى مثل هذا الكرسي فلابد أن يواجه بالنقد، فإنه لا يعدم أن يوجد من يخالفه كلية أو جزئيا في بعض ما يتقدم به من أفكار و تحليلات، وهذا أمر طبيعي أرجو من الدكتور أن لا يضيق به، كما أرجو ممن ينتقده أن ينتقده بعلم و عدل ولا يضيع حسناته.
ولولا أن فضيلة الدكتور قد يتعرض أحيانا إلى مسائل من الشرع يؤولها تأويلات باطلة تقع ضمن البدع الظاهرة لما كان يجب التعرض له، ومع ذلك فإن نقده بالدليل الصريح الصحيح لا ينقص من قدره ولا يعطل عمله، بل المرجو أن يزيده رونقا و سدادا.
و أنا و إن كنت شخصيا أخالف فضيلة الدكتور في بعض المسائل، و اعلم سبب توجهه و انتحائه نحو فكر معين و أصول معروفة، قد تجعل من بعض مقالاته امتدادا لفكر المعتزلة و العقلانيين، فإني أعمل معه و مع غيره من علماء و مفكرين بالقاعدة التالية، وهي قاعدة عملية استفدتها من بعض فضلاء أهل العلم المتحققين به، و ملخص هذه القاعدة أن مقالات بعض العلماء و المفكرين أقصد المتأخرين منهم، ومن لم يتحقق علميا بما كان عليه السلف الصالح في الاعتقاد و السلوك و المنهج العلمي، و ضعف بضاعته في الرواية و الآثار، قد تكون في الباطن مقالة اعتزالية أو جهمية أو غربية محضة، وهذا لا يمنع أن يكون صاحبها من حيث العموم صاحب فضيلة و تمييز و خدمة للدين، فمثل هؤلاء نعرفهم ونميزهم عن المعتزلة و الجهمية و المتأثرين بالغرب بنقطة أساسية في التحليل، هي كونهم يجمعون بين المتناقضات تقليدا و ظنا، ولهذا لا يكونون جاحدين للسنة لأنهم يثبتونها من وجه و ينفونها من وجه، فيجمعون بين النفي و الإثبات، فتجدهم في بعض مقالاتهم يثبتون السنة و يدافعون عنها، و في بعضها الآخر ينفونها و يثبتون نقيضها إما تقليدا لمذهبهم و أئمتهم، و إما ظنا بصحته و سلامته، فمثل هؤلاء لا يجب أن نقول عنهم: إنهم معتزلة أو جهمية لمجرد أن بعض مقالاتهم باطنها باطن الفكر الاعتزالي و الجهمي.
وعليه، يجب معاملتهم بالحسنى، و الرد عليهم بالتي هي أحسن، وعدم هضم فضلهم ولا حقوقهم وقد قام بذلك أخونا فتحي العيساوي أحسن القيام، فقام مع الحق الذي تشهد عليه الأدلة المعتبرة و نصره و دل عليه من يجهله، وشرح بعض القواعد العزيزة التي سطرها شيخ الإسلام ابن تيمية و تلميذه و صاحبه ابن القيم، ولم يبغ على الدكتور ولم يعتد عليه، و شهد له بفضله و جهده فأصاب حسنتين و خدم غرضين، وعلى هذا المنوال يجب أن تكون ردود أهل السنة خاصة طلبة العلم منهم، فإنهم الرائد و النموذج الذي يقتدي به غيرهم.
وإضافة إلى ما تفضل به أخونا من ملاحظات علمية صحيحة، فقد ذكرت بعض الاستدراكات على مقال الدكتور محمد عمارة في موضعها من هذا المقال، في هامش الصفحات.
وفقنا الله جميعا للدفاع عن دينه المنزل، و الدعوة إليه دون جور أو بغي على أحد، و أعاننا على جمع كلمة المسلمين على حق وهدى، و الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين، و السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أرزيو، الجزائر بتاريخ 2003 - 09 - 17
مختار الأخضر الطيباوي
الحمد لله وحده و الصلاة والسلام على من لا نبي بعده.
¥